إهانة النعم
تفاعل
تفاعل
الجمعة - 22 يناير 2016
Fri - 22 Jan 2016
نحن بحاجة ماسة إلى قانون يجرم ويكبح جماح هذه الظاهرة والمحاسبة على العبث بالنعم والمنتشر بضراوة هذه الأيام، وفي الحقيقة والأكيد أيضا أن من يمارس هذا السلوك لم يقدر ما أنعم الله عليه من مال، وما ذلك إلا نتيجة سهولة الحصول عليه، فبالتالي قوبلت هذه النعم المحيطة بهم بالجحد والنكران.
في البداية انتشر مقطع ذلك المضيف الذي جعل من دهن العود غسيلا للأيادي، وتوالت المقاطع واحدا تلو الآخر مرورا برمي الهيل أمام الضيوف تكريما لهم حتى وصل بهم الحال إلى طبخ النقود باعتبارها أحد مكونات القهوة، وما زال هذا المسلسل مستمرا حتى الآن.
في المشهد الآخر: إرهاب التجويع الحاصل في مضايا والذي يعد جرما وتجردا من القيم والمبادئ والأخلاق الإنسانية وجريمة بحق البشرية كافة تفوق وحشيتها وفظاعتها الجرائم عبر التاريخ، فقد فاق إرهاب ووحشية التجويع في مضايا مجاعة الصومال في عهد السبعينات بالقرن الماضي على يد الطاغية هيلاسيلاسي.
بين المشهدين ثمة دعوة للتبصر في حال مجتمعنا وما توصل إليه بذخ فاحش أمام مرأى الضيوف الأعزاء، ومدى الاهتمام بهم إلى الحد الذي يشرخ المروءة وينافي ما جاء في تعاليم الدين القويم، هذه الاستماتة في الكرم والاندفاع اللامبرر له لا ينعكس على صاحبه إلا بكم هائل من النقد فضلا على اقتراف الذنب.
تقول القصة القصيرة والمأثورة عن قدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو خير من وطئت قدمه على الأرض، إنه جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ضيفا فلم يجد عنده ما يطعمه، فقال لأصحابه: (من يستضيف هذا)؟ فقال رجل من الأنصار: أنا، فأخذه إلى بيته وقال لامرأته: أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: ما عندنا إلا قوت صبياني. فقال لها: أعدي طعامك، وجهزي سراجك، ونومي صبيانك، ففعلت، ثم قامت كأنها تصلح السراج فأطفأته فجعلا يريانه أنهما يأكلان حتى أكل وشبع وبات الزوج وأهله جائعين. فلما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بصنيعهما سر منهما.. وأنزل الله تعالى «ويؤثرون على أنفسهم ولو كانت بهم خصاصة»، وهنا يتجلى الكرم بأجمل صورة له!
الكرم خصلة حميدة ولكن بالقدر الذي يكرم به المضيف ضيفه لا إهانة النعمة لأجله، هذا إذا كان المقصود من وراء هذه المشاهد هو الكرم الطبيعي لا الكرم الإعلامي الهلامي، والذي يمثل منتجه الطبقة الساحقة (الكادحة)، فلم نر ثريا قام بهذه البذخ الطاغي من قبل سوى كرمهم كطبقة مخملية مستقلة.
في النهاية نشكر مبادرة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بشأن الوعيد لأصحاب مقاطع التبذير والبذخ بالقبض عليهم وإحالتهم إلى هيئة التحقيق والادعاء العام، وعلى ما يبدو أنها أقحمت نفسها بهذا الموضوع المتشعب والذي لا يمكن الحد والسيطرة عليه إلا بقانون صادر من وزارة الداخلية يتضح للجميع.
وبالمناسبة أنا هنا لا أرتدي عباءة الواعظ أو الخطيب، بل إنني أدعو المجتمع إلى نبذ البذخ الطاغي - فقد بلغ السيل الزبى- وندعو إلى قانون يحمي النعمة من إهانتها إلى هذا الحد، لكيلا يعاقبنا الله بما فعل السفهاء منا.
في البداية انتشر مقطع ذلك المضيف الذي جعل من دهن العود غسيلا للأيادي، وتوالت المقاطع واحدا تلو الآخر مرورا برمي الهيل أمام الضيوف تكريما لهم حتى وصل بهم الحال إلى طبخ النقود باعتبارها أحد مكونات القهوة، وما زال هذا المسلسل مستمرا حتى الآن.
في المشهد الآخر: إرهاب التجويع الحاصل في مضايا والذي يعد جرما وتجردا من القيم والمبادئ والأخلاق الإنسانية وجريمة بحق البشرية كافة تفوق وحشيتها وفظاعتها الجرائم عبر التاريخ، فقد فاق إرهاب ووحشية التجويع في مضايا مجاعة الصومال في عهد السبعينات بالقرن الماضي على يد الطاغية هيلاسيلاسي.
بين المشهدين ثمة دعوة للتبصر في حال مجتمعنا وما توصل إليه بذخ فاحش أمام مرأى الضيوف الأعزاء، ومدى الاهتمام بهم إلى الحد الذي يشرخ المروءة وينافي ما جاء في تعاليم الدين القويم، هذه الاستماتة في الكرم والاندفاع اللامبرر له لا ينعكس على صاحبه إلا بكم هائل من النقد فضلا على اقتراف الذنب.
تقول القصة القصيرة والمأثورة عن قدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو خير من وطئت قدمه على الأرض، إنه جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ضيفا فلم يجد عنده ما يطعمه، فقال لأصحابه: (من يستضيف هذا)؟ فقال رجل من الأنصار: أنا، فأخذه إلى بيته وقال لامرأته: أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: ما عندنا إلا قوت صبياني. فقال لها: أعدي طعامك، وجهزي سراجك، ونومي صبيانك، ففعلت، ثم قامت كأنها تصلح السراج فأطفأته فجعلا يريانه أنهما يأكلان حتى أكل وشبع وبات الزوج وأهله جائعين. فلما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بصنيعهما سر منهما.. وأنزل الله تعالى «ويؤثرون على أنفسهم ولو كانت بهم خصاصة»، وهنا يتجلى الكرم بأجمل صورة له!
الكرم خصلة حميدة ولكن بالقدر الذي يكرم به المضيف ضيفه لا إهانة النعمة لأجله، هذا إذا كان المقصود من وراء هذه المشاهد هو الكرم الطبيعي لا الكرم الإعلامي الهلامي، والذي يمثل منتجه الطبقة الساحقة (الكادحة)، فلم نر ثريا قام بهذه البذخ الطاغي من قبل سوى كرمهم كطبقة مخملية مستقلة.
في النهاية نشكر مبادرة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بشأن الوعيد لأصحاب مقاطع التبذير والبذخ بالقبض عليهم وإحالتهم إلى هيئة التحقيق والادعاء العام، وعلى ما يبدو أنها أقحمت نفسها بهذا الموضوع المتشعب والذي لا يمكن الحد والسيطرة عليه إلا بقانون صادر من وزارة الداخلية يتضح للجميع.
وبالمناسبة أنا هنا لا أرتدي عباءة الواعظ أو الخطيب، بل إنني أدعو المجتمع إلى نبذ البذخ الطاغي - فقد بلغ السيل الزبى- وندعو إلى قانون يحمي النعمة من إهانتها إلى هذا الحد، لكيلا يعاقبنا الله بما فعل السفهاء منا.