الوجه القبيح لشارلي إبدو

الجمعة - 22 يناير 2016

Fri - 22 Jan 2016

عندما هاجم مسلحون مبنى مجلة شارلي إبدو في باريس يوم 7 يناير 2015 وقتلوا 12 من المحررين والموظفين، بمن فيهم رئيس التحرير نفسه، وجرحوا آخرين، انتفضت شعوب العالم كلها غضبا في الشرق والغرب على هذا الاعتداء الغاشم وأدانته بأشد العبارات.

وتوجه العديد من قادة دول العالم بمن فيهم القادة العرب والمسلمون إلى باريس لتقديم واجب العزاء والتخفيف من ألم المصاب.

وهذه المجلة الكارتونية الساخرة كانت، ولا تزال، تطبع رسوما مسيئة لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم رغم المطالبات الكثيرة لها بعدم عمل ذلك.

وبعد أن فشلت المطالبات في أن تجد أذنا صاغية، انقلبت إلى تهديدات، غير أن المجلة لم تأبه لها واستمرت في غيها وفي سخريتها من النبي الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

والمضحك المبكي في أمر هذه المجلة هو أنها لم تهاجم أو تسخر في أي مرة من الممارسات الإسرائيلية غير الإنسانية ضد الشعب الفلسطيني، ولم تغمز أو تلزم إلى إسرائيل، حتى ولو بطريقة غامضة، في رسوماتها.

وعندما وقع الهجوم المسلح ضد المجلة كنت من بين الإعلاميين العرب والمسلمين الكثيرين الذين أدانوه وانتقدوه وأظهروا مساندتهم للمجلة رغم علمهم الكامل بعوراتها ومآخذها.

ونحن بالقطع لا نحتمل أي سخرية من رسولنا الكريم وبالتالي فنحن لا نتفق أبدا مع سياسات المجلة ومواقفها، لكننا ننبذ العنف ولا نقبله ضد كائن من كان.

وقد أعربت عن هذا الرأي بصورة واضحة في مقابلة مع أحد الصحفيين الغربيين لكن المجلة لم تحترمه ولم تلتفت إليه ولم تقدر آراء كل الكتاب المسلمين والعرب الذين ساندوها.

واستمرت في مواقفها المحتقرة للإسلام والمسلمين لعل آخرها الرسم الكاريكاتوري في صحفتها الأولى بمناسبة الذكرى الأولى للهجوم عليها.

ونعلم كلنا، في قرارة نفوسنا، بالطبيعة العنصرية البغيضة لهذه المجلة وحتى الذين يروجون لحرية التعبير قد شعروا بالامتعاض بل والقرف من مواقف هذه المجلة المعادية تماما لكل ما هو عربي ومسلم.

وقد غضب المدافعون عن حرية الرأي أشد الغضب من موقف المجلة تجاه موضوع الطفل الكردي إيلان كردي، الذي جرفته أمواج المتوسط في الشواطئ التركية جثة هامدة بلا حياة وهو يبدأ خطواته الأولى في مشوار حياة لم تكتمل.

وكان هذا الموقف حقيرا وتافها ومقززا وقبيحا إن لم نقل أكثر من ذلك.

وقد بكى والد الطفل كما بكى الكثيرون عندما رأينا رسما كارتونيا على المجلة للطفل إيلان وهو شاب يطارد النساء في أوروبا للفتك بهن.

كان هذا تصور المجلة القبيحة للطفل الضحية إذا أمهله القدر وصار شابا، مما يعني أن المجلة تقول بكل وضوح إنه من الأفضل أن هذا الطفل قد مات قبل أن يصير رجلا.

أما موقف والده فهو مغاير وإنساني وقال إن ابنه إذا كان قدر له أن يكبر فربما صار طبيبا أو مهندسا أو مدرسا، أي إنه سيكون مواطنا نافعا وقد يكون أبا عظيما يخلف وراءه أطفالا نابهين.

وقد أغضب هذا الرسم الذي يصور الطفل وحشا آدميا إذا كبر كل الناس من كل الأديان والطوائف، وقد أعجبني بصفة خاصة الرد القوي الذي كتبته الملكة رانيا ملكة الأردن التي استنكرت بأشد العبارات الممتعضة موقف المجلة البغيض.

وقد أكدت هذه المجلة مرة أخرى وجهها القبيح بتشويه صورة طفل بريء أغرقه موج البحر ومات ضحية حرب لا عقل لها.

وكان هذا الرسم لا أخلاقيا ولا إنسانيا وهو لا يقل بشاعة عن وحشية مجرمي الحرب والإرهاب، وقد أدانه كل الناس تقريبا وكل المنظمات الإنسانية وغيرها خاصة دعاة حرية الرأي والتعبير في الغرب.

لقد كان ذلك يوما حزينا في حياتنا وقد أظهر لنا تماما كم تساوي حياتنا في نظر الغرب، وما هي قيمتها عندهم، لكن السؤال المهم هو: ما هي قيمة حياتنا عندنا وكم تساوي لنا؟

[email protected]