الانتقائية في انتقاد الغرب

تفاعل
تفاعل

الخميس - 21 يناير 2016

Thu - 21 Jan 2016

نعوم تشومسكي، عالم اللغويات الشهير بجامعة أم آي تي والناشط السياسي المناهض للحكومات الأمريكية، سئل أي البلاد تفضل للعيش بها؟ فرد أمريكا! وكان يقول في أمريكا يمكن أن تنتقد الحكومة وأنت آمن. للأسف كثير من المعجبين بتشومسكي من الإسلاميين والقوميين العرب يغفلون بتعمد عن قوله هذا ولا يستحضرون سوى نقده للحكومة الأمريكية.

في الأدبيات الغربية، نقد كبير للرأسمالية والعقلانية والديموقراطية والليبرالية ووضعية المرأة، لكن مؤلفي هذه الكتب لا يريدون بالنقد أنها خيارات سيئة بالكامل، وإنما يعتبرونها خيارات غير كاملة، خيارات تحتاج إلى مزيد من التحسين.

ويا للأسف، ينقل هذا النقد لنا على أن هذه الخيارات سيئة بالكامل، ويقال لنا مثلا انظر كيف يتحدث عقلاء الغرب عن مهزلة الديموقراطية. لكن أي من نقاد الغرب لا يفضل حكومة عسكرية أو تسلطية وإنما يريد أن ينتبه الناس لبعض عيوب الديموقراطية حتى يحسنوها، لأن أي خيار في الدنيا لا يمكن أن يكون خاليا من أي عيب أو نقص، وإنما يحتاج للمراجعة والتعديل مرة بعد مرة.

تتناول الأدبيات الإسلامية المتعلقة بالمرأة أقاويل للروائية الشهيرة أجاثا كريستي تنتقد فيها وضعية المرأة في العصر الحالي، أجاثا كريستي إذا فعلت ذلك، لا تريد أن تكون هي أو بنات جيلها سيدة بيت، لا تعمل لأنها مشغولة بإنجاب 8 أطفال وتتلهى بهم وبأحفادهم! هي تريد أن تحسن من وضع المرأة في العصر الحالي.

للأسف، شحن البعض عندنا بهذه التصورات الخاطئة، ثم يسافر للغرب ويرى بأم عينيه كيف يستمتع الناس هناك بمفاهيم مثل (الفردية - الليبرالية - العقلانية) ثم يرجع من دون أن يفحص تصوراته المغلوطة.

الانتقائية في النقد أن نختار ما يعجبنا من كلام شخصية ما ونغفل عن بقية حديثها المتعلق بنفس القضية. خيانة في النقل وضعف في الأمانة العلمية.

كما أنه يضعف العقلية النقدية، العقل الناقد هو عقل ينظر للإشكاليات من زوايا مختلفة، وليس عقلا لا يرى سوى جانب واحد من الإشكالية.

لا بد أن نعي أن النقد في الأدبيات الغربية لا يعني الرفض، وإنما يعني تبيين جوانب النقص حتى يحسن المنقود.