ما الرادع لإيران؟!

الخميس - 21 يناير 2016

Thu - 21 Jan 2016

نتفق على أن إيران دولة إمبريالية تسعى لتوسيع نفوذها في المنطقة، لكن كما هو ملاحظ فإنها تتمدد غربا باتجاه المنطقة العربية بشكل متوحش، على عكس تمددها شرقا الذي يأخذ شكلا أقل عنفا، ويبدو مشابها للسلوك الإمبريالي الغربي.

ففي أفغانستان وطاجيكستان وبقية دول جنوب «وسط آسيا» تنتشر المراكز الثقافية الإيرانية في الجامعات والمساجد وغيرها للتبشير بالمذهب الاثني عشري، وتستقطب أساتذة الجامعات ورؤساء الأحزاب والبرلمانيين وغيرهم من الكوادر السياسية والثقافية والاجتماعية في تلك البلدان، ففي أفغانستان مثلا هناك ما يقرب من أربعين نائبا في البرلمان يقبضون مخصصات شهرية من الحكومة الإيرانية، التي استطاعت استقطاب كافة أبناء القومية الطاجيكية (الفارسية) في أفغانستان بسنتها وشيعتها.

سلوك إيران هذا، وإن كان يهدد الأمن القومي للدول العربية، ودول المنطقة مثل تركيا وباكستان، إلا أنه قد يبدو ممارسة طبيعية للقوة الناعمة لدولة تسعى لتوسيع نفوذها، حتى وإن كان هذا غير مقبول من وجهة نظرنا، إلا أنه مقبول من وجهة نظر المجتمع الدولي، وتمارسه دول مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا، ومارسته السعودية قبل 11 سبتمبر، ونجحت في تقوية شبكة حلفائها في آسيا وأفريقيا من خلال المساعدات والأعمال الخيرية والبعثات الدراسية والرحلات الدعوية.

هذه هي قواعد لعبة النفوذ المتعارف عليها مع الأسف في القانون الدولي وما يسمى «القوة الناعمة»، فمن خلال هذه اللعبة شيّعت إيران ما يقرب من 10 ملايين أفريقي! وقد قابلت ذات مرة طالبا أرجنتينيا طلب مني مساعدته في تعلم اللغة العربية، لأنه أسلم حديثا واكتشفت أنه أسلم على المذهب الاثني عشري على يد مبشر إيراني اسمه مهدي في أمريكا اللاتينية!

لكن في المقابل تعتمد إيران على الميليشيات المسلحة لتوسيع نفوذها في المنطقة العربية، والسبب أن هناك فراغا سياسيا في دول الهلال الخصيب، ووجود متطرفين مستعدين لتلقي مساعداتها في سبيل تنفيذ رؤاهم السياسية الضيقة المبنية على آرائهم المذهبية المتطرفة، وقد يقول قائل: في الخليج لا يوجد فراغ سياسي ومع ذلك نسمع بين الفينة والأخرى وجود خلايا مسلحة تتلقى الدعم الإيراني لمحاولة زعزعة الأنظمة السياسية في دول الخليج؟!

نعم هذا صحيح والسبب أن الدولة في الخليج لم تتطور قوانينها المتعلقة بشكل الدولة ومؤسساتها وآلية صناعة القرار فيها بنفس السرعة التي تطورت فيها الأنظمة والقوانين المتعلقة بالإدارة.

وفي مثل هذه البيئة يعيش متطرفون ثيوقراطيون سواء كانوا سنة أو شيعة مستعدون لاستخدام العنف، مما يعني أن الوضع يبدو مغريا لنظام الولي الفقيه للتدخل الخشن في مثل هذه الدول.

نسمع بين الفينة والأخرى من بعض الإعلاميين الخليجيين ضرورة التخلي عن أي مطالب إصلاحية والالتفاف حول القيادة في مواجهة الخطر الإيراني، ولكن بكل تأكيد هذه نظرة قاصرة، فلا أحد يريد محاربة القيادة السياسية في الخليج، ولا أحد لديه الرغبة في خسارة المكتسبات التاريخية في بلده، فكل ما في المسألة أن دولنا بحاجة للمأسسة التي تزيد من تماسك المجتمع.

[email protected]