مراكز صناعة القرار السعودية.. حان الوقت

العلم والمعرفة والأبحاث من أهم قواعد بناء أي حضارة واستدامتها، فالمطلع على التاريخ لا يكاد يجد ذكرا إلا للحضارات والأمم التي اشتهرت بالعلم وتسلحت بالمعرفة. العلم والأبحاث علاوة على فائدتها في المساعدة على التفكير بشكل مختلف غير نمطي تعد أهم أسلحة هذا العصر إن لم تكن الأهم على الإطلاق؛ فهي تسهم في رفعة الشأن السياسي والعسكري والاقتصادي وحتى الاجتماعي لأي دولة.

المملكة العربية السعودية حباها الله بالعديد من النعم والخيرات أهمها نعمة الإسلام التي خلقت لها عددا من الأعداء ممن يكرهون السلم والسلام ويحبون إثارة الفوضى وانتشار الإجرام. هؤلاء الأعداء نحتاج أن نكون مستعدين لمواجهتهم متى ما استدعى الأمر ذلك، وكما قال أمير الدبلوماسية الأمير سعود الفيصل - رحمه الله «إننا لسنا دعاة حرب ولكن إذا قرعت طبولها فنحن جاهزون لها».

الاستعداد للمواجهة بالإضافة إلى أنه يستلزم القوة العسكرية يحتاج إلى قوة العلم والمعرفة التي نملكها ولله الحمد ولكن نطمح أن نطورها بشكل أفضل، فجميعنا نعلم بعداوة إيران وإسرائيل للمملكة ولكن لا نجد أي مركز للدراسات والأبحاث يعنى بالشؤون الإسرائيلية أو الإيرانية. بينما نجد إيران وإسرائيل تزخر بالعديد من المراكز التي تعنى بشؤون دول الخليج والسعودية بشكل خاص في كل المجالات ومناحي الحياة ليعلموا كيف نفكر وكيف نعيش محاولين توظيف كل ما بإمكانهم ضدنا.

لست من رواد نظرية المؤامرة لكن الخطر ملموس ومحدق بنا ولا أشد وضوحا من حرق السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد والتصاريح العدوانية ضد السعودية بشكل متكرر ولافت في كل محفل.

مراكز الدراسات والأبحاث تعد إحدى الأذرع لأي دولة لصناعة القرار السياسي والدبلوماسي والاقتصادي وفق آلية ومنهجية علمية بحثية دقيقة، حتى الدول العظمى كأمريكا على سبيل المثال تدعم هذه المراكز وتنميها، فهي تحتوي على أكثر من 1830 مركزا للأبحاث الأمريكية المعروفة بـ(Think Tanks) والتي تلعب دورا مهما ومؤثرا في السياسات الداخلية والخارجية وعملية صنع القرار في الولايات المتحدة، كما يقدر عدد المراكز التي تعنى بدراسات الشرق الأوسط في واشنطن فقط بأكثر من 30 مركزا بحثيا في مجالات متعددة، علاوة على المراكز الأخرى التي تحتضنها الجامعات والكراسي البحثية والمعاهد المختلفة.

الجامعات السعودية نتمنى أن يكون لها دور ملموس بشكل أكبر في دعم القرار السياسي بالأبحاث والدراسات، ونتطلع في المستقبل القريب إلى وجود أكثر من مركز في كل جامعة سعودية وأن تحتضن عددا من الكراسي البحثية التي تسهم في نهضة الوطن والمواطن.

كما نتطلع ونطلب من جهات الاختصاص أن تسهم في إيجاد مراكز دراسات وأبحاث وتنميها في كل المجالات وتحث الجامعات ودور العلم لتفعيل دور البحث العلمي بشكل أكثر فعالية وقوة لصناعة جيل قوي ودولة - بتوفيق الله - أكثر قوة. التسلح بالعلم والمعرفة ليس ترفا بل ضرورة، فهما سلاح هذا العصر وهما الطريق بتوفيق الله إلى النصر ووطننا يستحق منا الكثير الكثير.