شكرا لهذا الإزعاج!

الجمعة - 15 يناير 2016

Fri - 15 Jan 2016

ذات يوم، استيقظت صباحا على ضجيج نقر الصخور التي كانت تدكها الآلات الثقيلة التي تستخدم في مواقع البناء.. كان ذلك في منزلنا الكائن في المدينة المنورة.. المدينة التي تمتاز جغرافيتها بأنها صخرية بركانية وبها الكثير من الجبال.. بالتالي يكثر استخدام البوكلين الدقاق (حفار الصخور) في مواقع البناء..

وهذه الآلة ومثلها هي رموز للبناء وكثيرا ما نراها في عدة مواقع في عدة مدن في السعودية لتعطي إيحاء بأن عملية البناء قائمة ومستمرة.. كتلك المشاريع الحكومية في حينا من (مستوصف للحي ومجمع المدارس الكبير) التي

لا زال البناء فيها قائما..

وقريبا من الحي هناك مشاريع قائمة تتراوح في ضخامتها كمشروع (الممشى) الذي تتخلله حدائق وأشجار للمشي والجلوس فيها، ومشروع (كوبري الهجرة) الذي يراد منه اختصار المسافة للداخلين للمدينة المنورة والخارجين منها دون التعطل بالحركة المرورية داخل المدينة والوقوف في إشاراتها، ومشروع (دار الهجرة) الضخم.. الذي يعد من أضخم المشاريع القائمة وهو عبارة عن 100 برج إداري وسكني لتستوعب ما يقارب 120 ألف نزيل ويخلق 31 ألف وظيفة وبه أكبر محطة تبريد بالعالم.. ليزيد من الطاقة الاستيعابية لاستقبال زوار مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم..

كل هذه المشاريع وغيرها في مدينتي ومثلها في باقي مدن المملكة التي نستيقظ صباحا على دوي الآلات ودك الحفارات بها والأمن والاستقرار اللذان كانا سببا لها.. هي محل شكر لله سبحانه وتعالى الذي سخر لنا هذا البناء..

أرجع قليلا إلى تلك اللحظة التي أيقظتني فيها أصوات الحفارات من نومي بذلك الصوت الذي كان يقرع في أذني صباحا.. سرحت بخيالي بعيدا عن مدينتي وعن بلدي..

حيث هنالك شعوب في نفس اللحظة يستيقظون صباحا على قصف الطائرات ودك المجنزرات التي من شأنها هدم البنايات ونشر القلق والذعر، ويكثر عندهم صوت إطلاق النار ويكثر الهرج وتكثر الأخبار السيئة.. بالتالي تهرب شركات البناء من تلك الأماكن فتتوقف عمليات البناء كافة.. ويعجز الاقتصاد عن النمو وتضعف القدرة على البناء..

فأرجع بخيالي إلى بلدي وإلى مدينتي لأجد قرع الحفارات وضجيجها ممتعا.. ونعمة نحمد الله عليها.. فشكرا لهذا الإزعاج..