الفارغ المؤثر.. الهياط أنموذجا

تفاعل
تفاعل

الجمعة - 15 يناير 2016

Fri - 15 Jan 2016

يقول المثل الشعبي: (اربط الفرس جنب الفرس يرى لعايبه)، بمعنى ربط الخيل بجانب خيل أخرى كفيل بتجيير ممارساتها للأخرى.

كلنا نتأثر حتى بالرفقة. ليس فقط الإعجاب والمتابعة لهما تأثير أقوى ومضمون أعمق على المديين القصير والبعيد، فالطرق التي أمامنا والزمن القادم موحشان جدا، فالجيل الذي سينشأ على مؤثرين فارغين سيكون جيلا فارغا أيضا. أغلب وأشهر المؤثرين على ثقافة المجتمع أشخاص لا مشروع توعويا ولا تثقيفيا لديهم. أكبر مشاريعهم (المشاهير) هي زيادة عدد المتابعين لكسب الضوء فقط، أما المسؤولية الاجتماعية فلا وجود لها أبدا، والذي يريد التأكد من صحة هذه المعلومة فليذهب لبرامج التواصل الاجتماعي (انستقرام - سناب شات)، وسيرى أطفالا بملايين المتابعين، وآخرين غير مسؤولين حتى عن تصرفاتهم وبملايين المتابعين أيضا.

كيف لجيل يؤثر فيه هؤلاء أن يرقى والمؤثرون فيه بحاجة لمن يصوب مسارهم ويؤثر فيهم للأفضل، لا سيما وهم يروجون لتصرفات وأفعال أقل ما يقال عنها مهايطية أو سوقية.

في هذا الوقت الذي تقرأ فيه ما كتبته هنا لك أن تنظر إلى من حولك من سن المراهقة فما دون، ما هو أكثر شيء يرددونه وما هو أكثر شيء يولعون به؟ حتما سيكونون على مراحل من طيور الجنة إلى توم وجيري إلى نجوم السناب والانستقرام إلى من لا يهش ولا ينش في الثقافة المجتمعية أو بالأصح إلى من يدمر ثقافة النشء ويجعله جيلا لا مسؤولا.

ولك أيضا أيها القارئ العزيز أن تذهب إلى برامج التواصل الاجتماعي وتبحث عن المؤثرين الإيجابيين والأشخاص الذين لهم بصمة واضحة في توجيه الفكر والوعي إلى الصواب، ستجدهم للأسف لا يصلون إلى نصف عدد متابعي المؤثرين الفارغين (مشروعيا)! هنا سيتأكد لك ما أرمي إليه بأن الجيل القادم عليه خطر من تصدر الفارغين ثقافيا مشهد التأثير في النشء.

وكما ذكرت في العنوان أن الهياط أنموذج لهذا التأثير اللا مسؤول، فإن من أعظم ما أنعم الله به على ابن آدم العقل فهو استراتيجية البقاء، ولذلك فالمولى جل وعلا يرفع القلم عن المجنون الذي يفقد عقله ولا يوجب عليه ما يجب على العقلاء لأنه أصبح في عالم آخر. حمانا الله وإياكم ومتعنا بعقولنا. ولذلك فالهياط هو تغييب العقل والمنطق ووسيلة جلب أنظار المماثلين.

وقد انتشرت مقاطع فيديو (وهي بلا شك مؤثر قوي) تحكي لنا كيف تم سجن العقل داخل زنزانة المديح وأحكم عليه السجن، فمن أشخاص يغسلون بدهن العود إلى شخص يشق كيس الهيل للضيوف.. إلى ما لا نهاية، وبالمقابل هناك من ينام تحت زمهرير الديون وآخرون جوعى وآخرون هم أو أبناؤهم مرضى لا يستطيعون العلاج في مستشفيات خاصة أو متقدمة، أليس لهم قلوب تتقطع من المعاناة وهذا (المهايطي) يسبح في بحر البذخ الذي أجزم أنه اكتسب ماله دون تعب؟ فالمال الذي يأتي بلا تعب وكدح يذهب في أشياء تافهة كدهن ملكي للغسيل بدل الصابون أو لكيس هيل يشق في مجلس أو لطاولة في بار.

أما المال الذي يسيل عرق صاحبه عليه فلا يذهب إلا في وجوه الحق أو أودعه صاحبه في بنك الصدقات ليسحب منه إذا احتاج في الدار الآخرة.

الفئة المتوسطة أو عديمة الدخل تتقطع قلوبها على الإسراف والبذخ اللذين كانا سيقضيان ديونها أو يكفيان رمق معيشتها.

سيغرس مصورو هذه المقاطع غريزة الهياط في الجيل القادم ليروا أن الكرم هو البذخ والإسراف وإطعام العيون لا البطون.