التغيير.. قادم

الاحد - 13 ديسمبر 2015

Sun - 13 Dec 2015

بعض الناس يحاول إنكار الواقع والعيش في الحلم حتى لو اصطدم بعنف مع الواقع. هذا ما يعيشه البعض في العالم الإسلامي، حيث انفصل عن حاضره ليعيش في ماضيه، الماضي الذي خلقه في مخيلته بغض النظر عن صحته من عدمه. ومثالا على ذلك فقد ظل العرب سنين عديدة يحلمون بالوحدة العربية وواقعهم مليء بالاختلاف والتناقض والقبلية والعنصرية، لذا فلن تجمعهم القومية العربية الهشة التي نخرت في كيانها الجهوية والمكانية والعنصرية. وعليه فإن إنكار الحقيقة لن يغير من الأمر في شيء بل يزيد القضية تأزما وتعقيدا. العالم لن يسمح لنا أن نظل كما نحن نحارب داعش بالسلاح ونترك بعض الدعاة يبث فكره في البسطاء والمغفلين، سوف يفرض علينا التغيير بثمن باهظ. ولن ينفع هذا الفكر مهما حظي من شعبية وسلطوية. لأنه يتناقض مع الواقع الذي يفرض التعايش مع الآخر ونبذ الكراهية. والمشاهد أو المحلل للبرامج التلفازية وبرامج الحوارات الغربية والشرقية يجد أن الأصوات بدأَت ترتفع مطالبة بتحميل المسؤولية لبعض دول الخليج. وأصبح كتابنا المقدس عرضة للتدنيس بالحرق والتمزيق من قبل رعاع الغرب في صمت من المجتمع الغربي والإسلامي. وهذا كله مؤشرات لما هو قادم. والخطير أن العالم أصدر العديد من القرارات الدولية الملزمة التي تفرض على الدول محاربة الإرهاب ومن يرعونه بالفكر والتنظير والرأي، وفي القريب العاجل قد نرى محاكمة أفراد ودعاة حول أفكارهم وآرائهم التي يبثونها باسم الدعوة. وهناك العديد من القرارات الصادرة من مجلس الأمن تتعلق بتقديم الأفراد للمحاكمة والتزام كل دولة على القيام بمسؤولياتها مثل القرار رقم ١٣٧٣ لعام ٢٠٠١ حيث نصت الفقرة ٢/هـ أنه على جميع الدول.. كفالــة تقــديم أي شخص يشارك في تمويل أعمال إرهابية أو تدبيرها أو الإعداد لها أو ارتكابها أو دعمها إلى العدالة وكفالة إدراج الأعمال الإرهابية في القوانين والتشريعات المحلية بوصفها جرائم خطيرة وكفالة أن تعكس العقوبات على النحو الواجب جسامة تلـك الأعمال الإرهابية، وذلك بالإضافـة إلى أي تدابير أخرى قد تتخذ في هذا الصدد. المقصود من هذا الاستدلال أن هناك تصورا عالميا لكيفية التدخل في الشأن الداخلي بذريعة محاربة الإرهاب عملا وتمويلا وفكرا وتنظيرا. عندما طالب الرئيس المصري بوجوب مراجعة الفكر والمناهج في مصر لم يطلب ذلك من فراغ. وسماح الغرب لمنظمات وحركات إسلامية مثل الإخوان المسلمين بالعمل السياسي ما هو إلا وسيلة لتقسيم البلاد والتدخل المباشر في الشأن الداخلي، والعراق مثال واضح فقد اعتمد الدستور الذي رعته أمريكا المحاصصة الطائفية والدينية فكان من أهم أسباب تقسيم العراق الذي نراه على أرض الواقع. التغيير قادم وكتب عنه الكثير من قبل مراكز البحوث وبعض الوثائق مثل الاستراتيجية الإسرائيلية في الثمانينات، لذا يجب أن نبادر بالفعل الإيجابي من أجل حماية الوطن. فالعيش في الماضي وفكر الماضي سيجعلنا ندفع الثمن لا سمح الله غاليا وخاصة في حالة إنكار قدوم التغيير. ولا يعني ذلك الانفصال عن تراثنا، وإنما المطلوب العودة للحب ونبذ الكراهية بألوانها وأشكالها والبعد عن الأحكام المجرمة للآخر وللعالم واعتبار المخالف في النار لمجرد الاختلاف.