في خريف النهار
الأحد - 13 ديسمبر 2015
Sun - 13 Dec 2015
نزل إلى بهو الفندق وأعطى العنوان لموظف الاستقبال الذي نصحه أن يطلب التاكسي لأن العنوان بعيد جدا ولكنه قال: لا حاجة للتاكسي، الأمر الذي أدهش الموظف واعتبر أن في الأمر تحديا أو غرابة غير مألوفة من رجل في سن محدثة، ولكن واقع الأمر أنه عندما يصل إلى هذه المدينة - التي استقبلته وهو في العشرين منذ أربعة عقود - تتلبسه روح ذلك الشاب ابن العشرين وينطلق في شوارعها بنفس نشاطه وحماسه وتعطشه للحياة.
قارب الوقت الظهيرة وكان يمني نفسه بزيارة الحديقة العامة الجديدة (High Line Park) والتي تتحدث المدينة عن افتتاحها مؤخرا وعن قصتها وتاريخها وكان حريصا على أن يتجول بها قبل الغروب ويقضي بها ساعات من يومه الذي خصصه لهذه النزهة من إجازته التي آثر أن يقضيها وحيدا يسترجع ذكرياته التي مضى عليها أربعة عقود مع هذه المدينة التي وقع في غرامها منذ الوصول الأول.
وكان الطريق طويلا وعليه أن يمشي لساعات توقف خلالها في بعض المقاهي الصغيرة ليستريح أو يتناول شيئا يعينه على مسيرة اليوم الطويل في هذه المدينة التي تزينت شوارعها ومطاعمها ومتاحفها ومعارضها كأنها في استقباله وقد غاب عنها لسنوات، وكانت آخر زيارة له إلى هنا منذ أكثر من عشر سنوات.
وبعد مشوار كادت خلاله شمس اليوم أن تغيب أدرك الحديقة التي أرادها منذ أول الطريق، وكانت متعته في التجوال بها لا توصف وتوقف فجأة، حيث أدهشه أن لمح طفلا يقف أمام رجل وامرأة اقتعدا ركنا يعزفان للمارة نغما ينساب حزينا من قيثارة قديمة لهما، يعزف الرجل وتغني المرأة، ويستوقف العزف بعض المارة العائدين بعد يوم العمل كما يطرب الجالسين في الحديقة، وتملأ الموسيقى المكان شجى وتعطره عذوبة، وأثر في نفسه أن أفرغ الطفل ما بجيبه من قطع نقدية صغيرة ومضى يلتفت إلى مصدر الصوت.
تنهد صديقنا وانتحى جانبا وأخذ قرطاسا من سلة في الحديقة وكتب:
في خريف النهار
والشمس تسلم جفنيها يواريها المدار
والضوء يخفي ومضة نسيها الغروب على صفحة الجدار
كان الطفل ينصت مشدوها
يلقي بكفه في علبة القيتار... بقية الدولار
حيث التقى اثنان في أصيل العمر في خريف النهار
يمسحان عن جبين الناس عناء اليوم
وعن روحيهما وجع الزمان
هنا في هذا المكان
حيث يخفي الضوء ومضة
نسيها الغروب على صفحة الجدار
تذكرت بقايا الوجد في عينيك
تلمست حنايا القلب
أفتش عنك
أفتش عني
ويأخذني الطريق
وخريف النهار
قارب الوقت الظهيرة وكان يمني نفسه بزيارة الحديقة العامة الجديدة (High Line Park) والتي تتحدث المدينة عن افتتاحها مؤخرا وعن قصتها وتاريخها وكان حريصا على أن يتجول بها قبل الغروب ويقضي بها ساعات من يومه الذي خصصه لهذه النزهة من إجازته التي آثر أن يقضيها وحيدا يسترجع ذكرياته التي مضى عليها أربعة عقود مع هذه المدينة التي وقع في غرامها منذ الوصول الأول.
وكان الطريق طويلا وعليه أن يمشي لساعات توقف خلالها في بعض المقاهي الصغيرة ليستريح أو يتناول شيئا يعينه على مسيرة اليوم الطويل في هذه المدينة التي تزينت شوارعها ومطاعمها ومتاحفها ومعارضها كأنها في استقباله وقد غاب عنها لسنوات، وكانت آخر زيارة له إلى هنا منذ أكثر من عشر سنوات.
وبعد مشوار كادت خلاله شمس اليوم أن تغيب أدرك الحديقة التي أرادها منذ أول الطريق، وكانت متعته في التجوال بها لا توصف وتوقف فجأة، حيث أدهشه أن لمح طفلا يقف أمام رجل وامرأة اقتعدا ركنا يعزفان للمارة نغما ينساب حزينا من قيثارة قديمة لهما، يعزف الرجل وتغني المرأة، ويستوقف العزف بعض المارة العائدين بعد يوم العمل كما يطرب الجالسين في الحديقة، وتملأ الموسيقى المكان شجى وتعطره عذوبة، وأثر في نفسه أن أفرغ الطفل ما بجيبه من قطع نقدية صغيرة ومضى يلتفت إلى مصدر الصوت.
تنهد صديقنا وانتحى جانبا وأخذ قرطاسا من سلة في الحديقة وكتب:
في خريف النهار
والشمس تسلم جفنيها يواريها المدار
والضوء يخفي ومضة نسيها الغروب على صفحة الجدار
كان الطفل ينصت مشدوها
يلقي بكفه في علبة القيتار... بقية الدولار
حيث التقى اثنان في أصيل العمر في خريف النهار
يمسحان عن جبين الناس عناء اليوم
وعن روحيهما وجع الزمان
هنا في هذا المكان
حيث يخفي الضوء ومضة
نسيها الغروب على صفحة الجدار
تذكرت بقايا الوجد في عينيك
تلمست حنايا القلب
أفتش عنك
أفتش عني
ويأخذني الطريق
وخريف النهار