ما ذلك الشيء الوردي في كل مكان؟

السبت - 12 ديسمبر 2015

Sat - 12 Dec 2015

حسنا حسنا كلما التفت إلى مكان في الشارع، في السوق، في الانترنت وجدت ذلك الشريط الوردي الغريب يقفز أمام وجهي قائلا: (سرطان سرطان). وكلما هربت منه أكثر لاحقني أكثر، فكأنما أسمعه يقول لي: (أنا وراكي وراكي لا مفر). ما بال الجميع فجأة لا حديث لهم ولا اهتمام لهم إلا (سرطان الثدي) وكأنه اختراع ظهر فجأة أو ظاهرة كونية جديدة تم اكتشافها. والأدهى أنهم يجبروننا على أن نعيشها معهم ونتفاعل معها مثلهم. حسنا لست مصابة بسرطان الثدي ولله الحمد، ولم يصب أحد في عائلتي ولله الفضل به قبلا. فلماذا علي أن أقوم بالفحص المبكر الذي أقضيتم مضجعنا به وأنتم تنشرون صوره وفيديوهاته، وحملاته المخجلة والتي تشعرنا بالإحراج والضيق في كل مكان؟ ولماذا تجبرونني وأنا من فضل الله علي غير مصابة به أو أحد من أحبائي على التفاعل معه أو حتى التفكير به؟ فعلا شيء عجيب!

ليس هذا لسان حالي أنا الكاتبة، بل هو لسان حال الكثير من النساء وحتى الرجال الذين يتساءلون عن سر هذا الاهتمام العجيب، والتركيز المستفيض على سرطان الثدي، رغم أنه ليس أكثر أنواع السرطان خطورة على النساء كما أخبرني أحد الأطباء. لذا قمت من دوري بالاتصال على جيهان عشماوي وهي سفيرة لحملة 10ksa لبناء أكبر شريط وردي من البشر للدخول في موسوعة جينس للأرقام القياسية، ومصابة سابقة بسرطان الثدي. تقول جيهان إنه بناء على إحصائيات السجل الوطني للأورام فإن سرطان الثدي هو أكثر الأورام انتشارا لدى النساء في السعودية. وأن ما أثار هذا الحراك الفعال والنشيط تجاه هذا النوع بالذات هو أولا قدرة السيدة على اكتشافه ذاتيا من خلال تقنية الكشف الذاتي. وهو ما يؤدي إلى السبب الثاني وهو أنه كلما تم اكتشاف المرض مبكرا كلما كانت فرصة العلاج والنجاة أعلى، بالإضافة إلى أن حجم الاستئصال سيكون أقل. أما السبب الثالث فهو محاربة ذلك الخجل والحياء والخوف لدى كثير من النساء والذي يدفعهن للأسف للتجاهل أو الإخفاء أو الإنكار، ليكتشف فجأة من حولهن الحالة وقد وصلت إلى مراحل متأخرة جدا.

ترى هل ننتظر حتى يباغت المرض أحدنا أو من حولنا حتى نتفاعل؟ ترانا هل ننتظر ليتعدى العدو حدودنا قبل أن نرفع دفاعاتنا للذود عن حمانا؟ لذا أرجوكم دعونا لا نكون من تلك الفئة من البشر التي لا تتعاطف ولا تتفاعل ولا تبادر لفعل شيء حتى يجدوا العدو وقد صار فجأة في عُقر ديارهم. ودعونا نفكر معا وبصوت عال ونسأل أنفسنا بصراحة، ترى ألا تستحق حياتنا وحياة من نحب أن نقوم بذلك الإجراء الاحترازي البسيط لصونها وحفظ أمانتها؟