رسالة للأطباء والممارسين الصحيين
السبت - 12 ديسمبر 2015
Sat - 12 Dec 2015
من المؤكد بأني لم أكن أميز من عملوا بالمجال الطبي، ولكني أملك من الخبرات الإنسانية، والذكريات والمواقف العميقة ما يمكن أن يستفيد منه أطباء الجيل الحالي، والذي اختلفت فيه طرق التربية، وشؤون المجتمع، بطغيان التقنية والمادة على أغلب الأعمال الإنسانية.
وقد كان مشواري مع الطب يحتوي على عجلتين تسيران بتواز، وكان من المحتمل أن تسبق إحداهما الأخرى:
1. العمل التقني الطبي.
2. العمل الإنساني.
وقليل من العاملين بمجال الصحة يستطيعون الدمج والتوازن بين هذين المتحركين، ليستمر المسير، ولا يفقد الممارس الطبي أحدهما في غفلة من الزمن، وفي تزاحم شؤون الحياة، وحومة النواحي المادية، وما يتبعها من شؤون أسرية، واجتماعية، وقبلها حق النفس بأن تنال من الراحة والطمأنينة ما يريحها بعد التقاعد.
ولن أكتمكم سرا أني وبعد هذا العمر الطويل من الممارسة الطبية لا أتذكر بفخر، إلا المواقف الإنسانية، التي تمكنت خلالها من أن أكون إنسانا، قبل أن أكون طبيبا.
حالات كانت تمر علينا في المستشفيات، مع مختلف الشخصيات، والخلفيات الثقافية، والمستويات الاجتماعية، فكنت بحرصي ومشاعري أحاول تفهم حال المريض، من خلال عمره، وطول فترة مرضه، ومن دواعي قلقه، ونوعية تعليمه، ومن دلائل وإشارات إنسانية كثيرة؛ وكنت أجد أن كلمة بسيطة تعمل عند البعض من المرضى، أو من المرافقين عمل السحر، وأنها تجعلهم أكثر معرفة بما يحدث، وتجعلهم أكثر ثقة بأقدار الله، ثم بما يقدم للمريض من علاج.
المريض حالات من الخوف من المجهول، ومن المرض، والموت، وعند طغيان ذلك لا يكون للعلاج الجراحي والدوائي مفعول كبير بدون كسب ثقة المريض، وتهيئة نفسيته، والوصول به إلى موانئ الطمأنينة.
المرضى بشر، والطفل في داخلهم يبرز، وإيماءة أو كلمة قد تغضبهم، وربما تجعلهم يكرهون الدواء، والمستشفى والعاملين بالطب، والعكس صحيح، متى ما كانت الكلمة صادقة قريبة للقلب.
عندما تنادي المريض باسمه الأول، فذلك أقرب من مسميات عم وخال وجد.
عندما تشرح للمريض أو المرافق خطوات الإجراء، وتسمح له بالسؤال، فأنت تختصر الكثير من القلق، وانعدام الثقة.
أذكر أني كنت أعتني بمريضة في النزع الأخير لمرض عضال، وقد كان الوقت حينها قريبا من الفجر، وقد قامت المرافقة للمريضة بطلب حضوري، وهي تعلم أني لا أملك أن أفعل شيئا للمريضة، وعندما رأتني مدت لي المصحف، وعينها تدمع، وأخبرتني أنها لا تحسن القراءة، وتريد أن أقرأ للمحتضرة بعض الأيات؛ وفعلت لأشعر كيف أني إنسان، قبل أن أكون طبيبا.
أذكر أني مررت أثناء إحدى مناوباتي الليلية على طفلة رضيعة مريضة يشرف على علاجها طبيب آخر، فتحدثت معها، ولاعبتها، في وجود والدها، لتضحك بسرور عظيم، متناسية أوجاعها حتى نامت؛ وفي اليوم الثاني لم أحضر للعمل، باعتبار أنني كنت مناوبا طوال الليل، واشتدت عليها حالتها فغضب والدها، وظل يسأل عني، معتقدا أن غيابي عنها هو سبب تردي حالتها.
وقد كان من الصعب إفهامه أني كنت ليلتها مجرد طبيب مناوب، وأنها تخضع لفريق طبي آخر، وهو ينظر لي بعين دامعة، معتقدا أني السبب في وفاتها رحمها الله.
ولي قصص أخرى ربما أعود لها بمشاعري.
وقد كان مشواري مع الطب يحتوي على عجلتين تسيران بتواز، وكان من المحتمل أن تسبق إحداهما الأخرى:
1. العمل التقني الطبي.
2. العمل الإنساني.
وقليل من العاملين بمجال الصحة يستطيعون الدمج والتوازن بين هذين المتحركين، ليستمر المسير، ولا يفقد الممارس الطبي أحدهما في غفلة من الزمن، وفي تزاحم شؤون الحياة، وحومة النواحي المادية، وما يتبعها من شؤون أسرية، واجتماعية، وقبلها حق النفس بأن تنال من الراحة والطمأنينة ما يريحها بعد التقاعد.
ولن أكتمكم سرا أني وبعد هذا العمر الطويل من الممارسة الطبية لا أتذكر بفخر، إلا المواقف الإنسانية، التي تمكنت خلالها من أن أكون إنسانا، قبل أن أكون طبيبا.
حالات كانت تمر علينا في المستشفيات، مع مختلف الشخصيات، والخلفيات الثقافية، والمستويات الاجتماعية، فكنت بحرصي ومشاعري أحاول تفهم حال المريض، من خلال عمره، وطول فترة مرضه، ومن دواعي قلقه، ونوعية تعليمه، ومن دلائل وإشارات إنسانية كثيرة؛ وكنت أجد أن كلمة بسيطة تعمل عند البعض من المرضى، أو من المرافقين عمل السحر، وأنها تجعلهم أكثر معرفة بما يحدث، وتجعلهم أكثر ثقة بأقدار الله، ثم بما يقدم للمريض من علاج.
المريض حالات من الخوف من المجهول، ومن المرض، والموت، وعند طغيان ذلك لا يكون للعلاج الجراحي والدوائي مفعول كبير بدون كسب ثقة المريض، وتهيئة نفسيته، والوصول به إلى موانئ الطمأنينة.
المرضى بشر، والطفل في داخلهم يبرز، وإيماءة أو كلمة قد تغضبهم، وربما تجعلهم يكرهون الدواء، والمستشفى والعاملين بالطب، والعكس صحيح، متى ما كانت الكلمة صادقة قريبة للقلب.
عندما تنادي المريض باسمه الأول، فذلك أقرب من مسميات عم وخال وجد.
عندما تشرح للمريض أو المرافق خطوات الإجراء، وتسمح له بالسؤال، فأنت تختصر الكثير من القلق، وانعدام الثقة.
أذكر أني كنت أعتني بمريضة في النزع الأخير لمرض عضال، وقد كان الوقت حينها قريبا من الفجر، وقد قامت المرافقة للمريضة بطلب حضوري، وهي تعلم أني لا أملك أن أفعل شيئا للمريضة، وعندما رأتني مدت لي المصحف، وعينها تدمع، وأخبرتني أنها لا تحسن القراءة، وتريد أن أقرأ للمحتضرة بعض الأيات؛ وفعلت لأشعر كيف أني إنسان، قبل أن أكون طبيبا.
أذكر أني مررت أثناء إحدى مناوباتي الليلية على طفلة رضيعة مريضة يشرف على علاجها طبيب آخر، فتحدثت معها، ولاعبتها، في وجود والدها، لتضحك بسرور عظيم، متناسية أوجاعها حتى نامت؛ وفي اليوم الثاني لم أحضر للعمل، باعتبار أنني كنت مناوبا طوال الليل، واشتدت عليها حالتها فغضب والدها، وظل يسأل عني، معتقدا أن غيابي عنها هو سبب تردي حالتها.
وقد كان من الصعب إفهامه أني كنت ليلتها مجرد طبيب مناوب، وأنها تخضع لفريق طبي آخر، وهو ينظر لي بعين دامعة، معتقدا أني السبب في وفاتها رحمها الله.
ولي قصص أخرى ربما أعود لها بمشاعري.