العريفي دلال

الأداء الوظيفي الباهت.. والبحث عن لون

الخميس - 19 ديسمبر 2019

Thu - 19 Dec 2019

أسئلة كثيرة تدور في أذهان عدد من القادة والمسؤولين بشكل عام، حول إنجازات الموظف وتقييمه وأدائه، كيف يتميز وبماذا يرتقي؟ ولماذا لا يتحسن مع مرور الأيام، وازدياد الخبرة؟! ومع أننا نعلم يقينا أنه من الطبيعي أن تختلف الشخصيات والعقليات، وتتفاوت القدرات والمهارات، وتتباين الميول والاتجاهات من شخص إلى آخر، لكن يبقى السؤال الأبرز: لماذا لا يؤدي الموظف أفضل ما لديه؟ لماذا لا يقدم كل جهده من أجل عمله؟

وأسئلة من هذا النوع أشبه بعقد توشك حباته أن تنفرط ثم لا يبقى منها شيء، إن نحن حاولنا البحث عن الإجابات المحتملة.

فلو قلنا إن هناك مؤسسات تعاني من الأداءات الباهتة لأحد أفرادها، فقد يعني أن هناك احتمالا أن تكون قيادتها غير جيدة، أو تمارس نوعا من التسلط مثلا تسبب في إحباط ذلك الموظف، والقضاء على علامات الحماس الحيوية لديه. أو قد تكون الإدارة جامدة كقالب ثلج، لا تتفاعل مع منجزات ولا تثني على مجهودات، ولا تكرم متميزا، ولا تحاسب مقصرا، فأثر ذلك على الموظف وأحاسيسه، وأصبح يبادلها جمودا بجمود! ثم ما الذي يدفعه للسعي لإرضاء مؤسسته إن كانت هي دائمة البحث عن كل ما يحبطه ويستنزفه، ربما حتى لا تبقي من إبداعه وعطائه شيئا ولا تذر!

والأداء الباهت هو النتيجة الطبيعية للموظف المتميز الذي يعمل دون كلل، وينجز أعماله ومهامه وربما مهام غيره دون ملل، ودون أن يعترض ودون أن يتم تكريمه أو تمييزه عن غيره! لكنه يقدمه كرما منه وإحسانا! لكنكم تعلمون أن لكل أجل كتاب، والموظف من هذا النوع لن يلبث طويلا حتى تتضاءل لديه كل الإسهامات والنشاطات المتميزة حتى تختفي وقد يختفي هو معها!

والحديث عن الأداء الباهت للموظفين لا يعني أن المؤسسة مسؤولة عن وجود الباهتين لديها، فقد يتكاثرون حتى في أفضل بيئات العمل وأميزها. فقد يحدث أن يكون الموظف كسولا، اتكاليا، باهتا وبطيئا في أداء عمله، متأخرا عن بقية زملائه! والمصيبة الكبرى هنا ليست في وجود أمثاله! بل في تقييمه مثل الآخرين، مجاملة ربما، أو خوفا من التصادم معه! فلا تجري مساءلته ولا محاسبته، أو على الأقل إعطاءه ما يستحق! وهنا علينا جميعا أن نتوقع تكاثر هذا النوع وانتشاره طالما كان التقييم متشابها!

والإدارة الحكيمة هي التي تراقب أداء منسوبيها، وتجتهد في تقويم وتقييم أعمالهم بموازين العدالة والإنصاف، فلا تحمل المجتهد ضريبة تميزه وجده وبذله، فتثقله بكل الأعمال، ولا يقبل أن تكافئ المتكاسل بتخفيف الحمل عنه، وتدليله أكثر! فحلول من هذا النوع كفيلة بإنهاء إبداعات الأول، وبزيادة كسل وتخاذل الثاني!

والأداء الوظيفي ومشاكله ليست جديدة، بل هي من النوع المتجدد، كبركان خامد يعاود الثوران مرة كل عام على الأقل في نهاية السنة! لكن ماذا لو تم تقييم الأداء للموظف شهريا ولو بنصف المعايير المعتمدة أو أقل، هل كان سيختلف الأمر؟ وهل ستتغير الألوان؟

@darifi_