4 أيام من القتل في إيران
ديلي تلجراف البريطانية تنقل قصصا دموية ومأساوية من قلب مظاهرات طهران
بختياري: ضربوا ابني بالرصاص في رأسه فقتلوه ودمروا العقول التي تحب الوطن
الحكومة أجبرت أهالي الضحايا على دفع ثمن الرصاص المستخدم في قتل أبنائهم
مقاطع فيديو تكشف "مكافحة الشغب" وهي تحطم نوافذ السيارات في الشوارع
قناصة النظام يطلقون النار على المتظاهرين من على سطح مبنى وزارة العدل
حكومة روحاني تنازلت عن ثمن الرصاصة لعائلة قتيلة لم تتجاوز 14 عاما
ديلي تلجراف البريطانية تنقل قصصا دموية ومأساوية من قلب مظاهرات طهران
بختياري: ضربوا ابني بالرصاص في رأسه فقتلوه ودمروا العقول التي تحب الوطن
الحكومة أجبرت أهالي الضحايا على دفع ثمن الرصاص المستخدم في قتل أبنائهم
مقاطع فيديو تكشف "مكافحة الشغب" وهي تحطم نوافذ السيارات في الشوارع
قناصة النظام يطلقون النار على المتظاهرين من على سطح مبنى وزارة العدل
حكومة روحاني تنازلت عن ثمن الرصاصة لعائلة قتيلة لم تتجاوز 14 عاما
الأربعاء - 18 ديسمبر 2019
Wed - 18 Dec 2019
صور المهندس الإيراني بويا بختياري بهاتفه المحمول الاحتجاجات التي اندلعت في شوارع طهران عقب الارتفاع المفاجئ في أسعار البنزين.
وعلى الرغم من الشعور بالإحباط بسبب توقف الطرق وتعطلها، شعر بويا (27 عاما) بالحماس في التصدي الصريح للحكومة، قال للكاميرا «دعينا ندمر هذا النظام الإجرامي والفاسد إلى الأبد»، وعندما استمرت الدقائق ولم تتزحزح حركة المرور، حول هاتفه نحو غروب الشمس، وقال «هنا غروب رائع، أتمنى شروقا أفضل لشعب إيران».
لم ير بويا شروق الشمس مرة أخرى، فبعد ساعات من تصوير الفيديو في 16 نوفمبر الماضي، انضم إلى احتجاج في شوارع كاراج مع والدته وشقيقته، وبسبب الحشود ضاع عن أسرته، وبينما كانت والدته تبحث عنه رأت مجموعة من الرجال وهم يرفعون جثة في الشارع، أصيب بويا في الرأس برصاصة أطلقها أحد أفراد قوات الأمن الإيرانية، وقتل قبل أن يكتمل حلمه.
قصة مأسوية نقلتها صحيفة ديلي تلجراف البريطانية، ضمن مجموعة من القصص الأخرى المؤثرة التي شهدتها الاحتجاجات الشعبية الإيرانية على مدار أسابيع.
سفك دماء وحصار
عندما خرج المتظاهرون إلى الشوارع في 2009 بسبب انتخابات مزورة قتل 72 شخصا على مدار سبعة أشهر، وفي 2017-2018 قتل ما يقرب من 20 شخصا خلال مظاهرات حاشدة على الاقتصاد، ولكن هذه المرة لجأ الحرس الثوري الإيراني وحلفاؤه إلى مزيد من سفك الدماء في وقت أقل بكثير، ومع ذلك لم يعرف العالم سوى القليل عما كان يحدث عندما فتحت القوات الإيرانية النار ابتداء من 16 نوفمبر وعلى مدار 4 أيام. فرضت الحكومة الإيرانية خطة لسنوات في قطع الاتصال بالانترنت، فلم يعد بإمكان المتظاهرين استخدام خدمات مثل «واتس اب» للتنسيق بعضهم مع بعض أو مشاركة المعلومات مع العالم الخارجي.
وعندما تم تخفيف القيود المفروضة على الانترنت بعد أسبوع أصبح حجم عمليات القتل واضحا، وعند عودة الانترنت ظهرت مقاطع فيديو دموية.
أبرز ملامح الانتفاضة
المتظاهرون تحولوا إلى «مرتزقة»
يواجه النظام الإيراني ضغوطا شديدة من العقوبات الأمريكية التي أوقفت مبيعات النفط وألحقت أضرارا بالغة بالاقتصاد، ويبدو المتشددون والمعتدلون نسبيا داخل النظام متحدين خلف الحملة القمعية والاعتقاد بأن الاحتجاجات كانت جزءا من جهد سري بقيادة الولايات المتحدة للإطاحة بنظام طهران.
وبرر المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي العنف باتهام مألوف بأن الاحتجاجات كانت «مؤامرة عميقة خطيرة» من قبل القوى الأجنبية. ووصف حسن روحاني المتظاهرين «بالمرتزقة» و»مثيري الشغب» المدعومين من الولايات المتحدة.
وقال مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية علي فايز «هذا نظام يعتبر نفسه تحت الحصار. الحفاظ على السلطة هو هدف مشترك بين المتشددين وتيار الوسط».
وأرسل متحدث باسم السفارة الإيرانية في لندن روابط إلى مقالات عدة في وسائل الإعلام الموالية للحكومة يزعم أن المتظاهرين قد قتلوا على أيدي خصوم أجانب، وأشار إلى أن تعتيم الانترنت كان من عمل الولايات المتحدة.
لم ينته المشهد
في الأيام التي تلت الحملة بحثت العائلات عن مفقوديها في المشرحة الحكومية.
وقالت الناشطة المعارضة مسيح ألينجاد إن عددا من العائلات أجبرتها السلطات على التوقيع على اتفاقات مقابل الجثث، وأمرت بعدم إقامة الجنازات أو إقامة احتفالات صغيرة في الليل تحت إشراف قوات الأمن.
وأكدت ألينجاد أن «إيران تعرف أن الجنازات يمكن أن تتحول بسهولة إلى احتجاجات، وأنها ستفعل أي شيء لمنع حدوث ذلك». وبينما كانت تتعقب الموتى، أدركت أن ثلاثة على الأقل من الشباب الذين قتلوا قد تابعوها على انستقرام.
وبينما تم سحق هذه الجولة من الاحتجاجات لم تتم معالجة أي من المصادر الأساسية للغضب الشعبي.
غروب وسفك دماء
عندما غربت شمس السبت، وهو غروب الشمس نفسه الذي شاهده بويا بختياري من ازدحام مروري غرب طهران، تغير شيئان: الاحتجاجات أصبحت أكثر دموية، وشبكة الانترنت أغلقت بالكامل.
وقال نسيم باباياني، كبير المناضلين عن شؤون إيران في منظمة العفو الدولية «نعلم أنهم أغلقوا الانترنت لأنهم لا يريدون للعالم أن يرى ما يفعلونه».
وأظهرت مقاطع الفيديو موجات الرعب والجثث هنا وهناك. جثة بويا كانت ملقاة على لوح في مشرحة كاراج مع نسف جزء من جمجمته. قناص حكومي يطلق النار على المتظاهرين من سطح مبنى وزارة العدل في مدينة جافانود الغربية. جنود يطلقون النار من طائرة مروحية وهي تحلق فوق حشد في شيراز.
كانت أصغر القتلى هي الفتاة نيكتا اسفنداني (14عاما)، التي أصيبت برصاصة في رأسها في طهران في 16 نوفمبر. ذكر أصدقاؤها أنها كانت تحب الموسيقى وانضمت إلى ناد مسرحي في المدرسة. وبحسب ما ورد تنازلت السلطات عن «أموال الرصاصة» لعائلتها، لأنها كانت صغيرة جدا!
تحد للحكومة
استحوذت عائلة بويا بختياري الحزينة على صفحته على انستقرام، حيث نشرت ذات مرة كلمات أغان وصورا من الطبيعة، وحولتها إلى مزار لابنها ونقطة حشد رقمية للمتظاهرين الآخرين.
وفي تحد للحكومة استخدم بختياري منشورا في انستقرام للإعلان عن مراسم تذكارية تقليدية في 5 يناير، أي بعد 40 يوما من وفاة ابنه.
هل كان بختياري، وهو من قدامى المحاربين في الجيش الذي قاتل من أجل بلاده في الحرب العراقية الإيرانية، قلقا من تعرضه لأعمال انتقامية من حكومته بسبب التحدث علنا؟ «ما الضرر الذي يمكن أن يفعلوه بي؟ هكذا أجاب، ثم أردف «لقد قتلوا ابني، ولم يتركوا لي ولعائلتي شيئا في حياتنا». وأضاف «لكنني لن أبقى صامتا. أنا صوت بويا ومواطنيه الإيرانيين الشباب. سأناشد من أجل العدالة والحرية نيابة عنه وباسم شباب إيران. نيابة عن جميع الناس في بلدي الحبيب، الذي سيؤدي في النهاية إلى هزيمة هؤلاء الناس».
حب أدى للقتل
قال والد بويا «ال منوشهر بختياري» لصحيفة ديلي تلجراف «كان عقله مليئا بحب إيران، لكن هذا النظام يعارض هذا النوع من العقول. إنهم لا يريدون أن تعمل هذه العقول لصالح بلدنا، إنهم يريدون تدميرها بالرصاص».
كان بويا ضمن أكثر من 200 شخص قتلوا خلال أربعة أيام من العنف الشديد في الفترة من 15 إلى 18 نوفمبر، حيث قمعت الحكومة الإيرانية بوحشية الاحتجاجات في كل ركن من أركان البلاد. كانت الاضطرابات هي الأكثر دموية في تاريخ نظام إيران الذي دام 40 عاما، وشوهدت قوات الأمن هذه المرة وهي تتحرك بقوة أكثر بكثير من الاحتجاجات الأخيرة الأخرى.
الانترنت الحلال
على مدى السنوات العشر الماضية كانت إيران تطور ما تسميه «الانترنت الوطني»، وهذا يعني بناء البنية التحتية الرقمية بحيث يمكن استضافة المواقع الالكترونية وخدمات المراسلة والمنصات المصرفية الإيرانية على خوادم داخل إيران بدلا من الولايات المتحدة، مما يمنح طهران سيطرة أكبر بكثير على محتواها.
وقالت الباحثة في مجموعة حقوق الإنسان، ماسة الميدرداني، إن السلطات الإيرانية قدمت تفسيرات مختلفة عن سبب الحاجة إلى الانترنت الوطني، منها:
ممنوعون من الواتس اب
أصبحت القوة الكاملة للانترنت الوطني كأداة للسيطرة الحكومية واضحة في 16 نوفمبر عندما أمرت طهران مزودي خدمات الانترنت الإيرانيين بالإغلاق. وبحسب شركة نت بلوكس، وهي مجموعة حرية رقمية، انخفض الاتصال بالانترنت في البلاد تقريبا إلى 5 % فقط من المستويات العادية، وكان معظم سكان إيران البالغ عددهم 81 مليون نسمة معزولين عن العالم الخارجي. ومع ذلك فإن انقطاع التيار الكهربائي لا يعني عدم وجود الانترنت على الإطلاق، فالمواقع التي استضافتها أجنبية مثل بي بي سي الفارسية وإيران إنترناشونال، والتي كانت تقدم تقارير مكثفة عن الاحتجاجات، لا يمكن الوصول إليها، لكن المواقع المصرفية التي تستضيفها إيران ما زالت تنفذ معاملات، وكانت المستشفيات الوطنية ترسل معلومات. كانت الحكومة قادرة على حظر المواقع الدولية التي وجدت أنها مهددة، لكن أبقيت على بنيتها التحتية الرقمية الحيوية قيد التشغيل. وأوضحت الميدرداني «هذا يعني أن الإيرانيين لا يمكنهم استخدام « الواتس اب»، لكن يمكنهم الاتصال بحساباتهم المصرفية».
تحرير الانترنت
قدرت شركة نت بلوكس، وجمعية الانترنت، إن إغلاق الانترنت كلف الاقتصاد الإيراني 370 مليون دولار يوميا، وهو سعر باهظ بالنسبة لبلد يتعثر اقتصاديا، لكن الانترنت الوطني خدم غرضه، لقد أوقف كلام العنف عن الخروج، ومنع المتظاهرين من التنسيق على تطبيقات المراسلة وأبقى الاقتصاد من التوقف التام.
عندما استعادت السلطات أخيرا الوصول إليه في 23 نوفمبر، انتهى القتل وتحطم الاحتجاجات، قال الإيرانيون مازحين إن «الله حرر الانترنت»، وهي عبارة شهيرة أطلقها آية الله خميني حين قال «الله حرر خرمشهر» من صدام حسين، وذلك خلال الحرب العراقية الإيرانية.
شرارة الاحتجاجات
أعلنت السلطات في 15 نوفمبر عن ارتفاع الأسعار بنسبة 50 % إلى 15 ألف ريال للتر البنزين، وتوالت الأحداث:
القتلى يتزايدون
لا يزال العدد الدقيق للقتلى مجهولا، لكن منظمة العفو الدولية تقول إنها تحققت من مقتل 306 أشخاص، ومن المحتمل أن تكون الحصيلة النهائية أعلى. وتعمل الحكومة الإيرانية جاهدة لإخفاء تفاصيل ما حدث، ولم تعلن عن عدد القتلى الرسمي، وهددت الإيرانيين الذين يتحدثون إلى وسائل الإعلام الدولية.
وعلى الرغم من الشعور بالإحباط بسبب توقف الطرق وتعطلها، شعر بويا (27 عاما) بالحماس في التصدي الصريح للحكومة، قال للكاميرا «دعينا ندمر هذا النظام الإجرامي والفاسد إلى الأبد»، وعندما استمرت الدقائق ولم تتزحزح حركة المرور، حول هاتفه نحو غروب الشمس، وقال «هنا غروب رائع، أتمنى شروقا أفضل لشعب إيران».
لم ير بويا شروق الشمس مرة أخرى، فبعد ساعات من تصوير الفيديو في 16 نوفمبر الماضي، انضم إلى احتجاج في شوارع كاراج مع والدته وشقيقته، وبسبب الحشود ضاع عن أسرته، وبينما كانت والدته تبحث عنه رأت مجموعة من الرجال وهم يرفعون جثة في الشارع، أصيب بويا في الرأس برصاصة أطلقها أحد أفراد قوات الأمن الإيرانية، وقتل قبل أن يكتمل حلمه.
قصة مأسوية نقلتها صحيفة ديلي تلجراف البريطانية، ضمن مجموعة من القصص الأخرى المؤثرة التي شهدتها الاحتجاجات الشعبية الإيرانية على مدار أسابيع.
سفك دماء وحصار
عندما خرج المتظاهرون إلى الشوارع في 2009 بسبب انتخابات مزورة قتل 72 شخصا على مدار سبعة أشهر، وفي 2017-2018 قتل ما يقرب من 20 شخصا خلال مظاهرات حاشدة على الاقتصاد، ولكن هذه المرة لجأ الحرس الثوري الإيراني وحلفاؤه إلى مزيد من سفك الدماء في وقت أقل بكثير، ومع ذلك لم يعرف العالم سوى القليل عما كان يحدث عندما فتحت القوات الإيرانية النار ابتداء من 16 نوفمبر وعلى مدار 4 أيام. فرضت الحكومة الإيرانية خطة لسنوات في قطع الاتصال بالانترنت، فلم يعد بإمكان المتظاهرين استخدام خدمات مثل «واتس اب» للتنسيق بعضهم مع بعض أو مشاركة المعلومات مع العالم الخارجي.
وعندما تم تخفيف القيود المفروضة على الانترنت بعد أسبوع أصبح حجم عمليات القتل واضحا، وعند عودة الانترنت ظهرت مقاطع فيديو دموية.
أبرز ملامح الانتفاضة
- عدد مدن الانتفاضة: 191
- عدد الشهداء: 1000على الأقل
- عدد الجرحى: أكثر من 4000
- عدد المعتقلين: أكثر من 12000
المتظاهرون تحولوا إلى «مرتزقة»
يواجه النظام الإيراني ضغوطا شديدة من العقوبات الأمريكية التي أوقفت مبيعات النفط وألحقت أضرارا بالغة بالاقتصاد، ويبدو المتشددون والمعتدلون نسبيا داخل النظام متحدين خلف الحملة القمعية والاعتقاد بأن الاحتجاجات كانت جزءا من جهد سري بقيادة الولايات المتحدة للإطاحة بنظام طهران.
وبرر المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي العنف باتهام مألوف بأن الاحتجاجات كانت «مؤامرة عميقة خطيرة» من قبل القوى الأجنبية. ووصف حسن روحاني المتظاهرين «بالمرتزقة» و»مثيري الشغب» المدعومين من الولايات المتحدة.
وقال مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية علي فايز «هذا نظام يعتبر نفسه تحت الحصار. الحفاظ على السلطة هو هدف مشترك بين المتشددين وتيار الوسط».
وأرسل متحدث باسم السفارة الإيرانية في لندن روابط إلى مقالات عدة في وسائل الإعلام الموالية للحكومة يزعم أن المتظاهرين قد قتلوا على أيدي خصوم أجانب، وأشار إلى أن تعتيم الانترنت كان من عمل الولايات المتحدة.
لم ينته المشهد
في الأيام التي تلت الحملة بحثت العائلات عن مفقوديها في المشرحة الحكومية.
وقالت الناشطة المعارضة مسيح ألينجاد إن عددا من العائلات أجبرتها السلطات على التوقيع على اتفاقات مقابل الجثث، وأمرت بعدم إقامة الجنازات أو إقامة احتفالات صغيرة في الليل تحت إشراف قوات الأمن.
وأكدت ألينجاد أن «إيران تعرف أن الجنازات يمكن أن تتحول بسهولة إلى احتجاجات، وأنها ستفعل أي شيء لمنع حدوث ذلك». وبينما كانت تتعقب الموتى، أدركت أن ثلاثة على الأقل من الشباب الذين قتلوا قد تابعوها على انستقرام.
وبينما تم سحق هذه الجولة من الاحتجاجات لم تتم معالجة أي من المصادر الأساسية للغضب الشعبي.
غروب وسفك دماء
عندما غربت شمس السبت، وهو غروب الشمس نفسه الذي شاهده بويا بختياري من ازدحام مروري غرب طهران، تغير شيئان: الاحتجاجات أصبحت أكثر دموية، وشبكة الانترنت أغلقت بالكامل.
وقال نسيم باباياني، كبير المناضلين عن شؤون إيران في منظمة العفو الدولية «نعلم أنهم أغلقوا الانترنت لأنهم لا يريدون للعالم أن يرى ما يفعلونه».
وأظهرت مقاطع الفيديو موجات الرعب والجثث هنا وهناك. جثة بويا كانت ملقاة على لوح في مشرحة كاراج مع نسف جزء من جمجمته. قناص حكومي يطلق النار على المتظاهرين من سطح مبنى وزارة العدل في مدينة جافانود الغربية. جنود يطلقون النار من طائرة مروحية وهي تحلق فوق حشد في شيراز.
كانت أصغر القتلى هي الفتاة نيكتا اسفنداني (14عاما)، التي أصيبت برصاصة في رأسها في طهران في 16 نوفمبر. ذكر أصدقاؤها أنها كانت تحب الموسيقى وانضمت إلى ناد مسرحي في المدرسة. وبحسب ما ورد تنازلت السلطات عن «أموال الرصاصة» لعائلتها، لأنها كانت صغيرة جدا!
تحد للحكومة
استحوذت عائلة بويا بختياري الحزينة على صفحته على انستقرام، حيث نشرت ذات مرة كلمات أغان وصورا من الطبيعة، وحولتها إلى مزار لابنها ونقطة حشد رقمية للمتظاهرين الآخرين.
وفي تحد للحكومة استخدم بختياري منشورا في انستقرام للإعلان عن مراسم تذكارية تقليدية في 5 يناير، أي بعد 40 يوما من وفاة ابنه.
هل كان بختياري، وهو من قدامى المحاربين في الجيش الذي قاتل من أجل بلاده في الحرب العراقية الإيرانية، قلقا من تعرضه لأعمال انتقامية من حكومته بسبب التحدث علنا؟ «ما الضرر الذي يمكن أن يفعلوه بي؟ هكذا أجاب، ثم أردف «لقد قتلوا ابني، ولم يتركوا لي ولعائلتي شيئا في حياتنا». وأضاف «لكنني لن أبقى صامتا. أنا صوت بويا ومواطنيه الإيرانيين الشباب. سأناشد من أجل العدالة والحرية نيابة عنه وباسم شباب إيران. نيابة عن جميع الناس في بلدي الحبيب، الذي سيؤدي في النهاية إلى هزيمة هؤلاء الناس».
حب أدى للقتل
قال والد بويا «ال منوشهر بختياري» لصحيفة ديلي تلجراف «كان عقله مليئا بحب إيران، لكن هذا النظام يعارض هذا النوع من العقول. إنهم لا يريدون أن تعمل هذه العقول لصالح بلدنا، إنهم يريدون تدميرها بالرصاص».
كان بويا ضمن أكثر من 200 شخص قتلوا خلال أربعة أيام من العنف الشديد في الفترة من 15 إلى 18 نوفمبر، حيث قمعت الحكومة الإيرانية بوحشية الاحتجاجات في كل ركن من أركان البلاد. كانت الاضطرابات هي الأكثر دموية في تاريخ نظام إيران الذي دام 40 عاما، وشوهدت قوات الأمن هذه المرة وهي تتحرك بقوة أكثر بكثير من الاحتجاجات الأخيرة الأخرى.
الانترنت الحلال
على مدى السنوات العشر الماضية كانت إيران تطور ما تسميه «الانترنت الوطني»، وهذا يعني بناء البنية التحتية الرقمية بحيث يمكن استضافة المواقع الالكترونية وخدمات المراسلة والمنصات المصرفية الإيرانية على خوادم داخل إيران بدلا من الولايات المتحدة، مما يمنح طهران سيطرة أكبر بكثير على محتواها.
وقالت الباحثة في مجموعة حقوق الإنسان، ماسة الميدرداني، إن السلطات الإيرانية قدمت تفسيرات مختلفة عن سبب الحاجة إلى الانترنت الوطني، منها:
- سيساعد في تطبيق قوانين الأخلاق الصارمة في إيران، بما في ذلك فرض حظر على المواد الإباحية، لكسبه لقب «الانترنت الحلال».
- إن الانترنت الذي تتم استضافته إلى حد كبير في إيران سيكون أقل عرضة للعقوبات الأمريكية، وبالتالي يقلل من نفوذ واشنطن الاقتصادي على البلاد.
ممنوعون من الواتس اب
أصبحت القوة الكاملة للانترنت الوطني كأداة للسيطرة الحكومية واضحة في 16 نوفمبر عندما أمرت طهران مزودي خدمات الانترنت الإيرانيين بالإغلاق. وبحسب شركة نت بلوكس، وهي مجموعة حرية رقمية، انخفض الاتصال بالانترنت في البلاد تقريبا إلى 5 % فقط من المستويات العادية، وكان معظم سكان إيران البالغ عددهم 81 مليون نسمة معزولين عن العالم الخارجي. ومع ذلك فإن انقطاع التيار الكهربائي لا يعني عدم وجود الانترنت على الإطلاق، فالمواقع التي استضافتها أجنبية مثل بي بي سي الفارسية وإيران إنترناشونال، والتي كانت تقدم تقارير مكثفة عن الاحتجاجات، لا يمكن الوصول إليها، لكن المواقع المصرفية التي تستضيفها إيران ما زالت تنفذ معاملات، وكانت المستشفيات الوطنية ترسل معلومات. كانت الحكومة قادرة على حظر المواقع الدولية التي وجدت أنها مهددة، لكن أبقيت على بنيتها التحتية الرقمية الحيوية قيد التشغيل. وأوضحت الميدرداني «هذا يعني أن الإيرانيين لا يمكنهم استخدام « الواتس اب»، لكن يمكنهم الاتصال بحساباتهم المصرفية».
تحرير الانترنت
قدرت شركة نت بلوكس، وجمعية الانترنت، إن إغلاق الانترنت كلف الاقتصاد الإيراني 370 مليون دولار يوميا، وهو سعر باهظ بالنسبة لبلد يتعثر اقتصاديا، لكن الانترنت الوطني خدم غرضه، لقد أوقف كلام العنف عن الخروج، ومنع المتظاهرين من التنسيق على تطبيقات المراسلة وأبقى الاقتصاد من التوقف التام.
عندما استعادت السلطات أخيرا الوصول إليه في 23 نوفمبر، انتهى القتل وتحطم الاحتجاجات، قال الإيرانيون مازحين إن «الله حرر الانترنت»، وهي عبارة شهيرة أطلقها آية الله خميني حين قال «الله حرر خرمشهر» من صدام حسين، وذلك خلال الحرب العراقية الإيرانية.
شرارة الاحتجاجات
أعلنت السلطات في 15 نوفمبر عن ارتفاع الأسعار بنسبة 50 % إلى 15 ألف ريال للتر البنزين، وتوالت الأحداث:
- أدى ارتفاع أسعار الوقود إلى مظاهرات مرات عدة في الماضي، وكانت الحكومة تتوقع غضبا عاما، لكن لا أحد كان يمكن أن يتنبأ بحجم رد الفعل العكسي.
- اندلعت الاحتجاجات يوم الجمعة في عدد من المدن، بما في ذلك مشهد وأهواز وسرجان. وأغلق المتظاهرون الشوارع، وفي بعض الحالات حاولوا إشعال النار في محطات البنزين.
- بحلول صباح يوم السبت وصلت المظاهرات إلى طهران، وكان لدى المحتجين تكتيك جديد، إذ توقفوا بالسيارات في منتصف الطريق لإجبار حركة المرور على التوقف.
- أصيب طريق الإمام علي السريع، وهو طريق رئيسي في شرق طهران، بالشلل حيث خرج سائقو السيارات من خلف عجلة القيادة وتجاذبوا أطراف الحديث في الشارع.
- كانت كتل حركة المرور تظهر في جميع أنحاء البلاد، واستخدم المتظاهرون تطبيق Waze للعثور على الاحتجاج الأقرب لهم.
- تعثرت الشرطة فيما يتعلق بكيفية إعادة فتح الطرق.
- يظهر أحد مقاطع الفيديو التي تحققت منها منظمة العفو الدولية أفرادا من الشرطة وهم يرتدون معدات مكافحة الشغب، ويحطمون نوافذ السيارات والمرايات الجانبية لمحاولة إجبار السائقين على الحركة.
- سرعان ما أصبح واضحا أن ما بدأ كاحتجاج على الوقود كان يتحول إلى موجة غضب عامة ضد الحكومة الإيرانية.
القتلى يتزايدون
لا يزال العدد الدقيق للقتلى مجهولا، لكن منظمة العفو الدولية تقول إنها تحققت من مقتل 306 أشخاص، ومن المحتمل أن تكون الحصيلة النهائية أعلى. وتعمل الحكومة الإيرانية جاهدة لإخفاء تفاصيل ما حدث، ولم تعلن عن عدد القتلى الرسمي، وهددت الإيرانيين الذين يتحدثون إلى وسائل الإعلام الدولية.
- أخبرت العائلات بأنها لن تحصل على جثث أقاربهم إلا إذا وعدوا بعقد جنازات خاصة لا يمكن أن تتصاعد إلى احتجاجات جديدة.
- أجبرت بعض العائلات على دفع ما يعرف باسم «أموال الرصاص»، وهي رسوم تفرضها السلطات قبل إعادة الجثث.
- يعتقد أنه تم إلقاء القبض على حوالي 7000 شخص ما زالوا رهن الاحتجاز.
- أقرت وزارة الداخلية بأن الاحتجاجات اندلعت في جميع المحافظات الإيرانية البالغ عددها 31 محافظة باستثناء اثنتين.