من خطب الجمعة

الجمعة - 06 ديسمبر 2019

Fri - 06 Dec 2019

الحفاظ على القيم

«ليس كل ما يبث في بعض مواقع التواصل الاجتماعي وشبكات المعلومات من الإشاعات والافتراءات والمغالطات إلا وجه كالح وصورة ظلامية تعكس فساد الأذواق عند شذاذ العقول والآفاق. إن النسيج الاجتماعي المتراص الفريد يحتاج إلى وقفة إصلاحية، متونها: صقل الأذواق وسحجها، والسمو بها في معارج الوعي الراشد، والاستبصار المسدد، لتنعم حواسنا بذوق رفيع، وبيئة نقية نظيفة؛ تبتهج النفوس بأزهارها، والأبصار باخضرارها، والاستظلال بوارف ظلالها، واستنشاق الهواء النقي بها، وتثير الأشواق والإعجاب، وتزيح الونى والأوصاب، وتخلع على النفوس رونق البهاء، وعلى القيم الأثيلة روعة الطهر والسناء، بل تبعث على تمجيد الخالق الوهاب، وتصدر على ربى النبوغ والكمال، ومقومات السؤدد والجلال، وإبان ذلك يتحقق لأمتنا الشهود الحضاري العالمي، والسبق في كل أفق علمي ومعرفي.

لقد تحتم وآن تعزيز القيم، وإعلاء الشيم، بين أبناء الأمة كبيرها قبل صغيرها، وأن يكون الانتصار للقيم طي الأفكار والأرواح، لا الأدراج، ومهب الرياح، فالانتصار للقيم والذوق سنن العودة الظافرة بالأمة إلى ذؤابات المجد، وسوامق الرفعة، ولهذا شرع لولي الأمر أن يسن الأنظمة الحازمة لحماية الذوق العام انطلاقا من قاعدة (حكم الإمام في الرعية منوط بالمصلحة)، وواجب الرعية أن يتواردوا على التعاون والتجاوب فيما فيه تحقيق المصالح العامة، ومن درر القرارات، ونيرات التوجيهات التي عطرت الأرجاء بشذاها الفواح، وأبهجت من الغير الأرواح، من ولي الأمر ورائد الإصلاح - لا يزال موفقا مسددا مكلوءا في المساء والصباح - إصدار لائحة الذوق العام؛ للمحافظة على قيم وعادات المجتمع، ومراعاة خصوصيات الناس، ومعاقبة كل من يتلفظ أو يقوم بفعل يضر أو يؤذي غيره خاصة بالأماكن العامة، فها هي بلاد الحرمين الشريفين - لا تزال محفوظة محروسة - تقنن الأخلاق والقيم بهذا العمل السباق للترقي بالقيم والأذواق، والحفاظ على الآداب والأخلاق».

عبدالرحمن السديس - المسجد الحرام

الأزمنة والفصول


«يجب الحذر من برد الشتاء القارس. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال «اشتكت النار إلى ربها فقالت: يا رب أكل بعضي بعضا، فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء، ونفس في الصيف، فهو أشد ما تجدون من الحر، وأشد ما تجدون من الزمهرير».

ينبغي التأمل في الأزمنة والفصول، حيث إنها لو كانت فصلا واحدا لفاتت مصالح عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، إذا حضر الشتاء تعاهدهم وكتب لهم بالوصية: إن الشتاء قد حضر، وهو عدو فتأهبوا له أهبته من الصوف والخفاف والجوارب، واتخذوا الصوف شعارا ودثارا؛ فإن البرد عدو سريع دخوله، بعيد خروجه.

إن الشتاء قد أقبل فهو غنيمة العابدين وربيع المؤمنين، فيطول ليلهم بالقيام ويقصر نهارهم بالصيام، فإن الإدمان على السهر مضيعة للوقت وسبب للخمول ومعطل عن الكسب والعمل وهدر للوقت ويشغل عن الطاعات.

الواجب على المسلم نحو أخيه أن يتعاهده من ملبس ومطعم وتتبع حاجات الناس، كما أن الإسلام استوعب ظروف الحياة وراعى تغير الزمان والأوقات فشرع العزائم كما شرع التيسير والرخص للضرورات، فشرع التيمم لمن لا يقدر على الوضوء للضرر والمشقة عن جابر بن عبدالله، رضي الله تعالى عنهما، أنه قال: خرجنا في سفر، فأصاب رجلا منا حجر، فشجه في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات، فلما قدمنا على النبي، صلى الله عليه وسلم، أخبر بذلك فقال: قتلوه قتلهم الله! ألا سألوا إذ لم يعلموا، فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر (أو يعصب) على جرحه خرقة، ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده، إن الإسلام دين يسر وتيسير».

عبدالله البعيجان - المسجد النبوي