إلى أين ستصل مظاهرات لبنان والعراق؟
الجارديان: اختفاء الطبقة المتوسطة والديمقراطية المخنوقة وراء الاحتجاجات في دول العالم
26 فردا يملكون ثروة تفوق ما يحصل عليه 3.8 مليارات فقير في العالم
المظاهرات اجتاحت 2019 من كتالونيا وروسيا إلى سترات فرنسا الصفراء
منطقة الشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية الأكثر زخما في الاضطرابات الشعبية
وسائل التواصل زادت حدة الاحتجاجات.. والواتس اب المتهم الأول في لبنان
جاكلين فان: الشكوى الاقتصادية ليست وحدها.. الفجوة الاجتماعية وراء غضب الشباب
الجارديان: اختفاء الطبقة المتوسطة والديمقراطية المخنوقة وراء الاحتجاجات في دول العالم
26 فردا يملكون ثروة تفوق ما يحصل عليه 3.8 مليارات فقير في العالم
المظاهرات اجتاحت 2019 من كتالونيا وروسيا إلى سترات فرنسا الصفراء
منطقة الشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية الأكثر زخما في الاضطرابات الشعبية
وسائل التواصل زادت حدة الاحتجاجات.. والواتس اب المتهم الأول في لبنان
جاكلين فان: الشكوى الاقتصادية ليست وحدها.. الفجوة الاجتماعية وراء غضب الشباب
الجمعة - 15 نوفمبر 2019
Fri - 15 Nov 2019
اندلعت المظاهرات في لبنان بسبب فرض ضريبة على تطبيق واتس اب والفساد المستشري في البلاد، بينما يستاء العراقيون من التدخل المتنامي لنظام الملالي الإيراني في سياسة بلادهم.
ويعارض الناس في تشيلي زيادة أجرة ركوب مترو الأنفاق وعدم المساواة المتفشية في البلاد، أما في هونج كونج، فيحتج الشارع على مشروع قانون لتسليم المجرمين والسلطوية المستفحلة في المنطقة.. سلسلة لا تتوقف من الاحتجاجات في شتى أرجاء العالم.
ويؤكد تقرير لصحيفة الجارديان الإنجليزية أن الاحتجاجات التي تدور اليوم في شوارع المدن حول العالم ذات دوافع مختلفة، ولكن أسبابها متشابهة، وتتمثل في اختفاء الطبقة المتوسطة، الديمقراطية المخنوقة، الاقتناع الراسخ بأن الأمور يمكن أن تكون أفضل، حتى لو كان البديل غير واضح دائما.
تزايد الاحتجاجات
لم يسلم سوى عدد قليل من دول العالم من الاحتجاجات الكبرى في 2019. شهدت كل من روسيا، وصربيا، وأوكرانيا، وألبانيا مظاهرات كبرى. وكذلك الأمر بالنسبة للمملكة المتحدة ضد خروجها من الاتحاد الأوروبي، وفرنسا بحركة السترات الصفراء، وإسبانيا في منطقة كتالونيا المضطربة.
وعصفت أنحاء منطقة الشرق الأوسط بخلافات شديدة لدرجة أن البعض يسميها موجة ثانية من الربيع العربي، وفي أمريكا الجنوبية، شهدت البرازيل، وبيرو، والإكوادور، وكولومبيا، وفنزويلا، اضطرابات شعبية، والقائمة تطول.
تقول جاكلين فان ستيكلنبرغ، الأستاذة التي تدرس التغيير الاجتماعي والصراع في جامعة فريجي بالعاصمة الهولندية أمستردام «تشير البيانات منذ عام 2009 إلى أن حجم الاحتجاجات في تزايد، وتشابه في معدلها المرتفع فترة الستينيات المشتعلة من القرن الماضي»، ولم تكن الاحتجاجات كلها ناجمة عن الشكاوى الاقتصادية، لكن اتساع الفجوات بين الأثرياء والفقراء يدفع الكثير من الشباب بالتحديد إلى التطرف. وذكرت منظمة أوكسفام في يناير أن أغنى 26 فردا في العالم يملكون ثروة تعادل ثروة نصف أفقر سكان العالم، ونمت ثروات المليارديرات بقيمة مجتمعة قدرها 2.5 مليار دولار يوميا خلال 2018، في حين انخفضت الثروة النسبية لأفقر سكان العالم البالغ عددهم 3.8 مليارات شخص بمقدار 500 مليون دولار يوميا.
«النظام التقليدي لفرض القوة من أعلى الهرم السياسي إلى أسفله يتعرض للتحدي على نحو متزايد، فهناك ثورة اجتماعية».
تيري دي مونبريال ـ المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية
«لم يعد تنظيم المظاهرات هو الجزء الصعب، فالمشكلة تكمن فيما يجب فعله بعد الاحتجاجات، وكيفية توضيح وجهة نظرك».
يوسف شريف ـ محلل في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي الجديدة
«الطبيعة غير القيادية لعدد من الاحتجاجات تجعل من الصعب على الحكومات الاستبدادية قمعها، لكنها قد تحد من استدامة الحركات الاحتجاجية ذاتها».
سانجوي تشاكرافورتيى ـ أستاذ الدراسات العالمية بجامعة تيمبل الأمريكية
وسائل التواصل أشعلتها
يبدو أن وسائل الإعلام الاجتماعية وسهولة الوصول إلى المعلومات تساهمان في إشعال المظاهرات وإعادة ترتيب هرم المعرفة والتواصل، ومن الواضح أن السلطات يمكنها أن تقاوم عن طريق استخدام أنظمة المراقبة الواسعة أو عن طريق التعتيم الرقمي المشابه لما فرضته الهند أخيرا في منطقة كشمير المتنازع عليها، لكن المحللين يقولون إن هياكل السلطة في القرن العشرين تتعرض لضغط هائل.
1 لبنان
من يحتج؟
تمثل الاحتجاجات قطاعات عريضة من المجتمع، لتغطي الاتجاهات الدينية والسياسية التي أشعلت 15 عاما من الحرب الأهلية في لبنان، بدءا من 1975.
ويعتقد أن نحو 1.3 مليون شخص أي ما يعادل 20% من السكان حضروا أكبر المظاهرات في لبنان.
لماذا يحتجون؟
تعد السلطة اللبنانية وهي ائتلاف غير مستقر منقسم ومختل وظيفيا، وغير غير قادر على الاستثمار في الطرق المتهالكة، أو تحديث شبكة الكهرباء، أو إصلاح نظام جمع النفايات، أو معالجة مشكلة بطالة الشباب المتفاقمة، بالإضافة إلى مجموعة من القضايا الأخرى.
ومن الأسباب الرئيسية للاحتجاجات فرض ضريبة قيمتها 20 سنتا على مكالمات واتس اب والتي أعلنتها الحكومة جزءا من سياسات التقشف للسيطرة على عبء الدين العام المرتفع للغاية.
كيف تستجيب السلطات؟
حاول القادة السياسيون من مختلف الأطياف التعاطف مع المحتجين، لكنهم دافعوا عن النظام وطالبوا باستعادته، ووافق مجلس الوزراء على حزمة من الإصلاحات، بما في ذلك خفض رواتب النواب إلى النصف.
ونفذ بعض المسلحين التابعين لحزب الله محاولات لترهيب المتظاهرين، واستخدم الجيش الغاز المسيل للدموع، لكن سمح للحركة السلمية بالتواصل، حتى عندما أدت إلى إغلاق الطرق وتحويل أجزاء من المدن إلى حفلات رقص في الهواء الطلق.
ماذا بعد؟
يثير احتمال تشكيل هوية لبنانية جديدة وموحدة في الشوارع الحماس، لكن يزداد القلق من إمكانية ظهور الانقسامات السياسية والدينية العميقة، ربما من خلال بعض أعمال العنف الطائفية. فلا تمتلك الحركة الاحتجاجية قائدا أو أجندة واضحة، لذلك حتى إن كانت قادرة على إقالة الحكومة، فمن غير الواضح من الذي سيحل محلها.
2 العراق
من يحتج؟
شارك الشباب والعاطلون عن العمل في المظاهرات، في بلد ترتفع فيه نسب البطالة بشكل متواصل، ويعيش نحو ربع سكانه تحت خط الفقر.
لماذا يحتجون؟
بعد عقود من العقوبات والغزو الذي قادته الولايات المتحدة وسنوات من الحرب الأهلية، أضحت البنية التحتية للعراق في حالة سيئة، وأصبحت الخدمات العامة غير كافية، وتناضل الدولة من أجل إعادة بناء اقتصادها، وينتشر الفساد بشكل كبير، لذلك تمثل الاحتجاجات في العراق صرخة غضب ضد النظام.
ويرى الكثيرون أن تدخل إيران لاستبعاد عبدالوهاب السعدي وهو ضابط بالجيش أصبح عنصرا بارزا خلال الحرب ضد داعش، هو أحد الدوافع المباشرة للاحتجاجات. فلم يوضح سبب فقدانه لمنصبه علنا، لكن يعتقد العديد من العراقيين أن ذلك يعود لمحاولته محاربة الفساد في جهاز مكافحة الإرهاب.
كيف تستجيب السلطات؟
قتل نحو 320 شخصا خلال شهر، وقالت الأمم المتحدة إنه «حمام دماء»، توفي نحو 70% من الضحايا متأثرين بإصاباتهم بالرصاص على مستوى الرأس أو الصدر.
وخلصت لجنة التحقيق إلى أن الضباط والقادة فقدوا السيطرة على قواتهم خلال الاحتجاجات، وهو ما تسبب في الفوضى، كما وجدت اللجنة أدلة تثبت أن المتظاهرين لقوا مصرعهم على يد قناص يتمركز في مبنى مهجور في العاصمة بغداد، ودعا التقرير إلى إقالة العشرات من كبار مسؤولي الأمن وإحالتهم إلى النيابة لمحاكمتهم المحتملة.
ماذا بعد؟
ما زالت الدعوات مستمرة لإقامة مظاهرات جديدة، ووعد عبدالمهدي بإجراء إصلاحات وإعادة تشكيل حكومته لمحاولة إرضاء المحتجين، لكن المتظاهرين لا يثقون بالحكومة.
3 هونج كونج
من يحتج؟
الشباب وطلاب الجامعات أو المدارس الثانوية، انضم إليهم متظاهرون من مختلف الأعمار.
لماذا يحتجون؟
يحتج المتظاهرون على تغيير مقترح في قانون تسليم المجرمين، من شأنه السماح بنقل المشتبه بهم إلى الصين، ومحاكمتهم في محاكم يسيطر عليها الحزب الشيوعي، وسحب مشروع القانون هذا، ويتظاهر المحتجون الآن ضد وحشية الشرطة المزعومة، وضد الحكومة بسبب طريقة تعاملها مع الأزمة، على نطاق أوسع، يعارض المحتجون أيضا النفوذ الصيني المتزايد على المدينة.
كيف تستجيب السلطات؟
تعرض أكثر من ألفي شخص للاعتقال، وتتبع الشرطة إجراءات أكثر صرامة لقمع المظاهرات، بما في ذلك استعمال الغاز المسيل للدموع، وخراطيم المياه التي تغرق الناس في صبغة زرقاء اللون مختلطة بمحلول الفلفل، وفي بعض الحالات استعمال الذخيرة الحية.
ماذا بعد؟
بعد مرور 5 أشهر، تضاءل عدد الأشخاص المشاركين في الاحتجاجات، لكن لا توجد علامات واضحة على أن سلسلة الاحتجاجات شارفت على النهاية، إذ تعهد المتظاهرون بمواصلة المسيرة حتى تلبى مطالبهم.
4 تشيلي
من يحتج؟
بدأت الاحتجاجات في العاصمة سانتياغو في شكل تمرد بقيادة الشباب، لكن تضخم التمرد ليشمل المدن والبلدات الواقعة خارج العاصمة، وشنت عمليات نهب وحرق متعمدة للمتاجر الكبرى، ومحطات قطار الأنفاق، والمباني الحكومية، ومقر إحدى الصحف.
لماذا يحتجون؟
اندلعت المظاهرات في البداية احتجاجا على ارتفاع أسعار تذاكر مترو الأنفاق، وفي منتصف أكتوبر، تدفقت حشود نحو شبكة المترو في سانتياغو كجزء من حملة التهرب من دفع سعر تذكرة الركوب.
ومنذ ذلك الحين، تحولت الاحتجاجات إلى معركة أوسع نطاقا ضد عدم المساواة، ونقص الخدمات العامة، وتدني الأجور ومعاشات التقاعد، والقمع الحكومي.
كيف تستجيب السلطات؟
كان رد فعل الرئيس المنتمي لتيار اليمين الوسط سبستيان بنييرا في البداية متشددا، حيث أعلن حالة الطوارئ، وأمر آلاف الجنود بالنزول إلى شوارع سانتياغو.
وأعلن بنييرا أن تشيلي في حالة حرب مع عصابات من المنحرفين العازمين على إحداث الدمار، وألقي القبض على أكثر من 2600 شخص، وتوفي 15 شخصا على الأقل، وتفيد التقارير بأن أربعة منهم ماتوا على أيدي قوات الأمن.
ماذا بعد؟
فيما تستعد تشيلي لاستضافة زعماء العالم بمن فيهم الرئيس الأمريكي ترمب والصيني شي جين بينغ الشهر المقبل لحضور قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ، يأمل بنييرا أن تنتهي المظاهرات، في حين يردد المتظاهرون عبارة «استيقظت تشيلي» ويواصلون غضبهم.
5 كتالونيا
من يحتج؟
يمثل الشباب والمراهقون أغلبية المتظاهرين الذين تجمعوا في شوارع برشلونة وغيرها من المدن الكتالونية، وجذب الاحتجاج السلمي نحو 525 ألف شخص في برشلونة من جميع الأعمار، بداية من الأطفال وصولا إلى المتقاعدين.
لماذا يحتجون؟
تصاعدت التوترات بعد أن أدانت المحكمة العليا في إسبانيا 9 قادة انفصاليين كتالونيين بتهمة إشعال فتيل الفتنة، وإساءة استخدام الأموال العامة في محاولة فاشلة لتحقيق الاستقلال قبل عامين، وحكم عليهم بالسجن لمدة تتراوح بين تسع سنوات و13 سنة.
وقعت العديد من الاشتباكات العنيفة، التي هوجم خلالها ضباط الشرطة بالحجارة والزجاجات وقنابل المولوتوف والمقاليع، وضرب في أثنائها المتظاهرون، وأطلق عليهم الرصاص المطاطي والإسفنجي.
كيف تستجيب السلطات؟
تلقى نحو 600 شخص علاجا طبيا، وما زال اثنان منهم، ضابط شرطة ومتظاهر، في حالة حرجة، كما اعتقل أكثر من 200 شخص.
وذكرت الحكومة في مدريد أن أولويتها تتمثل في الحفاظ على النظام العام، ووصفت استجابتها على أنها مناسبة حتى الآن. وتعرض الرئيس الإقليمي لكتالونيا المؤيد للاستقلال يواكيم تورا للانتقاد أيضا، بسبب استغراقه وقتا طويلا لإدانة العنف، فضلا عن دعوته للعصيان المدني، ثم إرسال الشرطة الإقليمية للتعامل مع هذا العصيان.
ماذا بعد؟
رفضت الحكومة الإسبانية بقيادة القائم بأعمال رئيس الوزراء بيدرو سانشيز إجراء استفتاء أحادي لكتولونيا، متهمة إدارة تورا بالفشل في القيام بما يكفي لضمان النظام، وتجاهل إرادة غالبية الكتالونيين الذين يعارضون الاستقلال، وحتى لو توقفت الاحتجاجات، ستبقى المسألة الكتالونية قضية رئيسية في الانتخابات العامة الإسبانية المرتقبة الشهر المقبل.
ويعارض الناس في تشيلي زيادة أجرة ركوب مترو الأنفاق وعدم المساواة المتفشية في البلاد، أما في هونج كونج، فيحتج الشارع على مشروع قانون لتسليم المجرمين والسلطوية المستفحلة في المنطقة.. سلسلة لا تتوقف من الاحتجاجات في شتى أرجاء العالم.
ويؤكد تقرير لصحيفة الجارديان الإنجليزية أن الاحتجاجات التي تدور اليوم في شوارع المدن حول العالم ذات دوافع مختلفة، ولكن أسبابها متشابهة، وتتمثل في اختفاء الطبقة المتوسطة، الديمقراطية المخنوقة، الاقتناع الراسخ بأن الأمور يمكن أن تكون أفضل، حتى لو كان البديل غير واضح دائما.
تزايد الاحتجاجات
لم يسلم سوى عدد قليل من دول العالم من الاحتجاجات الكبرى في 2019. شهدت كل من روسيا، وصربيا، وأوكرانيا، وألبانيا مظاهرات كبرى. وكذلك الأمر بالنسبة للمملكة المتحدة ضد خروجها من الاتحاد الأوروبي، وفرنسا بحركة السترات الصفراء، وإسبانيا في منطقة كتالونيا المضطربة.
وعصفت أنحاء منطقة الشرق الأوسط بخلافات شديدة لدرجة أن البعض يسميها موجة ثانية من الربيع العربي، وفي أمريكا الجنوبية، شهدت البرازيل، وبيرو، والإكوادور، وكولومبيا، وفنزويلا، اضطرابات شعبية، والقائمة تطول.
تقول جاكلين فان ستيكلنبرغ، الأستاذة التي تدرس التغيير الاجتماعي والصراع في جامعة فريجي بالعاصمة الهولندية أمستردام «تشير البيانات منذ عام 2009 إلى أن حجم الاحتجاجات في تزايد، وتشابه في معدلها المرتفع فترة الستينيات المشتعلة من القرن الماضي»، ولم تكن الاحتجاجات كلها ناجمة عن الشكاوى الاقتصادية، لكن اتساع الفجوات بين الأثرياء والفقراء يدفع الكثير من الشباب بالتحديد إلى التطرف. وذكرت منظمة أوكسفام في يناير أن أغنى 26 فردا في العالم يملكون ثروة تعادل ثروة نصف أفقر سكان العالم، ونمت ثروات المليارديرات بقيمة مجتمعة قدرها 2.5 مليار دولار يوميا خلال 2018، في حين انخفضت الثروة النسبية لأفقر سكان العالم البالغ عددهم 3.8 مليارات شخص بمقدار 500 مليون دولار يوميا.
«النظام التقليدي لفرض القوة من أعلى الهرم السياسي إلى أسفله يتعرض للتحدي على نحو متزايد، فهناك ثورة اجتماعية».
تيري دي مونبريال ـ المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية
«لم يعد تنظيم المظاهرات هو الجزء الصعب، فالمشكلة تكمن فيما يجب فعله بعد الاحتجاجات، وكيفية توضيح وجهة نظرك».
يوسف شريف ـ محلل في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي الجديدة
«الطبيعة غير القيادية لعدد من الاحتجاجات تجعل من الصعب على الحكومات الاستبدادية قمعها، لكنها قد تحد من استدامة الحركات الاحتجاجية ذاتها».
سانجوي تشاكرافورتيى ـ أستاذ الدراسات العالمية بجامعة تيمبل الأمريكية
وسائل التواصل أشعلتها
يبدو أن وسائل الإعلام الاجتماعية وسهولة الوصول إلى المعلومات تساهمان في إشعال المظاهرات وإعادة ترتيب هرم المعرفة والتواصل، ومن الواضح أن السلطات يمكنها أن تقاوم عن طريق استخدام أنظمة المراقبة الواسعة أو عن طريق التعتيم الرقمي المشابه لما فرضته الهند أخيرا في منطقة كشمير المتنازع عليها، لكن المحللين يقولون إن هياكل السلطة في القرن العشرين تتعرض لضغط هائل.
1 لبنان
من يحتج؟
تمثل الاحتجاجات قطاعات عريضة من المجتمع، لتغطي الاتجاهات الدينية والسياسية التي أشعلت 15 عاما من الحرب الأهلية في لبنان، بدءا من 1975.
ويعتقد أن نحو 1.3 مليون شخص أي ما يعادل 20% من السكان حضروا أكبر المظاهرات في لبنان.
لماذا يحتجون؟
تعد السلطة اللبنانية وهي ائتلاف غير مستقر منقسم ومختل وظيفيا، وغير غير قادر على الاستثمار في الطرق المتهالكة، أو تحديث شبكة الكهرباء، أو إصلاح نظام جمع النفايات، أو معالجة مشكلة بطالة الشباب المتفاقمة، بالإضافة إلى مجموعة من القضايا الأخرى.
ومن الأسباب الرئيسية للاحتجاجات فرض ضريبة قيمتها 20 سنتا على مكالمات واتس اب والتي أعلنتها الحكومة جزءا من سياسات التقشف للسيطرة على عبء الدين العام المرتفع للغاية.
كيف تستجيب السلطات؟
حاول القادة السياسيون من مختلف الأطياف التعاطف مع المحتجين، لكنهم دافعوا عن النظام وطالبوا باستعادته، ووافق مجلس الوزراء على حزمة من الإصلاحات، بما في ذلك خفض رواتب النواب إلى النصف.
ونفذ بعض المسلحين التابعين لحزب الله محاولات لترهيب المتظاهرين، واستخدم الجيش الغاز المسيل للدموع، لكن سمح للحركة السلمية بالتواصل، حتى عندما أدت إلى إغلاق الطرق وتحويل أجزاء من المدن إلى حفلات رقص في الهواء الطلق.
ماذا بعد؟
يثير احتمال تشكيل هوية لبنانية جديدة وموحدة في الشوارع الحماس، لكن يزداد القلق من إمكانية ظهور الانقسامات السياسية والدينية العميقة، ربما من خلال بعض أعمال العنف الطائفية. فلا تمتلك الحركة الاحتجاجية قائدا أو أجندة واضحة، لذلك حتى إن كانت قادرة على إقالة الحكومة، فمن غير الواضح من الذي سيحل محلها.
2 العراق
من يحتج؟
شارك الشباب والعاطلون عن العمل في المظاهرات، في بلد ترتفع فيه نسب البطالة بشكل متواصل، ويعيش نحو ربع سكانه تحت خط الفقر.
لماذا يحتجون؟
بعد عقود من العقوبات والغزو الذي قادته الولايات المتحدة وسنوات من الحرب الأهلية، أضحت البنية التحتية للعراق في حالة سيئة، وأصبحت الخدمات العامة غير كافية، وتناضل الدولة من أجل إعادة بناء اقتصادها، وينتشر الفساد بشكل كبير، لذلك تمثل الاحتجاجات في العراق صرخة غضب ضد النظام.
ويرى الكثيرون أن تدخل إيران لاستبعاد عبدالوهاب السعدي وهو ضابط بالجيش أصبح عنصرا بارزا خلال الحرب ضد داعش، هو أحد الدوافع المباشرة للاحتجاجات. فلم يوضح سبب فقدانه لمنصبه علنا، لكن يعتقد العديد من العراقيين أن ذلك يعود لمحاولته محاربة الفساد في جهاز مكافحة الإرهاب.
كيف تستجيب السلطات؟
قتل نحو 320 شخصا خلال شهر، وقالت الأمم المتحدة إنه «حمام دماء»، توفي نحو 70% من الضحايا متأثرين بإصاباتهم بالرصاص على مستوى الرأس أو الصدر.
وخلصت لجنة التحقيق إلى أن الضباط والقادة فقدوا السيطرة على قواتهم خلال الاحتجاجات، وهو ما تسبب في الفوضى، كما وجدت اللجنة أدلة تثبت أن المتظاهرين لقوا مصرعهم على يد قناص يتمركز في مبنى مهجور في العاصمة بغداد، ودعا التقرير إلى إقالة العشرات من كبار مسؤولي الأمن وإحالتهم إلى النيابة لمحاكمتهم المحتملة.
ماذا بعد؟
ما زالت الدعوات مستمرة لإقامة مظاهرات جديدة، ووعد عبدالمهدي بإجراء إصلاحات وإعادة تشكيل حكومته لمحاولة إرضاء المحتجين، لكن المتظاهرين لا يثقون بالحكومة.
3 هونج كونج
من يحتج؟
الشباب وطلاب الجامعات أو المدارس الثانوية، انضم إليهم متظاهرون من مختلف الأعمار.
لماذا يحتجون؟
يحتج المتظاهرون على تغيير مقترح في قانون تسليم المجرمين، من شأنه السماح بنقل المشتبه بهم إلى الصين، ومحاكمتهم في محاكم يسيطر عليها الحزب الشيوعي، وسحب مشروع القانون هذا، ويتظاهر المحتجون الآن ضد وحشية الشرطة المزعومة، وضد الحكومة بسبب طريقة تعاملها مع الأزمة، على نطاق أوسع، يعارض المحتجون أيضا النفوذ الصيني المتزايد على المدينة.
كيف تستجيب السلطات؟
تعرض أكثر من ألفي شخص للاعتقال، وتتبع الشرطة إجراءات أكثر صرامة لقمع المظاهرات، بما في ذلك استعمال الغاز المسيل للدموع، وخراطيم المياه التي تغرق الناس في صبغة زرقاء اللون مختلطة بمحلول الفلفل، وفي بعض الحالات استعمال الذخيرة الحية.
ماذا بعد؟
بعد مرور 5 أشهر، تضاءل عدد الأشخاص المشاركين في الاحتجاجات، لكن لا توجد علامات واضحة على أن سلسلة الاحتجاجات شارفت على النهاية، إذ تعهد المتظاهرون بمواصلة المسيرة حتى تلبى مطالبهم.
4 تشيلي
من يحتج؟
بدأت الاحتجاجات في العاصمة سانتياغو في شكل تمرد بقيادة الشباب، لكن تضخم التمرد ليشمل المدن والبلدات الواقعة خارج العاصمة، وشنت عمليات نهب وحرق متعمدة للمتاجر الكبرى، ومحطات قطار الأنفاق، والمباني الحكومية، ومقر إحدى الصحف.
لماذا يحتجون؟
اندلعت المظاهرات في البداية احتجاجا على ارتفاع أسعار تذاكر مترو الأنفاق، وفي منتصف أكتوبر، تدفقت حشود نحو شبكة المترو في سانتياغو كجزء من حملة التهرب من دفع سعر تذكرة الركوب.
ومنذ ذلك الحين، تحولت الاحتجاجات إلى معركة أوسع نطاقا ضد عدم المساواة، ونقص الخدمات العامة، وتدني الأجور ومعاشات التقاعد، والقمع الحكومي.
كيف تستجيب السلطات؟
كان رد فعل الرئيس المنتمي لتيار اليمين الوسط سبستيان بنييرا في البداية متشددا، حيث أعلن حالة الطوارئ، وأمر آلاف الجنود بالنزول إلى شوارع سانتياغو.
وأعلن بنييرا أن تشيلي في حالة حرب مع عصابات من المنحرفين العازمين على إحداث الدمار، وألقي القبض على أكثر من 2600 شخص، وتوفي 15 شخصا على الأقل، وتفيد التقارير بأن أربعة منهم ماتوا على أيدي قوات الأمن.
ماذا بعد؟
فيما تستعد تشيلي لاستضافة زعماء العالم بمن فيهم الرئيس الأمريكي ترمب والصيني شي جين بينغ الشهر المقبل لحضور قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ، يأمل بنييرا أن تنتهي المظاهرات، في حين يردد المتظاهرون عبارة «استيقظت تشيلي» ويواصلون غضبهم.
5 كتالونيا
من يحتج؟
يمثل الشباب والمراهقون أغلبية المتظاهرين الذين تجمعوا في شوارع برشلونة وغيرها من المدن الكتالونية، وجذب الاحتجاج السلمي نحو 525 ألف شخص في برشلونة من جميع الأعمار، بداية من الأطفال وصولا إلى المتقاعدين.
لماذا يحتجون؟
تصاعدت التوترات بعد أن أدانت المحكمة العليا في إسبانيا 9 قادة انفصاليين كتالونيين بتهمة إشعال فتيل الفتنة، وإساءة استخدام الأموال العامة في محاولة فاشلة لتحقيق الاستقلال قبل عامين، وحكم عليهم بالسجن لمدة تتراوح بين تسع سنوات و13 سنة.
وقعت العديد من الاشتباكات العنيفة، التي هوجم خلالها ضباط الشرطة بالحجارة والزجاجات وقنابل المولوتوف والمقاليع، وضرب في أثنائها المتظاهرون، وأطلق عليهم الرصاص المطاطي والإسفنجي.
كيف تستجيب السلطات؟
تلقى نحو 600 شخص علاجا طبيا، وما زال اثنان منهم، ضابط شرطة ومتظاهر، في حالة حرجة، كما اعتقل أكثر من 200 شخص.
وذكرت الحكومة في مدريد أن أولويتها تتمثل في الحفاظ على النظام العام، ووصفت استجابتها على أنها مناسبة حتى الآن. وتعرض الرئيس الإقليمي لكتالونيا المؤيد للاستقلال يواكيم تورا للانتقاد أيضا، بسبب استغراقه وقتا طويلا لإدانة العنف، فضلا عن دعوته للعصيان المدني، ثم إرسال الشرطة الإقليمية للتعامل مع هذا العصيان.
ماذا بعد؟
رفضت الحكومة الإسبانية بقيادة القائم بأعمال رئيس الوزراء بيدرو سانشيز إجراء استفتاء أحادي لكتولونيا، متهمة إدارة تورا بالفشل في القيام بما يكفي لضمان النظام، وتجاهل إرادة غالبية الكتالونيين الذين يعارضون الاستقلال، وحتى لو توقفت الاحتجاجات، ستبقى المسألة الكتالونية قضية رئيسية في الانتخابات العامة الإسبانية المرتقبة الشهر المقبل.