الكلمة التي لا تقول لصاحبها دعني
الثلاثاء - 12 نوفمبر 2019
Tue - 12 Nov 2019
مسيرة الكلمة مع الناس طويلة منذ التاريخ الأول، ومنذ قال سقراط لمن أعجبه منظرا تكلم حتى أراك إلى أن حكم عبدالله القصيمي على العرب قبل 50 سنة بأنهم ظاهرة صوتية، عند سقراط تعبر الكلمة عن محتوى الذات حين يكون الصمت سورا مرتفع الشرفات يكون الكلام بابا واسعا يكشف ما وراء سور الصمت وجمود الأحداث، وتكون الكلمة هي مفتاح ذلك المضمر المجهول، والكشف والبيان هو ما أراد سقراط حين طلب الكلام حتى يرى صاحبه على حقيقته، وليس تحت ذلك الغطاء الكثيف من الصنعة والتمنع، ذلك هو الهدف من الكلام والهدف من التعارف بين الناس على الحقيقة والبيان والمكاشفة، وليس على التعمية والتحايل.
وأما القصيمي فلا يرى الكلمة كذلك لأن الغبار الكثيف والأصوات العالية والضجيج الذي يصم الآذان كانت هي الغالب على المجتمع الذي عاش فيه، فنظر إلى القيمة التي يحققها الكلام فلم ير غير تلك الانفجارات الصوتية المزعجة فوصف الحال كما رآها وأسقطها على العرب الذين عاصرهم، ولولا أن سقراط والقصيمي وجدا في الكلمة ما لم تجده الحناجر التي ترددها كل يوم لما كان لقوليهما هذا الشيوع والانتشار والبقاء والاستمرار.
الكلمة وعاء يحمل شحنات هائلة من المكنونات والآراء والمتناقضات، وكل يحفظ المثل العربي القديم (رب كلمة قالت لصاحبها دعني). لكن هل كل كلمة تقول لصاحبها دعني؟ أو بالأصح ما هي الكلمة التي لا تقول لصاحبها دعني؟ إنها كلمة الناصح المخلص الذي يتصدى لهموم الناس ومشاكلهم مرشدا بما يراه خالصا للنصيحة التي يبديها مهما كان نوع النصح ومهما كان موضع الناصح وموقعه في المجتمع، حيث لا يتصدى لمهمة النصيحة ويتحمل تبعاتها غير المخلصين القادرين على أن يكون فيما يرون من النصح ما يوجب عليهم بيانه لمن يتوجهون إليه.
وقد تكون كلمة النصيحة في أمر عام يرى الناصحون المخلصون فيه ما لم ير غيرهم ضمن هموم الجماعة التي ينتمون إليها، وضمن مسؤولياتهم الاجتماعية التي يسدونها لمجتمعهم، فلا تخلو وظيفة الكلمة عندهم من حق يرونه أو باطل يخشونه وعندهم فضل علم يظهرونه ومعرفة يسدونها وتجارب توجب عليهم حق النصيحة، يقولون رأيهم ويسدون نصحهم فيما يرون من جوانب النقص الذي يقع الناس فيه، أفرادا أو جماعات، وقد لا تجد أحدا إلا وهو من هذا القبيل يسدي النصح لمن يحب. فالوالد والصديق والقريب مهما كان حظه من العلم والمعرفة هو يعرض النصح يبذله لأحبائه لشدة حرصه عليهم وحنوه ومشاركتهم حياتهم التي يود أن تكون سليمة مستقيمة خالية من الأخطاء.
الكلمة الثانية هي كلمة الصدق، حيث تحارب الثقافات الكذب بكل أنواعه ومعانيه، وتقدس الصدق وأهله وتعطيه المكانة العالية من الاحترام، وهو قيمة عليا وكل يحاول أن يكون صادقا أو متصفا بصفة الصدق ولا تجد خصلة أفضل من خصال الصدق، ولأن الجوهر الحقيقي للإنسان هو جوهر الصدق ومعناه فقد احتلت الكلمة مكانة في نفوس الناس واحترمتها القوانين والثقافات.
ولا تجد ثقافة لا تحل الصدق المحل الأعلى وتعده الوجه المشرق الذي لا يظلم ولا يتغير ولا يتحول ويبقى صالحا ومريحا لمن يقوله ومن يستمع إليه، الصدق هو السند الذي تعتمد عليه الكلمات وتقبله الطبيعة السوية والجبلة والفطرة. ولا يأتي بعد كلمة الصدق أفضل منها إلا كلمة تنطلق من اللسان لا يراد بها غير وجه الله، وتلك كلمة لا يبقى بعدها فضل للكلام.
Mtenback@
وأما القصيمي فلا يرى الكلمة كذلك لأن الغبار الكثيف والأصوات العالية والضجيج الذي يصم الآذان كانت هي الغالب على المجتمع الذي عاش فيه، فنظر إلى القيمة التي يحققها الكلام فلم ير غير تلك الانفجارات الصوتية المزعجة فوصف الحال كما رآها وأسقطها على العرب الذين عاصرهم، ولولا أن سقراط والقصيمي وجدا في الكلمة ما لم تجده الحناجر التي ترددها كل يوم لما كان لقوليهما هذا الشيوع والانتشار والبقاء والاستمرار.
الكلمة وعاء يحمل شحنات هائلة من المكنونات والآراء والمتناقضات، وكل يحفظ المثل العربي القديم (رب كلمة قالت لصاحبها دعني). لكن هل كل كلمة تقول لصاحبها دعني؟ أو بالأصح ما هي الكلمة التي لا تقول لصاحبها دعني؟ إنها كلمة الناصح المخلص الذي يتصدى لهموم الناس ومشاكلهم مرشدا بما يراه خالصا للنصيحة التي يبديها مهما كان نوع النصح ومهما كان موضع الناصح وموقعه في المجتمع، حيث لا يتصدى لمهمة النصيحة ويتحمل تبعاتها غير المخلصين القادرين على أن يكون فيما يرون من النصح ما يوجب عليهم بيانه لمن يتوجهون إليه.
وقد تكون كلمة النصيحة في أمر عام يرى الناصحون المخلصون فيه ما لم ير غيرهم ضمن هموم الجماعة التي ينتمون إليها، وضمن مسؤولياتهم الاجتماعية التي يسدونها لمجتمعهم، فلا تخلو وظيفة الكلمة عندهم من حق يرونه أو باطل يخشونه وعندهم فضل علم يظهرونه ومعرفة يسدونها وتجارب توجب عليهم حق النصيحة، يقولون رأيهم ويسدون نصحهم فيما يرون من جوانب النقص الذي يقع الناس فيه، أفرادا أو جماعات، وقد لا تجد أحدا إلا وهو من هذا القبيل يسدي النصح لمن يحب. فالوالد والصديق والقريب مهما كان حظه من العلم والمعرفة هو يعرض النصح يبذله لأحبائه لشدة حرصه عليهم وحنوه ومشاركتهم حياتهم التي يود أن تكون سليمة مستقيمة خالية من الأخطاء.
الكلمة الثانية هي كلمة الصدق، حيث تحارب الثقافات الكذب بكل أنواعه ومعانيه، وتقدس الصدق وأهله وتعطيه المكانة العالية من الاحترام، وهو قيمة عليا وكل يحاول أن يكون صادقا أو متصفا بصفة الصدق ولا تجد خصلة أفضل من خصال الصدق، ولأن الجوهر الحقيقي للإنسان هو جوهر الصدق ومعناه فقد احتلت الكلمة مكانة في نفوس الناس واحترمتها القوانين والثقافات.
ولا تجد ثقافة لا تحل الصدق المحل الأعلى وتعده الوجه المشرق الذي لا يظلم ولا يتغير ولا يتحول ويبقى صالحا ومريحا لمن يقوله ومن يستمع إليه، الصدق هو السند الذي تعتمد عليه الكلمات وتقبله الطبيعة السوية والجبلة والفطرة. ولا يأتي بعد كلمة الصدق أفضل منها إلا كلمة تنطلق من اللسان لا يراد بها غير وجه الله، وتلك كلمة لا يبقى بعدها فضل للكلام.
Mtenback@