برجس حمود البرجس

الادخار: «زود» وتعود.. وتحسين نمط حياة

الثلاثاء - 29 أكتوبر 2019

Tue - 29 Oct 2019

المعلومة الاقتصادية الأهم التي تعني الأسر والأفراد هي أن «الادخار» نقيض «الاقتراض»، فالادخار يحفظ الأموال ويجني أرباحا فتنمو المبالغ لتصرف غالبا في المستقبل على مستلزمات ضرورية تأتي ضمن تخطيط مالي وميزانيات، أما الاقتراض فهو غالبا لحاجة لحظية ليست ضمن خطط صرف مالية، ويدفع عليه الشخص فوائد إضافية فتزداد الأعباء وتصعب معه الحياة.

عند الحديث عن الادخار، الحديث ليس دائما عن ادخار مبالغ طوال السنين إلى ما بعد التقاعد، بل إن المدخر يستطيع الادخار لمراحل متعددة في حياته، فربما يحتاج الشخص لمدخراته كل خمس أو عشر سنوات، المهم أن «يعتاد» الشخص الادخار الشهري ليستفيد منه عندما تكون الحاجة ضرورية. الادخار سلوك واعتياد وتغيير لنمط حياة، وجميعنا نعلم أن من يدخر يصعب عليه صرف الأموال التي ادخرها إلا ضمن خطة مالية وعلى شيء مناسب ومجد، أي إن حرصه على صرف تلك الأموال ازداد.

أهمية الوعي بالادخار هي إحدى مبادرات «بنك التنمية الاجتماعية» ضمن برامجها الاستراتيجية، فمن نظرة مالية واقتصادية، المستقبل دائما أصعب، حيث إن أفراد العائلة يزدادون والمتطلبات تزداد وغلاء الأسعار أيضا في ازدياد مستمر، فقيمة المنزل والأثاث والسيارات اليوم ليست كما كانت عليه قبل 30 سنة، ولن تكون بعد 30 سنة كما هي اليوم، وعندما يكبر الأبناء والبنات يحتاجون إلى مصاريف كثيرة ومكلفة، حيث تغير نمط الحياة ومستلزماتها، فيحتاجون إلى سيارات وتعليم وحاجيات أخرى كالأجهزة الالكترونية والملابس المختلفة. ماذا ستكون الحال بعد التقاعد عندما ينقص الراتب؟

لذلك، وضع بنك التنمية الاجتماعية خططا لتثقيف وتشجيع المواطنين وتحفيزهم على الادخار، فبدأ ببرنامج تحفيزي وضع له محفزات مالية وجوائز، ويعتبر هذا استثمارا من الدولة في التثقيف بالتخطيط المالي والادخار.

أطلق بنك التنمية الاجتماعية برنامج «زود» الادخاري قبل 12 شهرا، حيث بدأ البنك برنامجه بتحفيز الادخار واستهدف في المرحلة الأولى عملاءه المقترضين من بنك التنمية الاجتماعية، فبدأ بنشر ثقافة الادخار والتخطيط المالي وأهميتهما لمستقبل أفضل. قام البنك بعقد ورش عمل وتدريب لنحو 90 ألف مستفيد ومستفيدة في 100 مدينة ومحافظة، واستخدم منصات متعددة للوصول إلى 500 ألف شخص.

نجح البنك في إقناع أكثر من 20 ألف شخص اشترك في الادخار، وتجاوزت قيمة مدخراتهم اليوم 62 مليون ريال. يعتبر نجاح البنك في إقناع 30% من مشتركي القروض الاجتماعية إنجازا كبيرا، حيث إن هذه الشرائح المقترضة تعتبر من الدخل المتوسط وما دون، فجميع القروض الاجتماعية عملاؤها ممن رواتبهم دون 10 آلاف ريال.

يقدم برنامج زود الادخاري حوافز مالية للمدخرين، حيث تصل إلى 1500 ريال لمن تصل مدخراته في 5 سنوات إلى 6000 ريال (أي من يدخر 100 ريال بالشهر)، وحوافز تصل إلى 15000 ريال لمن تصل مدخراته إلى 60 ألف ريال في 5 سنوات، أي لمن يدخر 1000 ريال شهريا؛ الحوافز دائما أكثر من 20%. طبعا التسهيلات بأنواعها موجودة، حيث الإيداع والسحب بأي وقت عند الحاجة، والمحفزات تمنح على كل ادخار شهري، وهناك تفاصيل مشوقة على موقعهم الالكتروني.

المرحلة الثانية لبرنامج «زود» ستكون استهداف شرائح أخرى وهم مقترضو البنك أصحاب المشاريع الصغيرة والأسر المنتجة وما شابههم. بنك التنمية الاجتماعية بدأ بتثقيف وتحفيز الشرائح الأكثر حاجة للادخار، أقنع 30% ممن استهدفهم خلال سنة، وسيبدأ مارثون زود آخر ليرفع من عدد (معتادي) الادخار، وبذلك يكون زرع هذه العادة عند الشريحة الأصعب لمساعدتهم على تغيير أنماط حياتهم ويحرصون أكثر على صرف الأموال ضمن ميزانيات وخطط مالية. بذلك سيكون سهلا جدا تقبل بقية شرائح المجتمع تفهم أهمية الادخار واعتياده ليغير نمط حياتهم للأفضل.

Barjasbh@