تناقض دراسات سلامة الغذاء يحير المستهلكين

السبت - 26 أكتوبر 2019

Sat - 26 Oct 2019

سلامة الغذاء
سلامة الغذاء
بات كثير من المستهلكين في حيرة من أمرهم إثر تضارب النصائح الطبية والتناقض الكبير بين نتائج الدراسات العلمية على خياراتهم وتوجهاتهم في نظامهم الغذائي وأسلوب حياتهم اليومية. فكلما أكدت دراسة فوائد لمنتج ما، ظهرت أخرى تحذر من المخاطر والأضرار التي يتضمنها.

«مكة» جمعت بعض الدراسات العلمية المتناقضة لأبرز المنتجات الاستهلاكية المثيرة للجدل، وأهم الأسباب التي أدت لهذا التناقض الكبير، وفقا لمجلات ومواقع علمية عالمية متخصصة.

الكافيين

أفادت دراسة من معهد الطب بأمريكا بأن الجنود والعسكريين يعانون من انخفاض في اليقظة وتباطؤ التفكير نظرا لطبيعة عملهم التي تحرمهم النوم، لذا فإن الكافيين يعد الحل الأمثل كمنشط مسموح ولما له من تأثير إيجابي على المهارات المعرفية وتحسين المزاج لمدة تصل إلى ثلاث ساعات، ورفع مستوى النشاط والتخلص من النعاس حتى مع الاستهلاك المنخفض نسبيا بمعدل 300 مليجرام للمصاب بالأرق، و 75 إلى 150 مليجرام للشخص الطبيعي. كما أظهرت دراسة صحة المرأة في ولاية آيوا أن شرب ثلاثة أكواب يوميا من القهوة قلل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 24% عند 27 ألف سيدة بعد تتبع دام 15 عاما، إلا أن أطباء في جامعة كاليفورنيا أوجدوا أدلة تؤكد تسبب الكافيين في نوبات قلبية أو ضربات القلب غير الطبيعية، فيما ربطت دراسة نشرتها جامعة هارفارد عام 1981 شرب القهوة أو الكافيين بمخاطر الإصابة بسرطان البنكرياس.

اللحوم الحمراء

نشرت مجلة أوتوميونيتي ريفيوز (Autoimmunity Reviews) دراسة تؤكد أن تناول اللحوم غير المعالجة يساهم في حماية المناعة الذاتية من خلال تقوية قدرة الجهاز المناعي على منع الأمعاء من امتصاص أي جسيمات غريبة ضارة. وعلى عكس ذلك، أوجدت دراسة لباحثين من كلية هارفارد للصحة العامة أن كل وجبة يومية إضافية من اللحوم الحمراء تزيد من خطر الوفاة بنسبة 13% وترتبط بأمراض القلب. وشملت الدراسة 121 ألف مشارك من الرجال والنساء، بمتوسط 24 عاما من خلال مشاركتهم لنظامهم الغذائي في كل 4 سنوات. وخلال مدة الدراسة توفي نحو 24 ألفا من المشاركين ممن كان نظامهم الغذائي يحتوي على كميات لحوم حمراء أكبر من الآخرين.

الشاي الأخضر

نشرت مجلة بيوميد سنترال البريطانية العلمية دراسة تسرد مجموعة واسعة من الفوائد الصحية للشاي الأخضر، بما فيها الوقاية من أنواع مختلفة من السرطان وأمراض القلب والكبد، إلى جانب علاج متلازمة التمثيل الغذائي، مثل السمنة ومرض السكري من النوع الثاني، وفقا لأدلة مختبرية وحيوانية على الآليات الأساسية لمضادات الأكسدة بالشاي الأخضر وتأثيرها البيولوجي، حيث أظهرت تجربة على فئران مصابة بداء السكري من النوع الثاني وبدينة بشكل وراثي انخفاضا ملحوظا في مستويات الجلوكوز في الدم عند منحها 500 مليجرام من تركيبة الشاي الأخضر بشكل منتظم لمدة 15 يوما بنسبة 44%، إلا أن دراسة حديثة أصدرتها المجلة الدولية لعلم الأوبئة ناقضتها بإثبات أن الأشخاص المداومين على شرب الشاي الأخضر معرضون لخطر أكبر بالإصابة بداء السكري من النوع الثاني. وشارك في الدراسة نحو 119 ألف مشارك من الرجال والنساء غير مصابين من خلال تحليل لمستويات الكافيين والسكر في الدم. ولاحظ الباحثون ارتفاع خطر الإصابة بالمرض كلما زادت كمية الشاي الأخضر المستهلكة.

شرب الماء البارد

أشارت دراسة قديمة نشرتها المكتبة الوطنية الأمريكية للطب وأجريت على 15 شخصا عام 1978 إلى أن الماء البارد يزيد من سماكة المخاط الأنفي مما يفاقم صعوبة التنفس عند الإصابة بالإنفلونزا. كما ربطته دراسة لأطباء أعصاب بالمستشفى الجامعي في مدينة أوبسالا السويدية بالصداع النصفي وزيادة الألم المرتبط بالشلل والحد من قدرة الجسم على تمرير الطعام عبر المريء عند شربه مع الوجبة، إلا أن مجلة علم أيض الغدد الصماء السريري (Journal of Clinical Endocrinology Metabolism) نشرت دراسة تفيد بأن التعرض لدرجات الحرارة عالية البرودة يؤثر إيجابيا على تنشيط الأنسجة الدهنية البنية، وبالتالي حرق سعرات حرارية لتوليد الحرارة في الجسم وتعزيز فقدان الوزن. كما يساعد الماء البارد على اندفاع الدم لسطح البشرة ومنحها نضارة طبيعية وصحية.

الأسبرين

نتائج دراسة من جمعية القلب الأمريكية العلمية أشارت إلى أن تناول الأسبرين مساء أكثر فعالية في تقليل خطر تجلط الدم، حيث جرت الدراسة على 290 شخصا نجوا من نوبات قلبية وتناولوا الأسبرين لمدة 3 أشهر بعضهم صباحا وآخرون مساء. في حين وجدت دراسة نشرتها مجلة ذا لانسيت العلمية شملت 12546 شخصا لمدة 4 سنوات أن تناول الأسبرين لم يساعد في منع السكتات الدماغية الأولى أو النوبات القلبية لدى الأشخاص المعرضين لخطر معتدل بسبب وجود تهديدات صحية عدة، منها التدخين وارتفاع ضغط الدم أو نسبة الكوليسترول. كما أن المصابين بداء السكري ويتناولون الأسبرين هم أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب نظرا لارتفاع مخاطر النزيف. ولاحظ الباحثون أن المشاركين في الدراسة تعرضوا لمشاكل في القلب وآخرون نزيف في المعدة أو الأمعاء وعسر الهضم وآلام في البطن.

لماذا تتناقض الدراسات؟

المصدر

يتأثر كثير من الدراسات بمصدرها وناشرها نظرا للتمويل المكتسب والذي ينعكس على النتائج. حيث تمول بعض العلامات التجارية دراسات علمية حتى تتمكن من عرض منتجها بشكل إيجابي. وعلى الرغم من أنه ليس بالضروري أن كل دراسة تمولها شركة أو قطاع صناعي تعد متحيزة، إلا أنه أمر يجب مراعاته والحذر منه.

كمية الجرعات

ينتشر الكثير من الدراسات تحت عناوين مضللة تربط بين أغذية ومنتجات غير ضارة بنتائج صحية كارثية بسبب الجرعات العالية التي استخدمها الباحثون على الحيوانات والتي لا يتعرض لها البشر بشكل طبيعي في حياتهم اليومية، وبالتالي لن يكون لها التأثير نفسه.

صعوبة دراسة البشر

تعاني الملاحظة واسعة النطاق من عوامل عدة مربكة، أهمها عدم حدوث الظواهر الاجتماعية في الفراغ المختبري حتى مع استخدام تقنيات متطورة في محاولة عزل الأسباب والتأثير إلى جانب التعقيدات التي تنطوي عليها حياة البشر، مما يؤدي لدراسات متناقضة حتى مع استخدام البيانات نفسها.

ضعف جودة الدراسة

تواجه الدراسات في شتى المجالات، وفي علم النفس بشكل خاص، مشكلة تعرف بـ «أزمة قابلية التكرار»، أي محاولة الباحثين تكرار تجارب منشورة لإظهار نتائج مغايرة، أو التعديل على إعدادات مهمة في اختبار التجارب السابقة لم يكن الباحث مدركا أهميتها.

حجم العينة

في حين لا توجد قواعد صارمة بشأن حجم عينة الدراسة، إلا أن الدراسات ذات العينات الصغيرة في كثير من الأحيان لا تمثل غالبية السكان، فالأبحاث الاستقصائية والاستطلاعات تحتاج إلى ما لا يقل عن 1000 شخص، وأي دراسة تتضمن أقل من ذلك ستثير الكثير من التساؤلات.

الارتباط النسبي

يحتوي بعض الدراسات على مفردات تحوط مثل «مرتبط بـ» و»قد يؤدي» لتجنب إثبات الحالة بشكل قاطع، خاصة فيما يتعلق بالأمور الصحية، مع ذلك يمتلك هذا النوع من الدراسات أهمية بالغة لكونه يطرح أسئلة جديدة ليدرسها باحثون آخرون في دراسات أكثر تطورا.

المنهجية

تختلف نتائج الدراسات بالمختبر عن تلك التي جرى تمثيلها في عينة بشرية. فعلى الرغم من أن التجارب على الفئران والحيوانات في المختبر مهمة وتقدم الكثير من المعلومات، إلا أنها غالبا ما تبالغ في الآثار المترتبة على البشر في العالم الحقيقي.