صلاح صالح معمار

4 علامات للعقلية النمطية!

الأحد - 13 أكتوبر 2019

Sun - 13 Oct 2019

قام الفيلسوف الكبير Jerry Fodor في كتابه The Modularity of Mind بإحياء فكرة نمطية العقل والوحدة النمطية، وهو من أشهر علماء نظرية العقل الحاسوبي التي تبني آراءها على أن العقل البشري عبارة عن معالج معلومات، وأن التفكير هو شكل من أشكال الحوسبة!

لن نغوص في البعد الوظيفي للنظرية، ولكن ننطلق فقط من فكرة أن العقل يعمل مثل الحاسوب من خلال مدخلات وعمليات ومخرجات، وعندما تدخل المعلومات كمسلمات فإنها لا تمر بمرحلة العمليات وتتساوى المدخلات مع المخرجات! ومن هنا تخرج لنا الأفكار النمطية التي عرفها الدكتور طارق حجي بأنها تلك الصيغ التي تشيع بين الناس بحيث يرددها كثيرون دون أن يتصدى معظمهم لفحصها وتمحيصها وعرضها على العقل لرفضها أو قبولها!

وذكر الدكتور حجي أنها تنشأ من أربعة مصادر. أولها اتسام المحصول المعرفي لأفراد أي مجتمع إما بهزال التكوين أو بمحليته أو بعدم الاتساع الأفقي له، وبالتالي محصولهم المعرفي ينتمي لعقد الخمسينات والستينات أكثر من انتمائه للزمن الآني. أما المصدر الثاني للأفكار النمطية فهو عدم قيام الحياة التعليمية والثقافية على أساس متين من ثقافة الحوار، وبالتالي شيوع الأفكار النمطية في مثل هذا المناخ وهذه البيئات، بينما المصدر الثالث هو أن أنصار العولمة لم ينجحوا في تحويلها من ظاهرة سياسية اقتصادية إلى ظاهرة تقف على أرضية إنسانية ثقافية، فلا تزال مفاهيم العولمة بحاجة ماسة لبعد إنساني وبعد ثقافي يجعلها في عيون أبناء العالم غير المتقدم أقل توحشا وأقل قابلية للفتك بمجتمعاتهم.

وأما المصدر الرابع من مصادر شيوع ثقافة الأفكار النمطية فهو وجود مناخ ثقافي ونفسي عام متسم بالرغبة الملحة في الدفاع عن النفس، فالشعور بالإنجاز وصنع التقدم يعطي أبناء أي مجتمع رغبة أقل في الدفاع عن الذات، وإلصاق تهمة عدم الإنجاز والتقدم بالآخرين والإيمان بنظرية المؤامرة.

لذا نستطيع القول بأن العقلية النمطية هي التي يتصرف صاحبها بشكل متكرر وفق تقاليد معينة وأفكار جاهزة دون الغوص في المبررات، ولديهم أربع علامات تميزها.

1. الخوف من التغيير:

رغبة الإنسان بالتغيير قد تتعثر بسبب مخالفة الجماعة، وبالتالي نبذه وعزله، والنفس لا تتحمل هذه العزلة، وبالتالي خيار المسايرة هو الحل الأمثل للغالبية! لتكبر مساحة النمطية وتقل مساحة من يخالف العقلية الجمعية الجماعية النمطية.

2. التقديس:

من أهم علامات صاحب العقلية النمطية تقديسه للموروث وتقديسه للأشخاص وبعض الرموز! ومع هذا التقديس يغيب العقل عن قدرته على الوعي بماهيته، ولهذا يصبح تدخل الثقافة للتفسير والهيمنة بالمجتمعات اللامنطقية والاستمرار في البحث عن نسخ مكررة لقدوات سابقة.

3. الانغلاق:

الانغلاق الثقافي والمعرفي والإبداعي ومحاولة صب عقول الأفراد في قالب واحد باختلاف الأماكن والأسباب! كالتنميط الأسري الذي يسعى إلى قولبة الأبناء بطريقة الوالد مع تنميط رؤيتهم للأشياء والأحداث والأشخاص، وكذلك التنميط المؤسسي الذي يسعى فيه المدير إلى تنميط موظفيه اعتمادا على أسلوب معين في الإدارة.

4. الخوف من التحليل والنقد:

التسليم بكل شيء كما هو دون نقد أو تحليل من أهم أدوات العقلية النمطية، حيث تكثر لديها المسلمات ويقل لديها استخدام مهارات التحليل والنقد خوفا أو ضعفا، حتى تصل إلى الترهل والكسل الفكري! فتنشأ الأجيال منذ الصغر على قناعة تجميل مبدأ التقليد وعدم الإكثار من الأسئلة أو الاعتراض.

S_Meemar@