مزنة أحمد الشامان

الإدارة بالأذنين

الخميس - 10 أكتوبر 2019

Thu - 10 Oct 2019

تغيرات المدير المفاجئة تجاه موظفيه تبعث كثيرا من التساؤلات في أذهانهم، وتعج بها عقولهم وتلاحقهم باستمرار فتتعب نفسياتهم وتتبعها أجسادهم. تلعب أذنا المدير دورا كبيرا في هذه التغيرات، حيث سمح لأذنيه بأن تكونا متنفسا للبعض على البعض، وميدانا للطعن في الآخرين، فانعكس ذلك على لسانه فنطق بغير المنطق وقال ما لا ينبغي أن يقال.

الإدارة بالأذنين من أشنع أنواع الإدارات التي يتبعها المتقوقعون في مكاتبهم، المديرون لكراسيهم الحارسون لها. هذا النوع من الإدارة سيتسبب لك بعمى في عينيك فلن ترى محاسن موظفيك ولو أحسنوا وسيجعلك أبكم لا تستطيع التحدث إليهم ومناقشتهم وتحفيزهم.

ستضعف طريقة تواصلك مع الآخرين وتأخذك إلى منحدر الفشل في طريقة إدارتك، معرفتك لموظفيك، اتخاذك للقرارات وتحفيزك لهم. الإدارة بالأذنين إدارة حاضنة للضغينة والحسد. ومن يدير الآخرين بأذنيه لن يرى أبعد من قدميه. ستجعلك محدودا بالمعلومات المفلترة التي تصلك ممن تسمع منهم فقط. وعندما تعتمد على الإدارة بالأذنين لن تستطيع الوقوف بثبات أمام الموظفين لأنك لم تعتد على النظر أمامك، بل أنت دائم النظر على جانبيك تبحث عمن يدير أذنيك لك. ومن يمارس هذا النوع من الإدارة فقد حكم على إدارته بالفشل بإرادته.

الإدارة ليست وراثة لنتوارث أساليبها؛ غير، بدل، طور في الأساليب الإدارية، ولا تكن نسخة طبق الأصل ممن سبقك وإلا فأين الجديد في تعيينك؟ ابن على الجميل من الأساليب ولا تكن خيبة أمل لموظفيك. استفد من تجاربك السابقة كموظف، واجعلها نبراسا يقودك. تجنب ما كان يضايقك وافعل ما كنت تتمناه أن يكون ليزيد من إنتاجيتك ويشعرك بإنسانيك ويجعلك سعيدا بذهابك لعملك. الإدارة هي ما ترى وتسمع وتعقل وتجرب لا ما تسمع فقط. التقصي واستنطاق الحقائق هما البرهان على قدرة قيادية فريدة. تم اختيارك من بين كثيرين لتكون مديرا لشيء مميز فيك، فأره لمن حولك.

في التعامل مع فريقك، انتق من الأساليب أجملها وتعامل معهم بإنسانية. أسلوبك وتعاملك معهم سيخبران الكثير عنك، فاختر ما تريده أن يدوم لك ويمثلك، فالإنسانية هي التي ستبقى. الموظفون لهم كيان ويحبون الاهتمام، تعرف عليهم، كل على حدة، واعرفهم عن قرب وابن علاقة طيبة معهم، فالعلاقة إذا بنيت بشكل صحيح سترى الجميل منها. الموظف ثروة فاستثمرها، لتجني أنت معه الثمار.

تذكر دائما أن ردات الفعل التي تأتيك هي نتيجة أفعال قمت بها، لذا افعل الجميل لتكون ردات الفعل رائعة.

اجعل جميع الأبواب موصلة إليك وأزل العوائق البشرية بينك وبين فريقك. افتح قنوات متعددة بينك وبين من يعملون معك، وأظهر لهم تفاعلك بما يقولون وتبني ما يطرحون من الحلول والاقتراحات. لا تغرق في الاستمتاع بالسماع وانتقل من سماع القصص إلى التقصي. اسمع من فريقك ولا تسمع عنه. لا تجعل من أذنيك جسرا لعبور الفتن والشائعات ومترسا لقنص المتفوقين والمنشغلين بصناعة إنجازهم عن التزلف للإدارة.

وختاما، أدر فريقك بكامل حواسك، وعلق أذنيك خارج مكتبك لكيلا يصل إليها الواشي والثرثار واعلم أن الهيبة في الحضور وليس في الغياب.

@miznahalshaman