آلاء لبني

تمكين المرأة والوعي

الاثنين - 07 أكتوبر 2019

Mon - 07 Oct 2019

ما هو الوعي؟ كيف ينشأ؟ وما هي الوسائل التي تغذيه؟ وكيف يساهم الإعلام في برمجته؟

لست بصدد تحويل المقال إلى مادة علمية، لكن التساؤلات في الأعلى ترتبط بتخوفي من ظاهرة الجهل المركب، هل سمعتم بها؟ هي حالة من التفكير غير الصحيح وغير الموضوعي، تمتاز بعدم معرفة الشخص بجهله واتخاذ القرارات غير الواعية، ويطلق البعض أحكامه تحت مظلتها.

هل تؤمنون أن وسائل التواصل الاجتماعي هي جزء أساسي لتشكيل الوعي؟ شخصيا أجزم أنها أصبحت أحد محددات الوعي! هي تحدث أثرا حتى في الإدراك اللا واعي، صدقنا ذلك أو لم نصدق.

الوعي أحد أهم جوانب حياتنا، يتكون بعديد من الطرق وخليط من الأفكار والتجارب، والرسائل المباشرة وغير المباشرة.

على سبيل المثال من يصدق أن الواتس اب ساهم في تغير الثقافة والمعرفة والوعي، فقد ازدادت معرفة الناس بكثير من المواضيع والنصائح المفيدة، وفي الوقت نفسه تلاحظ أن دائرة العلاقات اتسعت كثيرا بفضله، هذا من جانب إيجابي، أما السلبي فهو تركيز المعرفة السطحية وسيل من الأفكار الغثة! ومصدر بث للإشاعات.

في العادة ألتزم الصمت في مجموعات الواتس! نادرا ما أقحم نفسي في التعليق على الرسائل. لكن هناك رسائل من بلاد الواق واق! تخالف كل الجهود على أرض الواقع كالرسائل التي تخص تمكين المرأة من العمل.

مثلا شاهدت رسالة تقول «على المرأة أن تأكل لحمها ولا تعمل بمكان مختلط كالأسواق! العمل سيفقدك دينك!»، بعد البحث عن صاحبة الصورة تكتشف أنها معلمة تعمل وتتمتع بمدخول آخر الشهر! الذكورية التسلطية متجذرة ليس في عقول الرجال فقط، بل لدى النساء أيضا! وغيرها كثير من صور القدح والذم لعمل المرأة «كالفقر ليس حجة لقبول العمل المختلط»!

تصيبك هذه الرسائل التي تحارب المرأة والعمل الشريف بالعجب، والأعجب الربط بين سلامة القلب وطهارته والعمل، على أساس أن قضاء الوقت بين جدران المنزل هو سبب القدسية والطهارة والعفة!

ببساطة ديننا لم ينه يوما عن العمل، لماذا لم ينه الخليفة عمر بن الخطاب بائعة اللبن عن العمل في السوق!

لقد طال الزمان بنا ونحن نحتمل موروثا اجتماعيا ضيقا، يتنافى جملة وتفصيلا مع قوله صلى الله عليه وسلم «النساء شقائق الرجال». الإسلام قبل الغرب أعز المرأة ورفع مكانتها فالرسول عليه السلام أخذ البيعة من النساء وأكد حقوقهن السياسية بإشراكهن في كل المواقف

الحاسمة.

كل إنسان حر بما يعتنق من أفكار ويطبقها، ولكن لسنا مضطرين أن نتحمل استمرار تلقين الأفكار الخاطئة!

أتى اليوم الذي أصبحت الجهات تتسابق فيه لتواجد العنصر النسائي.

هناك من يرى أن وجود المرأة بمكان يعني الفشل أو ضياع المهمة الحقيقية! وهناك من يؤمن بقدرات النساء الخارقة! والحقيقة أن المرأة مثل الرجل تماما، المرأة شقيقة للرجل، سوف تخطئ وتصيب، كما أن بعض النساء تفتقد لكثير من المهارات والخبرات التي يمتاز بها الرجل، ليس لتفوقه الجيني، لكنه أمر طبيعي لضعف مشاركة المرأة لسنوات، واحتكار الرجل لعديد من المجالات.

تفوق بعض الرجال ممارسة وخبرة تفتقدهما بعض النساء، فما زالت المرأة غضة طرية وتحتاج للتدريب.

وإن الوقت والممارسة والتدريب كفيلة بالتغير والتطور، ومن التزامات أي منشأة إعطاء الموظفات التدريب الكافي للمساهمة بشكل مثمر في رفع إنتاجيتهن.

ويجب أن يؤخذ بالاعتبار أن النساء ظللن دهرا يعانين من البطالة وبشهادات عليا وينتظرن فرصا للعمل، لذلك تجدهن بشكل عام أفضل من الرجال في الالتزام والتمسك حتى بالوظائف زهيدة الأجر، ليثبتن قدراتهن، وهي ميزة لأي صاحب عمل.

سنسمع ونقرأ من محاربي عمل المرأة الأعاجيب، ومن ضعف وعيهم واطلاعهم، فهم فريسة للتأثر بكل أقوال المؤثرين وكل من علت مكانتهم! وإن جهلوا جهلا مركبا.

AlaLabani_1@