من الفرح إلى الترح.. «ليش نجازف»؟

الأحد - 06 أكتوبر 2019

Sun - 06 Oct 2019

قفزوا من فوق سور المدرسة، بعد أن هربوا من حصصهم، مبررين فعلتهم بأن الأجواء جميلة وغائمة ويريدون أن يقضوا يومهم مستمتعين بالأمطار ومشاهدة السيول، اتجهوا بسيارتهم نحو أحد الأودية التي جرى فيها سيل جارف، وبدأ التحدي وبدأت ملامح النهاية الحزينة تظهر، دفعهم غرور المراهقين وشعورهم بالقوة الممزوج بجهالة التحدي، لتبدأ تفاصيل النهاية بجملة (أتحداك تقطع السيل!)، رفع ثوبه وبدأ يتجه نحوى مجرى السيل المبطن بأكوام الطين الذي لا يترك أي قدم تدوس عليه إلا وسحبها لتغوص في أعماقه حتى الموت.

هل كان التحدي يستحق أن يزهق روحه؟ ورغم تداول الحكاية وربما تداول مقطع التحدي الحزين، إلا أن الحكاية استمرت وتكررت على ضفاف السيول، فزهقت أرواح كثيرة، بدأت رحلتها بحثا عن المتعة، فجرفها التحدي لهاوية الموت، وجازفت بروحها وانقلب الفرح ترحا، وارتفعت أعداد الوفيات والإصابات بسبب المجازفة والتحدي.

(ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) توجيه رباني يأمرنا بعدم تعريض النفس والغير للمهلكة، في إشارة واضحة إلى دور الإنسان فيما يتعرض له من مصائب، بسبب جهله وإقدامه على بعض الأمور التي قد تؤذيه.

وإن كانت الآية الكريمة تشير إلى أكبر من ذلك وأعمق، ولكنها تبقى قاعدة تدفع الإنسان إلى الحذر من كل ما يؤذيه أو يتسبب له بالضرر والخسارة.

مديرية الدفاع المدني بالمدينة المنورة وبالتزامن مع موسم الأمطار، أطلقت مبادرتها (ليش نجازف!) والتي دشنها أمير منطقة المدينة المنورة الدكتور فيصل بن سلمان، وبالشراكة مع معهد البحوث والدراسات بجامعة طيبة.

المبادرة التي طرحت كسؤال ليثير العديد من الأسئلة الأخرى أمام قارئها، وتجذب انتباهه نحو الخطر الذي تتضمنه المجازفة، والتي رأيناها عرضت حياة كثيرين للخطر وأزهقت بسببها أرواح بريئة، بدأت بالمرح وانتهت بالترح.

مبادرة (ليش نجازف!) وكما أشار العقيد الدكتور خالد العتيبي مدير الإدارة العامة للسلامة بمدني المدينة والمشرف العام على المبادرة، تهدف إلى رفع وتعزيز ونشر الوعي الوقائي لدى كل فئات المجتمع ولفت الانتباه إلى مخاطر المجازفة وإيضاح دور الأسرة في ضبط بعض السلوكيات الخاطئة، وهي تستهدف مختلف المراحل العمرية، خاصة طلاب المدارس والجامعات، حيث قدمت لهم المبادرة محاضرات توعوية بخطر المجازفة ومسابقات تشجيعية.

المبادرة كثفت برامجها الهادفة التي وجهت عبر وسائل الإعلام الحديثة لتصل لكل الفئات المستهدفة بسهولة.

ختاما، مبادرة (ليش نجازف) من المبادرات المجتمعية التي يجب أن تكون مستمرة ومستدامة، وحبذا لو تم تفعيلها في كل المناطق، ودعمها من قبل المؤسسات التعليمية والشركات والبنوك كشراكة اجتماعية تعكس اهتمام تلك الجهات وتفعيل دورها المجتمعي، بكل ما يسهم في خدمة المجتمع. شكرا للدفاع المدني لإسهامه المستمر ومبادرته برفع ثقافة ووعي المجتمع.