أمريكا تؤكد عزمها على كسر عناد طهران
نظام الملالي يستفز العالم ويحرك وكلاء الشر لضرب استقرار المنطقة
أمريكا تتهم طهران بالتسبب في قتل 600 جندي أمريكي في العراق
ترمب تراجع عن ضربة عسكرية انتقامية والرسالة لم تصل إلى طهران
الرئيس الأمريكي نصح البريطانيين: ألم أخبركم.. إنه بلد يجلب المتاعب؟
نظام الملالي يستفز العالم ويحرك وكلاء الشر لضرب استقرار المنطقة
أمريكا تتهم طهران بالتسبب في قتل 600 جندي أمريكي في العراق
ترمب تراجع عن ضربة عسكرية انتقامية والرسالة لم تصل إلى طهران
الرئيس الأمريكي نصح البريطانيين: ألم أخبركم.. إنه بلد يجلب المتاعب؟
الجمعة - 04 أكتوبر 2019
Fri - 04 Oct 2019
توقعت مجلة «نيويوركر» الأمريكية أن يمتد أمد الصراع الإيراني في المنطقة عقودا طويلة، مرجعة ذلك إلى سياسة «العين بالعين» التي تتبعها إيران في كثير من تعاملاتها، مؤكدة أن نظام الملالي يستند على تاريخ عريق من العناد والمكابرة.
كشفت المجلة عن رفض أمريكا اقتراحا قدمه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لتوقيع بروتوكول إضافي يؤكد تعهد إيران بالسماح لوكالة الطاقة الدولية الذرية بمواصلة التفتيش والتأكد من وقف البرنامج النووي الإيراني في مقابل رفع العقوبات، وأكدت عزم ترمب على كسر العناد الإيراني.
وذكّر التقرير بواقعة اختطاف 4 إيرانيين قبل 37 عاما في لبنان، والتي ردت طهران عليها بعد أيام قليلة باختطاف أحد المسؤولين الأمريكيين، وقالت «في حال استعصى حل قضية واضحة ومباشرة لهذه الدرجة؛ فمن الصعب تخيل إحراز أي تقدم على مستوى المشكلات الأثقل وزنا مثل البرامج النووية، وسلامة إمدادات الطاقة العالمية، والصراعات الإقليمية التي دفعت بالولايات المتحدة إلى نشر المزيد من الجنود والسفن الحربية وقاذفات القنابل داخل المنطقة الأكثر اضطرابا في العالم».
سياسة العين بالعين
في 4 يوليو 1982، أوقف أعضاء إحدى الميليشيات المسيحية اليمينية سيارة تحمل لوحات دبلوماسية، تنقل مبعوثين إيرانيين بارزين على حدود بيروت، وكان أحمد متوسليان، الملحق العسكري في السفارة الإيرانية بلبنان أحد الذين لمعوا في الحرب الإيرانية - العراقية من بين الركاب الأربعة.
كان متوسليان المشرف على نشر أكثر من ألف جندي تابع للحرس الثوري الإيراني، ردا على غزو إسرائيل للبنان قبل أربعة أسابيع، وعثر على السيارة مهجورة في وقت لاحق، وطالبت إيران بتحرك دولي خاصة من الميليشيات المسيحية وحلفائها الأمريكيين والإسرائيليين للعثور على الرهائن الإيرانيين.
وفي 19 يوليو، اختطف رجال مسلحون ديفيد دودج، القائم بأعمال رئيس «الجامعة الأمريكية في بيروت»، من حرم الجامعة المطل على البحر المتوسط، وكان دودج هو أول رهينة أمريكي في بيروت، وقضى عاما كاملا داخل سجن إيراني، قبل أن تتدخل سوريا للمساعدة في تحرير دودج، من أجل أن تحظى بتأييد الولايات المتحدة في لحظة ضعف دمشق.
أدى تبادل سياسة العين بالعين بين إيران والولايات المتحدة إلى فتح الباب أمام ملحمة الرهائن، والتي ضمت إلى قائمتها المزيد والمزيد من الضحايا على مدار العقد التالي.
بلد يجلب المتاعب
وقائع عدة تشير إلى تصعيد خطير للتوترات بين إيران والغرب، وربما تهدد أمن الناقلات التي تصدر النفط عبر المضيق.
وبعكس الولايات المتحدة، تحترم بريطانيا حتى الآن الاتفاق النووي الذي أبرم عام 2015 وحاولت التوسط في صفقة للتحايل على العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب «هذا يثبت ما أقوله عن إيران. إنها تجلب المتاعب، ولا شيء سوى المتاعب، وهذا يثبت أنني كنت على صواب بشأن إيران».
ضربة عسكرية مؤجلة
حملت إدارة ترمب إيران المسؤولية عن التوترات الأخيرة، وشمل ذلك الهجمات على ست ناقلات نفط أجنبية خارج مضيق هرمز في خليج عمان.
وفي 20 يونيو، أسقطت إيران طائرة أمريكية بدون طيار باستخدام صاروخ أرض- جو، وزعمت أن الطائرات المسيرة من طراز جلوبال هوك، وهي واحدة من أكبر الطائرات في الأسطول الأمريكي كانت داخل المجال الجوي الإيراني، وتم استرداد أجزاء كبيرة منها من المياه الإقليمية الإيرانية.
في حين أشارت الولايات المتحدة إلى أن الطائرة كانت في المجال الجوي الدولي، وأشارت التقارير إلى أن ترمب وافق على توجيه ضربة جوية انتقامية لبطاريات الصواريخ الإيرانية المسؤولة عن إسقاط الطائرة، لكنه تراجع في اللحظة الأخيرة بسبب احتمالية قتل عشرات الإيرانيين، وفي النهاية لم تصل الرسالة للإيرانيين.
من الذي بدأ؟
رغم استمرار إيران في استفزاز كل دول العالم، وتحريض وكلائها في المنطقة على ضرب استقرار دول الجوار، لكن طهران ترى من وجهة نظرها أن ترمب هو من بدأ السلسلة الحالية في مايو من العام الماضي، حين قرر انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي التاريخي الذي توسطت فيه القوى العظمى العالمية الست مع إيران بعد عامين من المفاوضات الدبلوماسية المضنية منتصف عام 2015.
وفي نوفمبر، أعاد ترمب فرض العقوبات الاقتصادية التي كانت ألغيت لتحفيز إيران على الحد من برنامجها النووي المثير للجدل، وتعهدت الإدارة الأمريكية الآن بقطع جميع صادرات النفط الإيرانية لتصل إلى الصفر من أجل إجبارها على تقديم المزيد من التنازلات فيما يتعلق ببرنامجها النووي، ودعم الجماعات المتشددة، وتطوير الصواريخ، والتدخل في الشرق الأوسط، وانتهاكات حقوق الإنسان، وردت إيران بالتعهد بأن الآخرين سيعانون الأمرين في حال عدم السماح لها بتصدير النفط، الذي يعد ضروريا لاقتصادها.
صفقة رفسنجاني
حدثت السيناريوهات نفسها مرارا وتكرارا في مواجهات إيران مع خصومها الإقليميين والدوليين منذ ثورة عام 1979، ولا تزال بعض تلك النزاعات مستمرة حتى يومنا هذا.
واستمرت إيران في المطالبة بالحرية لدبلوماسييها المفقودين في الثمانينات، واستمر الأمريكيون في الاختفاء من شوارع بيروت، واعتقد الكثير أن وكلاء إيران هم من ينفذون عمليات الاختطاف لدعم أصحاب العمائم.
وفي عام 1988، عرض الرئيس الإيراني الأسبق ورئيس البرلمان القوي آنذاك علي أكبر هاشمي رفسنجاني، صفقة تبادلية يجري بمقتضاها مبادلة الإيرانيين الأربعة بالرهائن الأمريكيين التسعة في لبنان، إذ قال رفسنجاني خلال خطبة الجمعة «إذا كنتم تريدون إطلاق سراح رهائنكم في لبنان، فأخبروا الكتائب اللبنانية المسيحية أن تطلق سراح مواطنينا الذين تحتجزهم منذ سنوات، والذين لا نعلم شيئا عنهم».
وفي عام 1990، تعهد الرئيس جورج بوش الأب بالمساعدة في تحديد موقعهم، على أمل أن يدفع ذلك طهران للإفراج عن آخر الأمريكيين في بيروت.
حرب الناقلات
تجلت استراتيجية العين بالعين التي تنتهجها إيران إبان حرب السنوات الثماني التي خاضتها مع العراق تحديدا، ويظهر ذلك خلال:
- في عام 1981، فتح الرئيس العراقي صدام حسين جبهة جديدة، حين شن ضربات جوية على الناقلات الإيرانية في الخليج.
- في عام 1984، صعد الموقف بضرب جزيرة خارج، محطة النفط الإيرانية الكبرى في الخليج، وعدد من الناقلات، فشنت إيران هجوما مضادا، بعد أن التزمت الصمت قبل ذلك. وأصبحت «حرب الناقلات» تشكل خطرا على الطاقة العالمية، ودخلت الولايات المتحدة إلى المعركة لحماية السفن العابرة التي تنقل نفط صدام حسين.
- في عام 1987، قصفت الطائرات الحربية العراقية الفرقاطة «يو إس إس ستارك» بطريق الخطأ، أثناء دوريتها في الخليج نيابة عن العراق، ولقي 37 بحارا أمريكيا مصرعهم في الحادثة. وبحلول نهاية الحرب في عام 1988، كان العراق قد قصف أكثر من 280 ناقلة إيرانية، في حين ضربت إيران 168 ناقلة تتعامل مع العراق أو حلفائه في الخليج.
مليون ضحية
يتكرر المشهد خلال «حرب المدن» المزعومة، إذ توقع صدام حسين نصرا عسكريا سريعا على إيران، نظرا لهلاك القسم الأعظم من جيش الشاه في أعقاب الثورة، ولكن مع استمرار الحرب إلى 8 سنوات في نهاية المطاف، بدأ العراق يستهدف المدن الإيرانية البعيدة.
وبحلول عام 1988، كان العراق قد أطلق أكثر من خمسة آلاف صاروخ على مناطق المدنيين، في حين أطلقت إيران 117 صاروخ سكود على المدن العراقية، وسقط أكثر من مليون ضحية خلال الحرب.
وتكرر الأمر إبان تدخل الولايات المتحدة في أفغانستان، إثر هجمات 11 سبتمبر وإبان الغزو الأمريكي للعراق، إذ نظرت إيران لعملية نشر عشرات الآلاف من الجنود الأمريكيين على حدودها الغربية والشرقية بمثابة تهديد لأمنها الخاص.
زودت إيران المتمردين بالعتاد وخاصة العبوات الناسفة، وأكدت إدارة ترمب أن إيران كانت مسؤولة عن مصرع أكثر من 600 أمريكي في العراق.
كسر العناد الإيراني
إن التحدي في التعامل مع إيران يكمن في إيجاد مفتاح لكسر سياسة «العين بالعين»، فالإيرانيون يتمتعون بتاريخ طويل من العناد والمكابرة، ورغم تصاعد التوترات، تبدو الشخصيات البارزة في طهران وواشنطن عازمة على الحيلولة دون اندلاع الحرب.
وأوردت شبكة «بوليتيكو» الأمريكية أن الرئيس وافق على اقتراح السيناتور راند بول، من ولاية كنتاكي، بمقابلة ظريف خلال زيارته للأمم المتحدة، وعارض ترمب النصائح الأكثر تشددا، خاصة من مستشار الأمن القومي جون بولتون، الذي دعا إلى تغيير النظام في طهران قبل أن يتولى منصبه الحالي في البيت الأبيض.
اقتراح ظريف.. مرفوض
قالت الشبكة إن ظريف قدم خطوطا عريضة لإنهاء المأزق الراهن، منها استعداد إيران للتوقيع على بروتوكول إضافي، يزود الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالمزيد من الأدوات التي تساعدها على التحقق من استخدام إيران السلمي للمواد النووية.. رغم أن النظام الإيراني بات غير موثوق في مصداقيته.
وقالت إن البروتوكول الجديد سيكون وسيلة لمعالجة المخاوف بشأن بند انتهاء فترة سريان الاتفاقية المزعوم في الاتفاق النووي، الذي أبرم عام 2015 ورفع العقوبات عن البرنامج الإيراني، في مقابل أن ترفع الولايات المتحدة العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، دون الحاجة إلى التوقيع على الاتفاق النووي الأصلي مجددا، إذ إن الترتيبات الجديدة ستحل محل الاتفاق فعليا.
لم يغط
رفض اتفاق ظريف لأنه لا يغطي القضايا الأساسية التي طرحتها إدارة ترمب وطلبت معالجتها، ومنها دعم طهران للميليشيات الإرهابية المسلحة، وتدخلها في الشرق الأوسط، واختبارات الصواريخ، وانتهاكات حقوق الإنسان. فضلا على أن كلتا المبادرتين لا تنزع فتيل القضايا الأخرى، ناهيك عن قضايا الماضي العالقة.
نظريات المؤامرة
لم يعثر على الإيرانيين الأربعة الذين اختفوا في بيروت مطلقا، لكن إدارة بوش الأب حققت في القضية، وتوصلت إلى أن الرجال أعدموا على يد الميليشيات المسيحية، ونقلت ذلك إلى إيران بحسب ما صرح به دبلوماسيون أمريكيون، لكن إيران رفضت الاقتناع بأن الرجال قد ماتوا، دون رؤية الجثث.
وما زالت إيران تقيم الذكرى السنوية لاختفائهم في 4 يوليو من كل عام، وتراكمت نظريات المؤامرة حول اختفائهم بمرور الوقت، وفي الذكرى الـ37 لاختطافهم، أصدرت وزارة الخارجية الإيرانية بيانا يحمل الولايات المتحدة المسؤولية عن مصيرهم، وأورد البيان «نظرا لأن لبنان كانت تحت الاحتلال الإسرائيلي المدعوم من الولايات المتحدة آنذاك؛ فإن إيران تحمل النظام الصهيوني ورعاته المسؤولية القانونية والسياسية عن عملية الاختطاف».
المواجهات المباشرة
01 طائرة بدون طيار
دمرت البحرية الأمريكية طائرة إيرانية بدون طيار داخل مضيق هرمز ذي الأهمية الاستراتيجية، إذ اقتربت الطائرة على مسافة ألف قدم من «يو إس إس بوكسر»، وهي السفينة الهجومية البرمائية، متجاهلة الرسائل المتكررة التي طالبتها بالابتعاد على حد قول الرئيس الأمريكي «هذه هي الحلقة الأخيرة في مسلسل الأعمال الاستفزازية والعدائية التي تشنها إيران ضد السفن العاملة في المياه الإقليمية، وتحتفظ الولايات المتحدة بالحق في الدفاع عن موظفيها ومنشآتها ومصالحها، وتدعو الدول كافة لإدانة المحاولات الإيرانية الرامية إلى تعطيل حرية الملاحة والتجارة العالمية»،
حيث يمر حوالي ثلث النفط المشحون بحرا في العالم عبر مضيق هرمز، والذي يقع جزء منه داخل المياه الإقليمية الإيرانية.
02 مصادرة ناقلة نفط
أعلن الحرس الثوري الإيراني مصادرة ناقلة نفط تحمل علم بريطانيا أثناء إبحارها في الخليج، بداعي أنها لم تمتثل لـ»القوانين واللوائح البحرية الدولية»، وقالت الشركة المالكة للناقلة إنها فشلت في التواصل مع «ستينا إمبيرو» وطاقمها المكون من 23 شخصا، بعد أن حاصرتها سفن ومروحية مجهولة.
وأكد المسؤولون الأمريكيون في حديثهم لشبكة سي إن إن الأمريكية أن إيران استولت على ناقلة نفط أخرى تحمل علم ليبيريا، وهي «إم في مسدار»، وتأتي الأزمة الأخيرة في الخليج على خلفية المصادرة البريطانية لناقلة نفط إيرانية قبالة جبل طارق في الرابع من يوليو.
وأكدت بريطانيا أن الناقلة «جريس 1» كانت تحمل النفط إلى سوريا، في انتهاك واضح لعقوبات الاتحاد الأوروبي. وجاء التحرك الإيراني في أعقاب قرار من المحكمة، بمد فترة احتجاز «جريس 1» لثلاثين يوما أخرى.
كشفت المجلة عن رفض أمريكا اقتراحا قدمه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لتوقيع بروتوكول إضافي يؤكد تعهد إيران بالسماح لوكالة الطاقة الدولية الذرية بمواصلة التفتيش والتأكد من وقف البرنامج النووي الإيراني في مقابل رفع العقوبات، وأكدت عزم ترمب على كسر العناد الإيراني.
وذكّر التقرير بواقعة اختطاف 4 إيرانيين قبل 37 عاما في لبنان، والتي ردت طهران عليها بعد أيام قليلة باختطاف أحد المسؤولين الأمريكيين، وقالت «في حال استعصى حل قضية واضحة ومباشرة لهذه الدرجة؛ فمن الصعب تخيل إحراز أي تقدم على مستوى المشكلات الأثقل وزنا مثل البرامج النووية، وسلامة إمدادات الطاقة العالمية، والصراعات الإقليمية التي دفعت بالولايات المتحدة إلى نشر المزيد من الجنود والسفن الحربية وقاذفات القنابل داخل المنطقة الأكثر اضطرابا في العالم».
سياسة العين بالعين
في 4 يوليو 1982، أوقف أعضاء إحدى الميليشيات المسيحية اليمينية سيارة تحمل لوحات دبلوماسية، تنقل مبعوثين إيرانيين بارزين على حدود بيروت، وكان أحمد متوسليان، الملحق العسكري في السفارة الإيرانية بلبنان أحد الذين لمعوا في الحرب الإيرانية - العراقية من بين الركاب الأربعة.
كان متوسليان المشرف على نشر أكثر من ألف جندي تابع للحرس الثوري الإيراني، ردا على غزو إسرائيل للبنان قبل أربعة أسابيع، وعثر على السيارة مهجورة في وقت لاحق، وطالبت إيران بتحرك دولي خاصة من الميليشيات المسيحية وحلفائها الأمريكيين والإسرائيليين للعثور على الرهائن الإيرانيين.
وفي 19 يوليو، اختطف رجال مسلحون ديفيد دودج، القائم بأعمال رئيس «الجامعة الأمريكية في بيروت»، من حرم الجامعة المطل على البحر المتوسط، وكان دودج هو أول رهينة أمريكي في بيروت، وقضى عاما كاملا داخل سجن إيراني، قبل أن تتدخل سوريا للمساعدة في تحرير دودج، من أجل أن تحظى بتأييد الولايات المتحدة في لحظة ضعف دمشق.
أدى تبادل سياسة العين بالعين بين إيران والولايات المتحدة إلى فتح الباب أمام ملحمة الرهائن، والتي ضمت إلى قائمتها المزيد والمزيد من الضحايا على مدار العقد التالي.
بلد يجلب المتاعب
وقائع عدة تشير إلى تصعيد خطير للتوترات بين إيران والغرب، وربما تهدد أمن الناقلات التي تصدر النفط عبر المضيق.
وبعكس الولايات المتحدة، تحترم بريطانيا حتى الآن الاتفاق النووي الذي أبرم عام 2015 وحاولت التوسط في صفقة للتحايل على العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب «هذا يثبت ما أقوله عن إيران. إنها تجلب المتاعب، ولا شيء سوى المتاعب، وهذا يثبت أنني كنت على صواب بشأن إيران».
ضربة عسكرية مؤجلة
حملت إدارة ترمب إيران المسؤولية عن التوترات الأخيرة، وشمل ذلك الهجمات على ست ناقلات نفط أجنبية خارج مضيق هرمز في خليج عمان.
وفي 20 يونيو، أسقطت إيران طائرة أمريكية بدون طيار باستخدام صاروخ أرض- جو، وزعمت أن الطائرات المسيرة من طراز جلوبال هوك، وهي واحدة من أكبر الطائرات في الأسطول الأمريكي كانت داخل المجال الجوي الإيراني، وتم استرداد أجزاء كبيرة منها من المياه الإقليمية الإيرانية.
في حين أشارت الولايات المتحدة إلى أن الطائرة كانت في المجال الجوي الدولي، وأشارت التقارير إلى أن ترمب وافق على توجيه ضربة جوية انتقامية لبطاريات الصواريخ الإيرانية المسؤولة عن إسقاط الطائرة، لكنه تراجع في اللحظة الأخيرة بسبب احتمالية قتل عشرات الإيرانيين، وفي النهاية لم تصل الرسالة للإيرانيين.
من الذي بدأ؟
رغم استمرار إيران في استفزاز كل دول العالم، وتحريض وكلائها في المنطقة على ضرب استقرار دول الجوار، لكن طهران ترى من وجهة نظرها أن ترمب هو من بدأ السلسلة الحالية في مايو من العام الماضي، حين قرر انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي التاريخي الذي توسطت فيه القوى العظمى العالمية الست مع إيران بعد عامين من المفاوضات الدبلوماسية المضنية منتصف عام 2015.
وفي نوفمبر، أعاد ترمب فرض العقوبات الاقتصادية التي كانت ألغيت لتحفيز إيران على الحد من برنامجها النووي المثير للجدل، وتعهدت الإدارة الأمريكية الآن بقطع جميع صادرات النفط الإيرانية لتصل إلى الصفر من أجل إجبارها على تقديم المزيد من التنازلات فيما يتعلق ببرنامجها النووي، ودعم الجماعات المتشددة، وتطوير الصواريخ، والتدخل في الشرق الأوسط، وانتهاكات حقوق الإنسان، وردت إيران بالتعهد بأن الآخرين سيعانون الأمرين في حال عدم السماح لها بتصدير النفط، الذي يعد ضروريا لاقتصادها.
صفقة رفسنجاني
حدثت السيناريوهات نفسها مرارا وتكرارا في مواجهات إيران مع خصومها الإقليميين والدوليين منذ ثورة عام 1979، ولا تزال بعض تلك النزاعات مستمرة حتى يومنا هذا.
واستمرت إيران في المطالبة بالحرية لدبلوماسييها المفقودين في الثمانينات، واستمر الأمريكيون في الاختفاء من شوارع بيروت، واعتقد الكثير أن وكلاء إيران هم من ينفذون عمليات الاختطاف لدعم أصحاب العمائم.
وفي عام 1988، عرض الرئيس الإيراني الأسبق ورئيس البرلمان القوي آنذاك علي أكبر هاشمي رفسنجاني، صفقة تبادلية يجري بمقتضاها مبادلة الإيرانيين الأربعة بالرهائن الأمريكيين التسعة في لبنان، إذ قال رفسنجاني خلال خطبة الجمعة «إذا كنتم تريدون إطلاق سراح رهائنكم في لبنان، فأخبروا الكتائب اللبنانية المسيحية أن تطلق سراح مواطنينا الذين تحتجزهم منذ سنوات، والذين لا نعلم شيئا عنهم».
وفي عام 1990، تعهد الرئيس جورج بوش الأب بالمساعدة في تحديد موقعهم، على أمل أن يدفع ذلك طهران للإفراج عن آخر الأمريكيين في بيروت.
حرب الناقلات
تجلت استراتيجية العين بالعين التي تنتهجها إيران إبان حرب السنوات الثماني التي خاضتها مع العراق تحديدا، ويظهر ذلك خلال:
- في عام 1981، فتح الرئيس العراقي صدام حسين جبهة جديدة، حين شن ضربات جوية على الناقلات الإيرانية في الخليج.
- في عام 1984، صعد الموقف بضرب جزيرة خارج، محطة النفط الإيرانية الكبرى في الخليج، وعدد من الناقلات، فشنت إيران هجوما مضادا، بعد أن التزمت الصمت قبل ذلك. وأصبحت «حرب الناقلات» تشكل خطرا على الطاقة العالمية، ودخلت الولايات المتحدة إلى المعركة لحماية السفن العابرة التي تنقل نفط صدام حسين.
- في عام 1987، قصفت الطائرات الحربية العراقية الفرقاطة «يو إس إس ستارك» بطريق الخطأ، أثناء دوريتها في الخليج نيابة عن العراق، ولقي 37 بحارا أمريكيا مصرعهم في الحادثة. وبحلول نهاية الحرب في عام 1988، كان العراق قد قصف أكثر من 280 ناقلة إيرانية، في حين ضربت إيران 168 ناقلة تتعامل مع العراق أو حلفائه في الخليج.
مليون ضحية
يتكرر المشهد خلال «حرب المدن» المزعومة، إذ توقع صدام حسين نصرا عسكريا سريعا على إيران، نظرا لهلاك القسم الأعظم من جيش الشاه في أعقاب الثورة، ولكن مع استمرار الحرب إلى 8 سنوات في نهاية المطاف، بدأ العراق يستهدف المدن الإيرانية البعيدة.
وبحلول عام 1988، كان العراق قد أطلق أكثر من خمسة آلاف صاروخ على مناطق المدنيين، في حين أطلقت إيران 117 صاروخ سكود على المدن العراقية، وسقط أكثر من مليون ضحية خلال الحرب.
وتكرر الأمر إبان تدخل الولايات المتحدة في أفغانستان، إثر هجمات 11 سبتمبر وإبان الغزو الأمريكي للعراق، إذ نظرت إيران لعملية نشر عشرات الآلاف من الجنود الأمريكيين على حدودها الغربية والشرقية بمثابة تهديد لأمنها الخاص.
زودت إيران المتمردين بالعتاد وخاصة العبوات الناسفة، وأكدت إدارة ترمب أن إيران كانت مسؤولة عن مصرع أكثر من 600 أمريكي في العراق.
كسر العناد الإيراني
إن التحدي في التعامل مع إيران يكمن في إيجاد مفتاح لكسر سياسة «العين بالعين»، فالإيرانيون يتمتعون بتاريخ طويل من العناد والمكابرة، ورغم تصاعد التوترات، تبدو الشخصيات البارزة في طهران وواشنطن عازمة على الحيلولة دون اندلاع الحرب.
وأوردت شبكة «بوليتيكو» الأمريكية أن الرئيس وافق على اقتراح السيناتور راند بول، من ولاية كنتاكي، بمقابلة ظريف خلال زيارته للأمم المتحدة، وعارض ترمب النصائح الأكثر تشددا، خاصة من مستشار الأمن القومي جون بولتون، الذي دعا إلى تغيير النظام في طهران قبل أن يتولى منصبه الحالي في البيت الأبيض.
اقتراح ظريف.. مرفوض
قالت الشبكة إن ظريف قدم خطوطا عريضة لإنهاء المأزق الراهن، منها استعداد إيران للتوقيع على بروتوكول إضافي، يزود الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالمزيد من الأدوات التي تساعدها على التحقق من استخدام إيران السلمي للمواد النووية.. رغم أن النظام الإيراني بات غير موثوق في مصداقيته.
وقالت إن البروتوكول الجديد سيكون وسيلة لمعالجة المخاوف بشأن بند انتهاء فترة سريان الاتفاقية المزعوم في الاتفاق النووي، الذي أبرم عام 2015 ورفع العقوبات عن البرنامج الإيراني، في مقابل أن ترفع الولايات المتحدة العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، دون الحاجة إلى التوقيع على الاتفاق النووي الأصلي مجددا، إذ إن الترتيبات الجديدة ستحل محل الاتفاق فعليا.
لم يغط
رفض اتفاق ظريف لأنه لا يغطي القضايا الأساسية التي طرحتها إدارة ترمب وطلبت معالجتها، ومنها دعم طهران للميليشيات الإرهابية المسلحة، وتدخلها في الشرق الأوسط، واختبارات الصواريخ، وانتهاكات حقوق الإنسان. فضلا على أن كلتا المبادرتين لا تنزع فتيل القضايا الأخرى، ناهيك عن قضايا الماضي العالقة.
نظريات المؤامرة
لم يعثر على الإيرانيين الأربعة الذين اختفوا في بيروت مطلقا، لكن إدارة بوش الأب حققت في القضية، وتوصلت إلى أن الرجال أعدموا على يد الميليشيات المسيحية، ونقلت ذلك إلى إيران بحسب ما صرح به دبلوماسيون أمريكيون، لكن إيران رفضت الاقتناع بأن الرجال قد ماتوا، دون رؤية الجثث.
وما زالت إيران تقيم الذكرى السنوية لاختفائهم في 4 يوليو من كل عام، وتراكمت نظريات المؤامرة حول اختفائهم بمرور الوقت، وفي الذكرى الـ37 لاختطافهم، أصدرت وزارة الخارجية الإيرانية بيانا يحمل الولايات المتحدة المسؤولية عن مصيرهم، وأورد البيان «نظرا لأن لبنان كانت تحت الاحتلال الإسرائيلي المدعوم من الولايات المتحدة آنذاك؛ فإن إيران تحمل النظام الصهيوني ورعاته المسؤولية القانونية والسياسية عن عملية الاختطاف».
المواجهات المباشرة
01 طائرة بدون طيار
دمرت البحرية الأمريكية طائرة إيرانية بدون طيار داخل مضيق هرمز ذي الأهمية الاستراتيجية، إذ اقتربت الطائرة على مسافة ألف قدم من «يو إس إس بوكسر»، وهي السفينة الهجومية البرمائية، متجاهلة الرسائل المتكررة التي طالبتها بالابتعاد على حد قول الرئيس الأمريكي «هذه هي الحلقة الأخيرة في مسلسل الأعمال الاستفزازية والعدائية التي تشنها إيران ضد السفن العاملة في المياه الإقليمية، وتحتفظ الولايات المتحدة بالحق في الدفاع عن موظفيها ومنشآتها ومصالحها، وتدعو الدول كافة لإدانة المحاولات الإيرانية الرامية إلى تعطيل حرية الملاحة والتجارة العالمية»،
حيث يمر حوالي ثلث النفط المشحون بحرا في العالم عبر مضيق هرمز، والذي يقع جزء منه داخل المياه الإقليمية الإيرانية.
02 مصادرة ناقلة نفط
أعلن الحرس الثوري الإيراني مصادرة ناقلة نفط تحمل علم بريطانيا أثناء إبحارها في الخليج، بداعي أنها لم تمتثل لـ»القوانين واللوائح البحرية الدولية»، وقالت الشركة المالكة للناقلة إنها فشلت في التواصل مع «ستينا إمبيرو» وطاقمها المكون من 23 شخصا، بعد أن حاصرتها سفن ومروحية مجهولة.
وأكد المسؤولون الأمريكيون في حديثهم لشبكة سي إن إن الأمريكية أن إيران استولت على ناقلة نفط أخرى تحمل علم ليبيريا، وهي «إم في مسدار»، وتأتي الأزمة الأخيرة في الخليج على خلفية المصادرة البريطانية لناقلة نفط إيرانية قبالة جبل طارق في الرابع من يوليو.
وأكدت بريطانيا أن الناقلة «جريس 1» كانت تحمل النفط إلى سوريا، في انتهاك واضح لعقوبات الاتحاد الأوروبي. وجاء التحرك الإيراني في أعقاب قرار من المحكمة، بمد فترة احتجاز «جريس 1» لثلاثين يوما أخرى.