إيرانيون يطالبون روحاني بالرحيل

الاثنين - 30 سبتمبر 2019

Mon - 30 Sep 2019

تراجعت شعبية حسن روحاني داخل إيران بصورة غير مسبوقة، مع تزايد الأزمة الاقتصادية وحالة الاختناق التي يعيشها المواطن، نتيجة ارتفاع الأسعار بنسبة وصلت إلى 48%، وصعوبة حصول كثير من الإيرانيين على المواد الغذائية الذي زادت كلفتها بنسبة 72%.

وكشف تقرير صادر عن موقع «المجلس الأطلسي» عن انهيار كبير في صورة روحاني الذي قدم نفسه للإيرانيين على أنه شخصية إصلاحية، بعد اشتداد العقوبات الأمريكية على إيران، نتيجة رعاية نظام الملالي للإرهاب والعنف في المنطقة، وعمله الدؤوب على تصدير المؤامرات والفتن لدول الجوار، وكثير من دول العالم، ومع انهيار الاتفاقية النووية الشاملة التي وقعها روحاني في 2015 مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وانسحبت منها إدارة دونالد ترمب في العام الماضي، مطالبة باتفاقية معدلة تشمل كل الجوانب وتعالج الثغرات التي استفادت منها طهران.

تعثر الاقتصاد وزيادة التوتر

كشفت دراسة أجرتها وكالة استطلاعات الطلاب الإيرانية، أن درجة رضا الإيرانيين عن حياتهم لا تتجاوز 3.6، وفق مؤشر يتراوح من صفر ويعني عدم الرضا التام، إلى 10 ويعني السعادة التامة، ولفتت الدراسة إلى أن درجة رضا الإيرانيين تراجعت عن العام الماضي، حيث كانت 6.3، وهو ما يعني أنها تراجعت للنصف تقريبا.

في ظل هذا الخلفية القاتمة، حاول روحاني تبرير أداء حكومته الضعيف بإخبار الإيرانيين عن السلطة المحدودة التي تتمتع بها إدارته، كما طالب بالحصول على صلاحيات خاصة إضافية للتعامل مع الأزمة الحالية، وقال «إن البلاد بحاجة إلى مركزية في السلطة واتخاذ القرارات»، وأشار إلى حقيقة أن إيران لديها نظام سياسي متشعب حيث يحتل المرشد الأعلى علي خامنئي السلطة النهائية، لكن الحكومة المنتخبة مسؤولة عن نتائج قرارات الزعيم، وتملك صلاحيات محدودة.

ولطالما شعرت الحركة الإصلاحية الإيرانية بالضيق بسبب هذه الازدواجية لعقود من الزمان، لكن الشكاوى بدأت تتصاعد مع تعثر الاقتصاد وزيادة التوترات في منطقة الخليج.

نظام الحكم المزدوج

في مايو الماضي، جادل الخبير الاستراتيجي الإصلاحي سعيد حجريان، عبر مقال نشر له بأن «نظام الحكم المزدوج» لا يعمل، في إشارة إلى التوتر المستمر بين الإدارة والدولة العميقة، بقيادة المرشد الأعلى خامنئي الذي أصاب البلاد بالشلل.

واقترح حجريان أن الحل هو تشكيل «نظام حكم موحد»، ولتحقيق ذلك، يتعين على روحاني تقديم استقالته، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة في فبراير 2020. وأشار حجريان إلى أنه لا ينبغي أن يشارك أي إصلاحي معتدل في الانتخابات حتى يتمكن المحافظون من الفوز.

شلل إداري وفشل ذريع

بينما أكد الناشط والمحلل البارز علي رضا علاوي طبر، أن حزب «كوادر البناء» الذي أسسه الرئيس الراحل أكبر هاشمي رفسنجاني، يدفع قضية استقالة روحاني وراء الكواليس، ويعتقد الحزب أن الوضع الحالي، حيث تتمركز السلطة في يد شخص واحد فقط هو خامنئي، إضافة إلى شخص آخر روحاني يخضع للمساءلة، ولا ينبغي أن يدوم، ويؤكد أنه يجب أن تكون السلطة والمسؤولية في يد واحد فقط، لأنه في ظل الظروف الحالية، أصبحت الإدارة مشلولة تماما وأصيبت بفشل ذريع، ولكن هذا الفصيل لا يريد التخلي تماما عن نظام الحكم الحالي والسلطة.

وأضاف علاوي أن فصيل الإصلاح الأكثر تطرفا، والذي يدعمه أحمد زيدابي وهو أحد الشخصيات البارزة في حركة الإصلاح، يعتقد أن النظام الثنائي الحالي للسلطة غير مستدام، ويدعو هذا الفصيل إلى ترك النظام السياسي بالكامل حتى تسمح الظروف بعودة الإصلاحيين.

ماذا تعني الاستقالة؟

وأشار المقال إلى ما ورد بصحيفة كيهان اليومية، الناطقة بلسان معسكر المتشددين، والتي تساءلت «ماذا تعني الاستقالة؟ كيف يمكنك في منتصف المباراة أن تنحي الفريق بالكامل جانبا، وتستبدله بفريق جديد؟».

وأضافت «يستخدم الإصلاحيون، من خلال إثارة مسألة استقالة روحاني، هذا التكتيك الشعبوي للتهرب من الإجابة عن إخفاقاتهم في تحسين الاقتصاد، ويزعمون أن خصومنا يخلقون عقبات ولا يدعوننا نعمل، فإذا كانوا يعتقدون أن الإدارة والبرلمان لا يملكان تفويضا كافيا لإنجاز المهمة، فلا ينبغي لهما المشاركة في الانتخابات وتقديم الوعود».

وأكد الأستاذ الجامعي قريب الصلة بالمحافظين المتشددين أحمد بخشيش أردستاني أن روحاني يجب أن يظل في منصبه حتى 2021 لأن مسؤولية حكومته تقع على عاتق الإصلاحيين، والواقع أن اقتراح استقالته يستهدف بالأساس التخلص من هذه المسؤولية، ويتوقع أردستاني أن يتولى المحافظون في 2021 تشكيل الإدارة.

وأكد أنه على الرغم من أن عددا من المراقبين داخل إيران، من الإصلاحيين والمحافظين على السواء، يؤكدون أن الإصلاحيين والمعتدلين ليست لديهم فرصة للفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2021، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية، فمن غير المرجح أن يستقيل روحاني.

روحاني ليس إصلاحيا

ويؤكد تقرير المجلس الأطلسي أن روحاني لم يكن يوما ما إصلاحيا، بل كان يمثل خامنئي في المجلس الأعلى للأمن القومي على مدار 23 عاما، منذ بدايته حتى أول انتخابات رئاسية له عام 2013.

وشغل منصب سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي لمدة 16 عاما، وهو منصب لم يوافق خامنئي أبدا على أن يشغله أي إصلاحي، والمثال الأكثر وضوحا على ذلك هو امتناع روحاني عن دعم الاضطرابات الهائلة التي اندلعت في عام 2009 بقيادة الإصلاحيين بعد إعادة انتخاب أحمدي نجاد، وقد مكنه ذلك من الترشح ليحل محل أحمدي نجاد دون أن يستبعده مجلس صيانة الدستور الذي يقوده خامنئي.

الاستقالة ليست قريبة

وفي 22 يونيو، أشار موقع الكتروني معتدل مقرب من روحاني إلى أن الرئيس الإيراني كان على خلاف قوي مع نائبه إسحاق جاهانجيري. وحسبما ورد في الموقع، قال روحاني لنائبه «أنت والإصلاحيون تسعون لإسقاط هذه الإدارة»، ولم تنكر الحكومة هذا التقرير.

وفي الوقت نفسه، فإن روحاني على الرغم من وجود علاقة متوترة مع الفصيل المتطرف من المحافظين، لديه علاقة جيدة مع الفصيل المحافظ الأكثر اعتدالا بقيادة رئيس البرلمان المؤثر علي لاريجاني، الذي حل مكان روحاني في منصب سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومى عام 2005 حتى استقال بسبب خلافات مع أحمدي نجاد.

وعلى الرغم من أن استقالة روحاني تحت الضغط الهائل الناجم عن المشاكل الاقتصادية وهجمات المتشددين لا تزال محتملة، فعلى عكس الإصلاحيين الآخرين، يعد روحاني جزءا من النظام، وليس شخصا من الخارج، أو بعيد الصلة عن السياسة المعقدة للجمهورية الإيرانية، ويعتزم البقاء على هذا النحو.

الخصوم يرفضون

من المثير للاهتمام أن خصوم روحاني المتشددين هم من يعارضون استقالته، لأن حساباتهم تتمثل في ترك الوضع الاقتصادي يزداد سوءا حتى موعد الانتخابات الرئاسية لعام 2021 على أمل أن ينهار المعتدلون في ظل الظروف الاقتصادية السيئة ويفقدوا فرصتهم بالكامل في الفوز.

وسيكون خامنئي سعيدا بهذه النتيجة، ففي السنوات الـ 30 الماضية، منذ توليه قيادة إيران، لم يرشح أي مرشح قوي على أساس برنامج محافظ متشدد، ولا حتى الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد الذي كان أكثر شعبية.

  • خنق إيران اقتصاديا وأدخلها في مؤامرات خارجية رغم صلاحياته المحدودة

  • حجريان: نظام الحكم المزدوج وقرارات المرشد أصابت طهران بالشلل

  • استطلاع حديث لوكالة الطلبة يكشف تراجع رضا الإيرانيين إلى 36%

  • علاوي: نظام السلطة الحالي أسهم في حالة شلل إداري وفشل ذريع

  • أعداء روحاني يعارضون استقالته ليزداد الوضع سوءا قبل الانتخابات

  • أردستاني: استقالة منتصف الطريق مرفوضة وعليه أن يستمر حتى 2021