الساعدي يفتح ملف توغل إيران بالعراق

لجنة الأمن والدفاع تطلب إيضاحات.. والمسؤولون يبدون قلقهم من مخطط إضعاف الدولة
لجنة الأمن والدفاع تطلب إيضاحات.. والمسؤولون يبدون قلقهم من مخطط إضعاف الدولة

السبت - 28 سبتمبر 2019

Sat - 28 Sep 2019

أبدى مسؤولون عراقيون قلقهم من مخطط إيران لإضعاف المؤسسة العسكرية العراقية، وفتح قرار نقل الفريق الركن عبدالوهاب الساعدي من جهاز مكافحة الإرهاب إلى وزارة الدفاع ملف التدخلات الإيرانية الفاضحة في العراق، وأثار موجة استنكار كبيرة.

وطالبت لجنة الأمن والدفاع النيابية رئيس الوزراء رسميا بتوضيح قرار نقل الساعدي، مشيرة إلى أنها ستستضيف الساعدي بأقرب وقت للوقوف على تداعيات قرار تجميد صلاحياته العسكرية.

من جهته استغرب رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم قرار تجميد الساعدي، عادا أن هكذا إجراء حينما يكون بديلا عن المكافأة والتقدير يبعث رسالة مغلوطة عن إدارة الدولة وآليات إدارة الملف الأمني.

وعلق رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي على القرار، ملمحا إلى احتمال وجود شبهات فساد من ورائه، فيما اعتبر رئيس كتلة الصدر النيابية صباح الساعدي، نقل الساعدي «قضية كبيرة تثير الاستفهام حول طبيعة ما يجري داخل الجهاز من عمليات إقصاء للضباط والقادة الشرفاء والنزيهين»، وفق تعبيره.

تدخلات سافرة

وشهدت السنوات الأخيرة تدخل نظام الملالي السافر داخل العراق، خاصة في الجانب العسكري، في الإشارة إلى التمويل والتدريب والتسليح الذي تمنحه طهران للجماعات الشيعية المسلحة في العراق، من خلال «فيلق القدس» التابع لـ»الحرس الثوري الإيراني». إضافة إلى ذلك فإن لتدخل إيران أيضا جوانب سياسية واقتصادية ودينية تريد بها أن تصوغ دولة تحت هيمنة مصالح طهران، وتكون بمثابة معبر للنفوذ الإقليمي في الدول العربية المتاخمة.

دعم الحشد الشعبي

ظهرت خيوط التدخل الإيراني بوضوح فيما يتعلق بالانتخابات البرلمانية في العراق، التي انعقدت في 12 مايو 2018، حيث إن نظام الملالي حاول دعم ترشح قيادات من ميليشيات الحشد الشعبي في الانتخابات التي فاز فيها تحالف «سائرون»، الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي، مقتدى الصدر، بأغلبية برلمانية، 54 مقعدا.

وبات واضحا أن ترشيح زعماء من ميليشيات الحشد الشعبي في الانتخابات، هو جزء من سياسة إيران للسيطرة من الداخل على العواصم العربية، خاصة بغداد، وفي ذلك الشأن تعمل إيران مع حلفائها في العراق على تشكيل ائتلاف يقطع الطريق أمام القوى الأخرى، وتنصيب قائد ميليشيات الحشد الشعبي، هادي العامري، قائد منظمة بدر، إحدى أذرع إيران العسكرية في العراق، وكان النظام في طهران قد سعى مرارا من أجل توليه منصبا أمنيا في الحكومة العراقية منذ عام 2014؛ حيث تستثمر طهران كل الفرص الجديدة لدعم «العامري» من أجل تكريس هيمنتها على رأس السلطة في العراق.

دور مشبوه

وبدأت إيران، منذ احتلال العراق عام 2003، في التوغل بصورة مشبوهة داخل المجتمع العراقي كهدف يجعل تدخلها في شؤونه السياسية أمرا تلقائيا، ثم بعد ذلك باتت تتذرع بأن كل ما تفعله في العراق هو بطلب من حكومته، لتتمكن عبر هذه السياسة من جعل العراق بحكوماته المتعاقبة منصاعا لتوجهات طهران.

واعتبرت طهران سقوط نظام «صدام حسين» (1979م- 2003م) فرصة لبسط نفوذها بين الشرائح والفصائل التي ساندتها. وبعد الانسحاب الأمريكي من العراق برزت مخاوف إقليمية من عدم قدرة العراق على الوقوف مجددا وتزايد فرص أن يصبح العراق دولة تحت رعاية إيران، في حين حاول عدد من الدول العربية مواجهة النفوذ الإيراني المتنامي في محاولة لملء الفراغ الذي سينشأ مع انسحاب الولايات المتحدة.

تجريف العراق

عملت طهران على تخريب الاقتصاد العراقي؛ حيث أصبح العراق سوقا مفتوحة للبضائع الإيرانية بمختلف أنواعها، مما جعل الاقتصاد العراقي تابعا لإيران تبعية مطلقة، ومعتمدا عليها اعتمادا كليا.

وتعتمد طهران دورا تخريبيا واستراتيجيا يقوم على خطة تجميد الموانئ العراقية وعدم صلاحيتها مستقبلا، في المقابل تعمل على توسيع قدرات موانئها القديمة وبناء عدد من الموانئ الجديدة، بالإضافة لذلك تعمل على تجريف الأراضي الزراعية عن طريق إلقاء فضلات المصانع والمعامل الكيميائية في الأنهار التي تصب في العراق مثل نهر «الكارون»، وفي السياق نفسه قطعت إيران بعض مصادر المياه عن العراق، وحولت مسار بعض الأنهار الأخرى إلى داخل الأراضي الإيرانية مثل نهر «الوند»، الذي يغذي الزراعة في محافظة ديالي، شرق العاصمة بغداد، وذلك لربط الاقتصاد العراقي بالسوق الإيرانية من أجل إغلاق المصانع والمعامل العراقية والإضرار بالسوق العراقي وإنعاش السوق الإيرانية.

لماذا يتدخل الإيرانيون في العراق؟

  • جار استراتيجي يمكنها من إحكام السيطرة على مفاتيح المنطقة برمتها

  • الهيمنة الجغرافية، حيث يتشارك العراق وإيران في أطول حدود تبلغ 1500 كلم

  • إضعاف الهوية السنية الكبيرة في جنوب العراق، التي تسيطر على المنفذ الاستراتيجي المطل على الخليج، الذي يحتوي على نحو نصف احتياطي نفط العراق

  • تعطيل نهوض الدولة الوطنية العراقية، التي تشكل تهديدا استراتيجيا للنفوذ الإقليمي الفارسي وتعرقل الأطماع الإيرانية في أرض الرافدين

  • ضمان بقاء النفوذ الإيراني عبر رجال مؤثرين في الهياكل السياسية العراقية، وتشجيعهم على خوض الانتخابات تحت قائمة موحدة ودعمهم

  • يحتضن العراق أعدادا كبيرة من الشيعة وهو ما تستغله إيران في تسهيل مهمتها في السيطرة الداخلية وإحكام التأثير على مجريات الحياة