عبدالله محمد الشهراني

كيف حلق بنا الملك عبدالعزيز؟

الأربعاء - 18 سبتمبر 2019

Wed - 18 Sep 2019

من خلال المقال وبعيدا عن التعبير الإنشائي، سوف أسرد لكم عددا من الحقائق التي تظهر مدى اهتمام وحرص الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، على الطيران بشتى أشكاله، لقد نظر المؤسس إلى الطيران بعين «زرقاء اليمامة»، مستشعرا أهمية سرعة التنقل بين مدن دولة مترامية الأطراف مساحتها تتجاوز 2 مليون كلم2، ما بين جبال شاهقة وصحارى واسعة، وتوصل الملك المؤسس إلى ضرورة وجود صقور في سماء البلاد تحرسها وتدافع عنها، وتحميها من الأخطار.

جمعية الطيران العربية

جمعية أهلية في مكة المكرمة تأسست في عام 1930م، رئيسها الفخري الأمير فيصل بن عبدالعزيز نائب الملك في الحجاز، كان هدف الجمعية تشجيع الطيران وترويجه بين الشباب وتأهيلهم لقيادة الطائرات. لكن وبسبب ضعف الموارد توقفت الجمعية وقرر الملك عبدالعزيز أن تتبناها الدولة وتتحمل نفقات أنشطتها، وتحولت الفكرة في النهاية إلى وكالة وزارة الدفاع لتستكمل المهمة وتتابع الطريق.

أولى بعثات الطيران

وجه الملك عبدالعزيز، رحمه الله، عبدالله السليمان وكيل وزارة الدفاع، وفؤاد حمزة وكيل وزارة الخارجية، وسعيد الكردي قائد المنطقة باتخاذ الإجراءات اللازمة لابتعاث مجموعة من أبناء الوطن لدراسة الطيران في إيطاليا، وفي عام 1934م تم إرسال دفعتين لدراسة الطيران الحربي. وعادت الدفعتان لاحقا إلى جدة عام 1936م وسط استقبال شعبي ورسمي واحتفالات وطنية استمرت عدة أيام.

أسطول الطائرات

في عام 1937م تسلمت المملكة 3 طائرات إيطالية صغيرة و3 طائرات أكبر حجما تتسع لـ14 راكبا. استخدم هذا الأسطول لأغراض عدة، منها: أولا الصحية، حيث كان لهذا الأسطول دور مهم في القضاء على داء الجدري الذي اجتاح مدينة جيزان عام 1938م، من خلال نقل الأمصال المطلوبة وإيصالها إلى الجهات المعنية في جيزان. ثانيا إقامة الاستعراضات الجوية التي حضر بعضها جلالة الملك عبدالعزيز شخصيا في مدينة جدة، وقام بتكريم الطيارين بالأوسمة والنياشين. وتوج الملك المؤسس هذا الأسطول بعد ذلك بالطائرة الشهيرة «الداكوتا» المهداة من الرئيس الأمريكي روزفلت عام 1945م، وفي نفس العام وكدليل واضح على اهتمام الملك المؤسس بالطيران، قرر - طيب الله ثراه - شراء طائرتين أخريين من نفس الطراز، وتوالت بعدها الطائرات تباعا.

مدرسة بعثة التدريب

هكذا كان اسمها.. وهي المدرسة الأولى من نوعها في المملكة، وكانت تهتم بتقنيات الطيران والعلوم المرتبطة بها «الاتصالات، العمليات الجوية، الأرصاد، الملاحة الجوية، صيانة الطائرات»، وقد تم إنشاؤها وفقا للاتفاق المبرم بين الملك المؤسس والولايات المتحدة الأمريكية أواخر الأربعينيات الميلادية ضمن ما يعرف باتفاقية «مطار الظهران»، حيث تتولى الولايات المتحدة الأمريكية إنشاء المدرسة وتزويدها بالمختبرات والأجهزة والأثاث والمدربين إضافة إلى تولي شؤون إدارة المدرسة.

إدارات تم إنشاؤها في عهد الملك المؤسس

الاتصالات اللاسلكية، المراقبة الجوية، صيانة الطائرات، العمليات الجوية، أمن المطار، الشؤون الإدارية، المحاسبة، الحركة الجوية.

من أجل الطيران الملك ينذر الأمريكان

مما يثبت أهمية الطيران لدى الملك المؤسس أنه وعندما أخلت الولايات المتحدة الأمريكية بالاتفاق المبرم في مطار الظهران، حيث تعثر المشروع مدة طويلة، وجه جلالته إنذارا بإعادة النظر في امتياز البترول الممنوح للشركات الأمريكية إذا استمرت أمريكا في التلكؤ في ابتعاث الطلبة المتخرجين من المدرسة. وعندما لمس الملك المؤسس عدم التجاوب نفد صبره وبدأ التفاوض مع الحكومة البريطانية بشأن تدريب الشباب السعوديين على الطيران. استثمرت بريطانيا الفرصة في إثبات حسن النية لجلالة الملك، ورحبت الحكومة البريطانية بالبعثة الطلابية السعودية التي صارت لاحقا نواة لسلاح الطيران الملكي السعودي.

وبنظره الثاقب ورؤيته المستقبلية رأى الملك عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، في الطيران أمورا كثيرة، رأى الارتقاء والتقدم، والسرعة ومسابقة الزمن، والربط بين مناطق البلاد الشاسعة، والأمان والحماية بوجود قوة جوية مؤهلة وعلى أهبة الاستعداد.

أن تنشئ قطاع طيران من الصفر أمر في غاية الصعوبة، فكيف وأنت تنشئه في دولة ناشئة!. رحم الله الملك عبدالعزيز.

ALSHAHRANI_1400@