هل يتلاعب بوتين بإردوغان؟

حصول تركيا على منظومة إس ـ 400 أثار أزمة في العلاقات مع أمريكا
حصول تركيا على منظومة إس ـ 400 أثار أزمة في العلاقات مع أمريكا

السبت - 07 سبتمبر 2019

Sat - 07 Sep 2019








إردوغان وبوتين في لقاء سابق                                           (مكة)
إردوغان وبوتين في لقاء سابق (مكة)
فيما نجح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في الحصول على مكاسب من الولايات المتحدة الأمريكية، تلاعب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين به على أكمل وجه، وفقا لمجلة فورين بلويسي الأمريكية المتخصصة.

ونقلت «العربية نت» عن المحلل هنري باركي في دورية فورين بوليسي «زميلي ستيفان كوك نشر مقالا يقول فيه إن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان كان يتلاعب بواشنطن كيفما يشاء. فمن خلال مزيج من الخداع والتهديد والوعيد، تمكن إردوغان من إقناع الولايات المتحدة بالتوصل إلى اتفاق في شمال سوريا يأتي على حساب الأكراد الذين قاموا بمهمة القتال ضد تنظيم داعش. وأيا كان رأينا تجاه الأكراد، ينبغي أن يعامل عزمهم وتضحيتهم على أنهما من المصالح العامة (الأميركية) الدولية، إذ إنهم أوقفوا ودمروا إحدى أخطر الجماعات ذات النزعة القتالية التي عرفها العالم الحديث. وعلى النقيض من ذلك لم يسهم الأتراك بتاتا في هذا المسعى.

وأضاف «إردوغان أنهى للتو زيارة له إلى موسكو، حيث عرض بوتين الفطن على الزعيم التركي المنبهر للغاية أحدث المعدات العسكرية الروسية، بما في ذلك المقاتلات الجوية أس يو-35 وإس يو-57، حيث يشار للأخيرة بأنها المقاتلة المنافسة للجيل القادم من مقاتلات إف-35 التابعة للولايات المتحدة والناتو.

زيارة إردوغان

وتأتي زيارة إردوغان إلى موسكو في أعقاب تسليم بطاريات منظومة الدفاع الجوي الروسية إس-400 لتركيا. وأنقرة تم تحذيرها مرارا وتكرارا من أن هذه البطاريات من شأنها أن توفر للروس فرصة لفك تشفير تقنية الشبح الخاصة بمقاتلات إف-35، مما يعرض أمن برنامج هذه المقاتلات بأكمله للخطر. ومن المفارقات أن تركيا لم تكن مجرد مستفيد مستقبلي لما يزيد على 100 مقاتلة من طراز إف-35، بل كانت أيضا منتِجا مشاركا للمقاتلة.

وفيما كان يمثل بادرة مهمة، عرضت واشنطن على الأتراك دورا يكمن في تصنيع عديد من مكونات مقاتلة الإف-35، بما في ذلك أجزاء من هيكل الطائرة. ولقد كان من الممكن أن تجني أنقرة مليارات الدولارات من مبيعات التصدير، وأن تكتسب خبرة تقنية قيمة فيما يخص صناعة الأسلحة، إذ إنه يعد هدفا منشودا منذ أمد بعيد.

إصرار تركيا

ومثل إصرار تركيا على الحصول على منظومة إس-400 قد أثار أزمة في العلاقات الأميركية-التركية، حيث لم تجد الولايات المتحدة أمامها خيارا سوى طرد تركيا من برنامج مقاتلة الأف-35، إذ إن التكلفة التي كانت وما زالت تتكبدها تركيا تعد هائلة. فلن تتمكن من عصرنة أسطولها العتيق من الطائرات المقاتلة، إلا أن الأهم من ذلك يكمن في أنها خسرت فرصة نقل التكنولوجيا وكسب مليارات الدولارات من فرص التصدير. وبدلا من ذلك، بوتين يكسب المليارات من الدولارات بينما ينجح في التسبب في توتر العلاقات بين حليفتين من الناتو منذ أمد بعيد.

وربما اعتقد إردوغان - وفق المقال - أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب سيسعى لإنقاذه أو أن الأمريكيين لن يواصلوا تهديداتهم. ومع ذلك، كان هذا قرارا استثنائيا، لأنه عندما يتقرب من بوتين، فإنه قد يخسر مستقبل صناعاته الدفاعية ومساعي واشنطن الحميدة. فلقد أصبح يلمح

بأن تركيا ستفكر في شراء المقاتلة الروسية، وبالتالي المزيد من تعميق الخلاف مع الولايات المتحدة.

خلاف في سوريا

وأضاف الكاتب قوله «في حين أن إردوغان كان قد أبدى استعداده التخلص أو الإضرار بأهم علاقات تركيا لصالح بوتين، فإن الحقيقة تظل مُتمثلة في أن كلا القائدين يقفان على طرفي نقيض تماما حول سوريا. وكانت روسيا، إلى جانب إيران، قد أنقذت نظام بشار الأسد البغيض، بينما قدم الأتراك منذ بداية الثورة دعمهم لمعارضي الأسد بما في ذلك المكونات الجهادية المقاتلة. وإن الاتفاقية التي تفاوضت تركيا بشأنها مع الروس بخصوص مستقبل آخر المعاقل للمعارضة في محافظة إدلب، قد أخذت في الانهيار بسبب شروع النظام السوري في جهود عازمة لاسترداد المنطقة، مما أدى إلى تعريض المدنيين للأذى، ليس ذلك فحسب، بل أصاب أيضا العديد من مراكز المراقبة العسكرية التركية الموضوعة بغرض مراقبة المنطقة».

وما كان ينبغي لتركيا أن تفاجأ من أنه بمجرد تعزيز نظام الأسد سيطرته على كل مكان آخر، فسوف يركز على إدلب. فلقد تعرضت قافلة عسكرية تركية الشهر الماضي لإطلاق نار، ومن المرجح أنها أتت عن طريق قوات الأسد، بمباركة من بوتين، عبر طائرة روسية الصنع. كما تمت إصابة عربة صغيرة تسير وسط عربات مدرعة تركية، مما أدى إلى مقتل مستقليها ووقف التقدم التركي وعزل أحد مراكز المراقبة التركية. ومع ذلك، لم تتجرأ تركيا إلا على انتقاد خفيف ضد الأفعال الروسية وقتل جنودها الأتراك.

لا يستطيع انتقاده

وقال الكاتب: لقد وضع بوتين إردوغان في الموضع الذي أراده تماما. وهو يعلم أن إردوغان لن يجرؤ على انتقاده بعد أن نفروا منه في واشنطن، وباتت خياراته محدودة. وبدلا من ذلك، سوف يستمر إردوغان وأتباعه في الحكومة وإعلامه في التنديد بالولايات المتحدة بكونها تمثل عدو تركيا الرئيسي، قد يكون إردوغان يتلاعب بواشنطن بيد أن بوتين هو من يضحك كثيرا.

يذكر أنه بصورة مباشرة تقريبا بعد وصول إردوغان أنقرة بينما كانت صحافته المتملقة تحتفي بـ «إنجازاته العظيمة» في موسكو، عاد القصف السوري الذي يستهدف إدلب مرة أخرى. ومن الواضح أن بوتين يعلم كيفية التلاعب بالرئيس التركي؛ فلقد بسط له السجادة الحمراء وجعل إردوغان يبدي إعجابه بمعداته العسكرية ليضيق الخناق عليه في سوريا مرة أخرى.