عاصم الطخيس

قراءة نقدية للفيلم السعودي القصير «الذكرى المفقودة»

الجمعة - 30 أغسطس 2019

Fri - 30 Aug 2019

الفيلم القصير «الذكرى المفقودة» من كتابة وإخراج المهند الكدم، إدارة إنتاج حسين سلام، ومن بطولة الممثل مازن سيام في دور «خالد» والممثلة دينا شحيبر في دور «ذكرى». الفيلم من النوع الدرامي ويقع الفيلم في نطاق 5 دقائق و11 ثانية.

تتمحور قصة الفيلم حول رجل في العقد السادس من العمر مريض بالزهايمر يزور طبيبة للتحدث عن عدم قدرته على رؤية ابنته لفترة من الزمن، ويبدأ يستذكر آخر لحظاته معها من خلال ذكريات متقطعة جمعته بها ومن خلالها يشخص الطبيب حالته الصحية.

الجدير بالذكر أن الفيلم حاز جائزة لجنة التحكيم الخاصة والتي تم استحداثها خصيصا للفيلم في مهرجان United States Film Festival، كما حاز جائزة أفضل تصوير سينمائي في مهرجان Crown Wood International Film الدولي في الهند، وفوزه بالجائزة الفضية لأفضل فيلم قصير بمهرجان Independent Shorts Awards والمقام في كاليفورنيا، لوس أنجلوس، وفوزه كأفضل فيلم قصير في مهرجان CKF International Film Festival في إنجلترا.

أستطيع القول إن الفيلم يعد من أفضل الأفلام التي شاهدتها كفيلم سعودي قصير إن لم يكن الأفضل حتى الآن، خلافا لما يتم الترويج له من خلال مهرجانات الأفلام السعودية السابقة وأفلامهم ذات المستوى غير الاحترافي والفاقدة لأساسيات صناعة الأفلام، خاصة فيما يتعلق بنص السيناريو.

«الذكرى المفقودة» على النقيض يمكن اعتباره فيلما سعوديا يستحق التنويه له، وذلك لتمتعه بعدة جوانب مميزة سواء من ناحية التصوير، والإضاءة والتمثيل. كما تحدثت سابقا عن المعايير الأساسية لأي فيلم قصير أو فيلم روائي طويل وهي (الشخصيات، القصة، التفاصيل)، حيث إن هذه العناصر هي مكونات الفيلم.

يمكن التطرق للشخصيتين «خالد» والد ذكرى، و«ذكرى»، إذ تجمعهما علاقة أسرية قوية تتمركز في علاقة الأب مع ابنته، خاصة بعد وفاة والدة ذكرى.

يجب الإشادة بقدرة الممثل «مازن سليم» على تجسيد وتقمص دوره كمريض الزهايمر، من خلال إظهار مشاعره وجوارحه في وقت قصير جدا من الفيلم ويشعرك بكمية الحزن والمأساة التي يعيشها الأب لحظة أمله في لقاء ابنته المنتظر.

شخصية «خالد» متغيرة منذ بداية التشخيص حتى وصوله لمرحلة متقدمة جدا في المرض من خلال أحداث القصة. شخصية «ذكرى» التي جسدتها الممثلة «دينا شحيبر» لم تتغير طول الفيلم، فهي من الشخصيات الثابتة ولا بأس بنوعية شخصيتها وذلك لإيضاح التضاد والتجانس بين الشخصيات.

تسرد قصة الفيلم في أربعة مشاهد «فلاش باك»، وهي الطريقة الوحيدة التي نتعرف فيها على ما يجري أمامنا. عند مشاهدتك للفيلم للمرة الأولى سينتابك عدم فهم ما يهدف له الكاتب/‏المخرج لكن بعد مشاهدته عدة مرات متتالية بدأت تتضح الفكرة.

القصة مكررة بشكل عام وهناك بعض المشاهد من «الفلاش باك» يمكن اعتبارها مستهلكة Cliché خاصة مشهد المطعم عندما يخبر «خالد» ابنته «ذكرى» أن هذا المطعم له ذكرى خاصة مع والدتها، حيث جمعهما في أول موعد غرامي معها واعترافه بحبه لها، فهو مشهد مكرر ولا جديد فيه وقد يكون الهدف منه أن يتذكر ما قالته له زوجته حينها، وهو شيء لن ينساه مهما كان لكنه يعجز عن تذكر الكلمات التي تعيدنا من جديد لمكتب الطبيب.

كذلك هناك مشهد آخر أثناء رحلتهم في السيارة، حيث تستعرض «ذكرى» فيديو مسجلا وهم في طريقهم للشاطئ، حيث يعرض الفيلم «خالد»، وهو يسأل ذكرى مرات عدة إلى أين هم ذاهبون و«ذكرى» تخبره للبيت. المشهد تم استخدامه أكثر من مرة في أفلام سابقة عدة لكن وظيفته تكمن في إيضاح المرحلة التي وصل لها «خالد» من فقدانه للذاكرة.

التفاصيل تكمن في مكتب الطبيب الذي يعد مركزا للعودة والربط بين الانتقالات في «الفلاش باك» وعرض السؤال الذي يحفز ذلك. التصوير والإضاءة كانا ممتازين وأعطيا المشهد حقه في التكوين الدرامي، لكن الانتقالات المعمول بها غير مناسبة لنوع الفيلم، فلو تم استخدام نوع انتقال الإحلال المطابق (Match Dissolve) سيكون وقعه أفضل وأدق من الإحلال (Dissolve) التقليدي.

AsimAltokhais@