كواليس اللقاء المشبوه في قطر

الاثنين - 12 أغسطس 2019

Mon - 12 Aug 2019

تهنئة رقيقة واتصال هاتفي طويل جمع أمير قطر تميم بن حمد والرئيس الإيراني حسن روحاني في أول أيام عيد الأضحى المبارك، وبعد ساعات طار وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف «المصنف على قائمة الإرهاب» إلى الدوحة، وعقد اجتماعات ولقاءات ودية مع مسؤولي النظام القطري.. الأمر يبدو مريبا.

ماذا يدور في الكواليس؟ هل يريد الإيرانيون زرع لغم جديد في المنطقة عبر «ثغرة الدوحة»؟ وهل تضطلع قطر بدور الوسيط لتخفيف العقوبات على ظريف، والحصول على بعض التسهيلات لأصدقائها في طهران بعد الصفقات والمليارات التي دفعوها في الأيام الماضية للولايات المتحدة الأمريكية؟

نظرة وابتسامة

على طريقة الأفلام العربية القديمة، يبدأ الحب بـ»نظرة وابتسامة»، وهو فيما يبدو الإطار الذي يغلف «تحالف الشر» بين قطر وإيران هذه الأيام، وعلى مدار السنوات الماضية.

في أعقاب اتصال التهنئة بالعيد الذي أجراه أمير قطر، وصف روحاني العلاقات بين طهران والدوحة بأنها «ودية متنامية»، مؤكدا ضرورة زيادة ترسيخ العلاقات بين البلدين في كافة المجالات.

لم يتوقف الأمر عند ذلك، بل إن روحاني الذي يشعر بالقهر أمام تحركات أمريكا وبريطانيا الأخيرة لحماية مضيق هرمز، قال إن «بعض الدول الأجنبية تسعى وراء الترويج للفوضى في المنطقة أمام العالم، ما يجعل مشاكل المنطقة أكثر تعقيدا وخطورة»، وكأنه تناسى أن أكبر قاعدة أمريكية في منطقة الشرق الأوسط موجودة في قلب الدوحة «قاعدة العديد».

وأضاف «إيران تولي أهمية كبرى إلى موضوع حماية أمن الخليج ومضيق هرمز وبحر عمان وتبذل قصارى جهدها في هذا السياق، كما ترى أن حماية الأمن في هذه المنطقة يضمن تنمية ومصالح شعوبها». وتابع بالقول إنه يمكن «توفير الأمن والاستقرار في منطقة الخليج من خلال التعامل وتضافر الجهود بين الدول المطلة على الخليج وفي إطار إجراءات أمنية مشتركة».

استثمار مليارات قطر

وفيما تبدو كلمات قريبة من «الكوميديا السوداء» أكثر من اقترابها من السياسة، يؤكد الرئيس الإيراني أن التجارب التاريخية تشير إلى حقيقة أن تدخل الأجانب لم يسفر سوى عن المزيد من التوترات وتعقيد ظروف المنطقة»، وأن بلاده ترغب في «استمرار المشاورات مع الدول الصديقة من أجل تعزيز السلام والاستقرار وتنمية المنطقة»، وأن «خفض التوترات في المنطقة يصب في مصلحة الجميع، ونحن نتطلع إلى أن يتفهم الأمريكيون أنهم اختاروا نهجا خاطئا، وعليهم أن يعيدوا النظر في تصرفاتهم».

إذن بات الأمر واضحا تماما، روحاني يريد استثمار المليارات التي دفعتها قطر للولايات المتحدة الأمريكية في الفترة الماضية، ويسعى لأن تكون وسيطا موثوقا به مع إدارة ترمب بحثا عن مخرج للأزمة التي تواجه النظام نتيجة العزلة العالمية التي يعيشها.

دعم قطري للتخريب

حفاوة خاصة شعر بها محمد جواد ظريف في قطر، التقى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد آل ثاني، ووفقا للبيان الرسمي بحث الطرفان العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها، إضافة إلى الأمور ذات الاهتمام المشترك، وسط تلميحات إلى أن العلاقة تعززت بشكل كبير بين قطر وإيران، عقب إعلان السعودية ومصر والبحرين والإمارات عن قطع العلاقات مع الدوحة في منتصف عام 2017 متهمة إياها بدعم «الإرهاب».

الاحتفاء بظريف في قطر واتصال الغزل بين تميم وروحاني يصدر رسالة واضحة عن دعم سياسات طهران التخريبية في المنطقة التي تتماهى مع سياسات الدوحة الراعية للإرهاب، في تحد واضح لدول المنطقة والعالم.

بجاحة ظريف

لذا لم يجد ظريف أدنى مشكلة أن يذكر المصطلح المزعوم «الخليج الفارسي» على الخليج العربي، وهو في قمة البجاحة من قلب الدوحة، بعد أيام من تهديد بلاده بغلق مضيق هرمز، وهو التهديد الذي أيدته قطر علنا في منتدى الجزيرة، بمزاعم عدم قدرة الولايات المتحدة الأمريكية أو الجيوش العربية الدفاع عن نفسها في وجه إيران، في تسويق واضح لسياسة الانهزامية والانبطاح التي تنتهجها الدوحة مع طهران.

وتبدو المبالغة في الترحيب بظريف أشبه بالمكايدة السياسية من نظام الحمدين للعالم، وهي تأكيد أيضا على تأييد النظام القطري لولاية الفقيه، في ظل الاتفاق المشترك على كثير من الملفات وعلى رأسها ملف جماعة الإخوان الإرهابية التي تدعمها قطر وتركيا وإيران.

ألسنة اللهب

وفيما يرى مراقبون أن قطر تريد استمرار الأزمة مع الدول الخليجية والعربية من أجل أن تواصل سياساتها التآمرية مع إيران، لأن حل الأزمة يستوجب على الدوحة تنفيذ التزاماتها في عدم القيام بخطوات تهدد الأمن القومي العربي، يتحرك نظام الحمدين على ألسنة اللهب في ظل التوترات المتفاقمة في المنطقة إثر الهجمات المتكررة على الناقلات والمنشآت النفطية من قبل إيران وأدواتها، غير عابئ بأنه يمثل دولة صغيرة الحكم، لكنه يريد أن يجاري الإيرانيين في تصدير الفوضى والفتنة والدمار.

ويتعنت الجانب القطري في عدم الاستجابة لمطالب دول التحالف العربي الأربع المتمثلة بـ13 طلبا وعلى رأسها التوقف عن دعم التيارات الإرهابية والمناوئة لأمن واستقرار دول الخليج، ووقف دعم جماعة الإخوان المصنفة إرهابيا.

قصة الدولة «الشريفة»

لا أحد ينسى الكلمات الشهيرة التي استفز بها وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري، سلطان المريخي في افتتاح الدورة الـ148 العادية لمجلس جامعة الدول العربية، على مستوى وزراء الخارجية، عام 2017 حين قال إن «إيران دولة شريفة» في الوقت الذي كانت فيه ميليشيات الحوثي التابعة لطهران التي تستهدف صواريخها مكة المكرمة، بينما تنتشر الميليشيات الإيرانية في سوريا والعراق وبقية المناطق الأخرى.

دلائل عديدة تؤكد أن النظام القطري بات خارج التغطية ولم يعد ينتمي إلى المنظومة العربية والإسلامية فعلا ولا حتى قولا، ويعيش عزلة كبيرة، وهي مؤشرات تفضح الدعم القطري لكل ما يؤجج المشاكل والخلافات داخل الوطن العربي، ويؤكد بالفعل تورطها في تنفيذ مخططات تخريبية إقليميا ودوليا.

قطعة من الكعكة

التقارب الإيراني القطري له العديد من التفسيرات وفق محللين اقتصاديين، فإيران تطمح في الحصول على نصيبها من الكعكة من ثروات الشعب القطري، على غرار ما فعلت تركيا لإنقاذ اقتصادها المنهار، وطهران التي تواجه أكبر أزمة اقتصادية في الوقت الحالي بعد تزايد العقوبات وانهيار العملة الرسمية، تسعى لإبرام صفقات تجارية سواء علنية أو سرية والحصول على نصيبها من المليارات التي سملتها قطر لأمريكا أخيرا.

ولم يكن غريبا أن تعلن قطر رفضها العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران من أجل التصدي لإرهابها وسلوكها العدائي في المنطقة ودعم الميليشيات المسلحة لإثارة الفوضى، وقال وزير الخارجية القطري محمد آل ثاني، إن بلاده لا ترى أن العقوبات الأحادية الجانب تسفر عن نتائج إيجابية، مضيفا «لا يجب تمديد العقوبات الأمريكية على إيران».

دعم الإخوان

الغرام الثلاثي الذي يجمع قطر وتركيا وإيران مع جماعة الإخوان المصنفة إرهابيا معروف للعلن، فقد أعلن ظريف رفض بلاده سعي الولايات المتحدة لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين تنظيما إرهابيا، وقال في تصريحات سابقة أطلقها من الدوحة، وبالتحديد من مؤتمر «حوار التعاون الآسيوي»: «الولايات المتحدة ليست في وضع يؤهلها بأن تبدأ في تصنيف الآخرين كمنظمات إرهابية، ونحن نرفض أي محاولة أمريكية فيما يتعلق بهذا الأمر».

تسهيلات قطرية

ما قاله قائد الحرس الإيراني العميد قاسم رضائي قبل أيام ليس بعيدا عن الأذهان فهو يصب في نفس القضية، قال عقب الاجتماعات التي جرت الأسبوع الماضي إن الدوحة قدمت تسهيلات لبناء ميناء خاص للسفن، وكذلك تقديم خدمات لرجال أعمال إيران بشكل جيد. وفق ما أفادت وسائل إعلام روسية، نقلا عن وكالة فارس الإيرانية.

وأضاف رضائي أنه تم الاتفاق مع القطريين على تعزيز قدرات البلدين ولا سيما فيما يتعلق بتعزيز القوة الإنتاجية والاستهلاكية داخل قطر، وتحسين التجارة في البلدين عبر تقديم التسهيلات اللازمة من قبل قوات خفر الحدود».

وقالت إيران إن اجتماعا جمع وفدين لخفر الحدود من قطر وإيران في طهران وناقشا توسيع التعاون الميداني وتوطيد العلاقات بين البلدين.

ماذا تريد إيران من قطر؟

  • الوساطة مع أمريكا بعد المليارات والصفقات التي أبرمتها الدوحة.

  • تخفيف العقوبات على ظريف.

  • استخدام الدوحة كثغرة يمكن التوغل من خلالها للمنطقة.

  • مساعدتها في أزمتها الاقتصادية الطاحنة.

  • التحايل على العقوبات الأمريكية المفروضة عليها.


ماذا تريد قطر من إيران؟


  • الاستقواء بها على دول المنطقة في ظل علاقتها السيئة مع الجميع.

  • إبرام صفقات تجارية لمواجهة النقص الذي أحدثته المقاطعة.

  • التأكيد للعالم أنها يمكن أن تكون الوسيط الدبلوماسي مع طهران.

  • دعم جماعة الإخوان حليفهما المشترك القوي.




تهنئة متبادلة بين تميم وروحاني.. وزيارة مشبوهة لظريف تثير استفهامات عديدة

01 هل يريد الملالي زراعة لغم جديد في المنطقة عبر ثغرة الدوحة؟

02 هل تضطلع قطر بدور الوسيط في مفاوضات سرية مع واشنطن؟

03 هل تم إبرام صفقات تجارية لمواجهة الأزمة الاقتصادية الطاحنة؟

04 هل يساعد القطريون أصدقاءهم في التحايل على العقوبات؟