عبدالرحمن العليان

سجون المباحث

الاحد - 28 يوليو 2019

Sun - 28 Jul 2019

كان الأسبوع الماضي أسبوعا استثنائيا لإدارة سجون المباحث العامة ولجهاز أمن الدولة قيادة وضباطا وأفرادا ومنسوبين، فمن خلال برامج أجنحة إدارة الوقت شاهدنا حصادها من خلال خطوط الإنتاج لمسارات الأجنحة المهارية والتعليمية والفنية، والتي رسمها وخط سيناريو الإبداع فيها المواطنون النزلاء في سجون المباحث العامة من مختلف مناطق المملكة.

هذا البرنامج هو البرنامج الثاني في تطبيقه، ويستفيد منه حاليا أكثر من 70% من النزلاء في سجون المباحث، وهو أحد امتدادات الرؤية السعودية في التحول نحو السعودية المستقبل فكرا ومنهجا واعتدالا ومشاركة في البناء والتطوير والتنمية.

شاهدنا أنامل النزلاء ترسم لوحات فنية ومن خلال شروحاتهم المباشرة لنا، تبين وبصدق أن الإنسان بطبعه يحب الجمال والاعتدال والرجوع لقيم الحياة المعتدلة التي تربى عليها أبناء المملكة العربية السعودية في مدنهم وقراهم وأسرهم.

شاهدنا شبابا ينحتون سفنا ونماذج فنية وطنية نالت استحسان الحاضرين، والتي أعلنوا من خلالها أن حب الوطن منحوت في قلوبهم وأعمالهم وسلوكهم وفكرهم.

وفي ركن آخر شاهدت بعض النزلاء يقدمون ملخصا عن إنتاجاتهم الإعلامية من مقاطع الفيديو والبرامج الإعلامية الرقمية المتخصصة التي لا يمكن أن تشاهدها إلا في كليات الإعلام الجامعية.

أهدى إلي أحد النزلاء بعض المجلات لسجون المناطق التي يقوم عليها النزلاء في إدارتها من رئاسة التحرير والتنفيذ والكتابة والإخراج، في موقف يبين المهارة التي وصل لها النزلاء من خلال الإمكانات الجبارة التي أتاحتها لهم إدارة سجون المباحث العامة لصقل مهاراتهم.

قابلت بعض النزيلات اللاتي عرضن إنتاجهن الفني من النسيج والأعمال الجلدية والقماشية، وكلهن حماس لتطبيق هذه المهارات عند عودتهن إلى حياتهن الطبيعة ولرد جميل الوطن لهذه العناية والعطف والرحمة.

ردد كثير من النزلاء أن السجن في ظل حاكم عادل هو رحمة، وهذا يعبر عن الفرق بين مقرات سجوننا وبين سجون كثير من البلدان، وهي نعمة من رب العالمين نشكره عليها وعلى هذه القيادة الكريمة والعظيمة في إدارتها وقرارها نحو المواطن في مثل هذه الظروف الخاصة.

تفنن كثير من النزلاء في صناعة العطور وفي المجالات التقنية الحديثة، وفي برامج التعليم لمراحل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، لأن الوطن ينظر لنا جميعا كعناصر للبناء، وهم سيكونون كذلك قريبا في البناء والتنمية وحماية الوطن فكرا ومنهجا.

لم نغادر حتى استمتعنا بفنون المسرح والموسيقى التي قدمها لنا النزلاء بإتقان ومهارة، استمتعنا معهم بالضحك في المشاهد المسرحية التي تفوقوا فيها على كثير من أقرانهم المتخصصين من خلال شهادات بعض الزملاء الممثلين المتواجدين معنا، سمعنا ذلك الغناء الجميل للأغاني الوطنية والعاطفية التي سطرتها أناملهم على العود والأدوات الموسيقية، ليصفوا لنا أن الحياة جميلة ولا تستحق منا أن نعكر صفوها وصفو وطننا بتلك الأفكار العابرة للقارات والبحار، والتي ليس لها أصل في المنهج السعودي المعتدل وفي تربيتنا الوطنية.

شكرا معالي رئيس أمن الدولة، وشكرا سعادة مدير السجون للمباحث العامة بالمملكة، وشكرا سعادة مدير سجون جدة، وللزملاء في سجون المناطق، شكرا على تلك الساعات التي تعلمنا فيها كيف أن الوقت عندما يستثمر يمكن لنا من خلاله أن نشاهد من أخطا في فكره ومنهجه وتشدده؛ أن يكون نموذجا للرقي والتعلم والمهارة والتطوير في المهارات الحياتية والعلمية والأخلاقية، إنه الأخذ باليد لمعالي الأمور والتعليم وجمال الحياة، إنها مملكة الإنسانية، وكفى.