عبدالله العولقي

تأمين النقل البحري.. مسؤولية دولية

الأربعاء - 24 يوليو 2019

Wed - 24 Jul 2019

العالم كله يراقب الوضع في منطقة الخليج العربي عن كثب، لا سيما بعد تهور الحرس الثوري الإيراني واحتجازه لناقلة النفط البريطانية كأسلوب ضغط على البيت الأبيض لتغيير سياسته وتعامله مع طهران، فلا شك أن إشكالية العقل السياسي الإيراني أنه لا يزال يتعامل بالندية مع العالم الغربي لا سيما مع القوة الأعتى في العالم، وخطابات مسؤوليه لا تنم عن قراءة حصيفة بالواقع السياسي بقدر ما تترجم عن ذهنية التهور والانتحار السياسي!

لقد سمعنا كثيرا من المراقبين والمحللين السياسيين عن منهجية الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في تعامله مع الملفات الدولية، فهو يستعمل السلاح الاقتصادي لجلب الأرباح السياسية، وهذا ما شهدناه في منهجيته مع كوريا الشمالية والصين وإيران، والتي اقتضت فرض المزيد من العقوبات والضغوطات الاقتصادية لإجبار الطرف الآخر على تقديم التنازلات السياسية، ولا شك أن الساسة الإيرانيين يدركون ذلك تماما، وهم يرفضون أسلوب هذه الإدارة جملة وتفصيلا، لأنهم يعون جيدا أنه يقيد تحركاتهم وثوريتهم في المنطقة، ولذا نجدهم يصعدون في لغتهم التهديدية، وينتهجون نمطية القرصنة وتهديد خطوط الملاحة البحرية لتحقيق رغبتهم في رضوخ واشنطن لمطالبهم، وأن يعترف بهم البيت الأبيض كقوة إقليمية في المنطقة، ويتم التعامل معهم سياسيا وتفاوضيا على هذا الأساس، تماما كما كانت تفعل إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، ولهذا نجد قيادات الحرس الثوري تتجه نحو سياسة التحرش بناقلات النفط الغربية كتلويح إعلامي بأنها تمتلك ورقة ضغط إقليمية مهمة تستطيع من خلالها عدم الرضوخ الكامل للعقوبات الاقتصادية الأمريكية.

إشكالية أخرى في الذهنية الإيرانية تنم عن تغابيها وتجاهلها أن أمن الخليج العربي لا يخص العرب وحدهم، وإنما هو مسؤولية دولية تخص العالم برمته، فإمدادات الطاقة التي تستهلكها مصانع العالم في الشرق والغرب تمر عبر مضيق هرمز، وما تقترفه طهران اليوم من أعمال القرصنة والشغب هو باختصار عملية ابتزاز للعالم، بمعنى أنها تستعمل المضيق الدولي كورقة سياسية تنتهجها لإسكات الضمير الإنساني عما تقترفه من جرائم وانتهاكات في حق الدول العربية الأربع التي سقطت في حبائل ثورتها المشؤومة، وفي الجهة الأخرى هناك دول كبرى - كالصين والهند واليابان – تعتبر هي الطرف الثاني في عقود الطاقة مع دول الخليج العربي، وبإشعال فتيل الحرب العسكرية في المنطقة ستكون مصانعها واقتصادياتها هي المتضررة الأولى عالميا من الأزمة، ولا شك أنها لن تتخذ موقف الصمت أمام الشغب والإرهاب الإيراني!

لا شك

أن الخطوة الاستراتيجية المهمة التي اتخذتها الرياض باستقبال القوات الأمريكية يأتي في سياق الضرورة الأمنية في مواجهة الخطر والتهور الإيراني في المنطقة، لا سيما أن الخطوة تأتي في سياق التحالف التاريخي بين البلدين، كما يأتي متوافقا مع استراتيجية رفع مستوى العمل العسكري المشترك بين الرياض وواشنطن لتحقيق أمن واستقرار منطقة الخليج العربي.

وأخيرا، لا بد لهيئة الأمم المتحدة أن تعقد اجتماعا دوليا استثنائيا لمناقشة تأمين وحماية النقل البحري في الخليج العربي والذي يعتبر عصب الاقتصاد العالمي، وعلى إثر ذلك يتم إدانة طهران بتهم الإرهاب والقرصنة البحرية، واتخاذ كافة السبل والإجراءات لمقاضاتها دوليا، وردعها عن سلوكها التخريبي وتحجيم قدراتها العسكرية والنووية والتي باتت تشكل خطرا جسيما على الأمن العالمي برمته.

@albakry1814