سهى الحربي

شرف العداوة

الاثنين - 22 يوليو 2019

Mon - 22 Jul 2019

تخيل أن تعطي شخصا ممتلئا بالكيدية شقة أنت تمتلكها بالمجان، أو أن تزين جدار غرفة بيتك ببرواز لصورة شخص سيئ، مديرك المحبِط مثلا، لتريها ضيوفك، تخيل أنك تحتفظ بتسجيلات تحمل كلمات مهينة ومواقف مستفزة، وتشاهدها يوميا على شاشة كبيرة وتبكي حرقة على كرامتك.

هذا ما تفعله تماما عندما تسكن شخصا يكيد لك أثمن شقة تمتلكها «عقلك وتفكيرك»، أو عندما تعطي أهمية وتتحدث مع أحبابك وأقربائك عن شخص يجهل قيمتك ولم يقدرك، أو تستخدم شريط ذاكرتك لتسترجع ذكريات مؤلمة في الماضي، وتنسى أن جهاز التحكم بين يديك وتستطيع أن تضغط على زر الخروج وتجاوز هذه المشكلة.

وكما أن الصداقة وسام، العداوة أيضا شرف لا يمنح إلا لمن يستحق منازلتك. فلو شاهدت يوما أسدا ينازل ذبابة تحوم حول أنفه أو رأيت ذئبا يجيش أعوانه لمحاربة نحلة لسعته في غفلة، ستضحك على سخافة الفكرة، فاعترافك بمعاداة شخص يعني أنك نصبته ندا لك، وجزء من نضالك في الحياة يكمن في اختيارك لعداواتك، جرب أن تُنصب كسَلك عدوا لك، أو أن تسيطر على حماقة تسويفك، أن تنتقم من صوت أخطائك بأن تصححها أو تحقق إنجازات تنسيك فشلك.

لذلك من تقديرك لذاتك ألا تحارب أيا كان، أو أن تقاتل من أجل أي شيء. وتذكر أن التجاهل فن وقوة وذكاء لا يدركها أولئك الذين أهدروا وقتهم في الركض خلف انتصار عقيم من أعداء صغار، فأصبحوا كمن يلوث كتابا ثمينا لينتقم من فأر قذر يحوم حوله.