لماذا يتساهل الأوروبيون مع إيران

الصفقات الاقتصادية والنفط وراء دخول بعض الدول إلى دائرة الانتظار والترقب
الصفقات الاقتصادية والنفط وراء دخول بعض الدول إلى دائرة الانتظار والترقب

الأربعاء - 17 يوليو 2019

Wed - 17 Jul 2019

لماذا يبدو الموقف الأوروبي متساهلا مع إيران؟ كيف يواجه الأوروبيون التصعيد الخطير لحكومة الملالي بهذا القدر من الهدوء، وتذهب تصريحاتهم دائما إلى أن «المفاوضات ما زالت ممكنة»؟

هل يرى الأوروبيون أشياء أخرى لا يراها العالم؟ ألم تحركهم الصواريخ الباليستية التي تهدد أمن المنطقة وناقلات النفط التي يجري استهدافها عند مضيق هرمز، والدعم الصريح والعلني للإرهاب الذي طال أراضيهم؟

تحاول ورقة بحثية جديدة صادرة عن مركز الإصلاح الأوروبي بعنوان «شراكة مضطربة: الولايات المتحدة وأوروبا في الشرق الأوسط» الإجابة علن هذه الأسئلة، وتلقي نظرة متعمقة على الأساليب المختلفة التي تتبعها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تجاه أمن الشرق الأوسط، بما في ذلك إيران، وتداعياتها على العلاقة بين ضفتي الأطلسي.

الخلاف.. لماذا؟

يرى البحث أن الولايات المتحدة وأوروبا اتبعتا جداول أعمال مختلفة في الشرق الأوسط، ولكن منذ أن أصبح ترمب رئيسا صار من الصعب التوفيق بين مناهجهما، ويقول «ليس هناك ما هو أكثر وضوحا مما هو عليه في نهجهما تجاه إيران، لقد أدى انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية النووية الإيرانية إلى زيادة التوترات وزيادة خطر المواجهة العسكرية، فيجب أن تكون أولوية الاتحاد الأوروبي هي محاولة تقليص الموقف مع الحفاظ على أكبر قدر ممكن من بنية الاتفاق النووي».

ويضيف «في أماكن أخرى من المنطقة ساهم انسحاب القوات الأمريكية من سوريا ودعم الرجل القوي خليفة حفتر في ليبيا في خلق تحديات جديدة لأوروبا. يجب على الأوروبيين توجيه السياسة الأمريكية بعيدا عن التصعيد، ومحاولة التعاون بشكل أوثق في المجالات ذات الاهتمام المشترك في جميع أنحاء الشرق الأوسط، لكن في النهاية ستحتاج أوروبا إلى التخلص من سلبيتها إذا أرادت تأمين مصالحها في المنطقة».

تقليص نفوذ إيران

  • ركزت سياسة ترمب الخارجية في الشرق الأوسط على تقليص نفوذ إيران.

  • حاولت الولايات المتحدة إنشاء تحالف أمني في الشرق الأوسط «الناتو العربي» الذي يضم السعودية والإمارات ومصر والبحرين والأردن وعمان والكويت.

  • جادل ترمب بأن JCPOA فشلت في وقف تطوير إيران لسلاح نووي، وأنها لم تقيد برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية، أو تقيد دعمها المزعزع للاستقرار للجهات الفاعلة غير الحكومية، مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن والميليشيات الشيعية في العراق.

  • في مايو 2018 سحب ترمب الولايات المتحدة من الاتفاقية النووية، معلنا إعادة فرض العقوبات على إيران، كان ذلك على الرغم من أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية واصلت التصديق بأن إيران تمتثل بالكامل لأحكام الاتفاقية.

  • ذكر ترمب أنه يأمل في إجبار الإيرانيين على التفاوض على اتفاق جديد يفرض قيودا إضافية على البرنامج النووي الإيراني، وإجبارها على تغيير جذري في سياستها الخارجية والتخلي عن برنامج الصواريخ الباليستية.

  • وبعد بضعة أيام وسع وزير الخارجية مايك بومبو قائمة المطالب الأمريكية، بالقول إن إيران ستضطر إلى إنهاء دعمها لحزب الله والحوثيين، والانسحاب من سوريا، والتوقف عن تهديد جيرانها.


رد فعل الاتحاد الأوروبي

أصيب الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين بخيبة أمل عقب قرار الولايات المتحدة، وتعهدت بالحفاظ على خطة العمل المشتركة. واتفق الاتحاد الأوروبي مع الولايات المتحدة على الهدف الشامل المتمثل في عدم السماح لإيران بامتلاك أسلحة نووية، وأنه ينبغي لبرنامج الصواريخ الباليستية أن يكون مقيدا.

وافق الأوروبيون، على الأقل من حيث المبدأ، على أن دعم إيران للجهات الفاعلة من غير الدول، مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، له آثار مزعزعة للاستقرار على المنطقة.

ومع ذلك فإن الأوروبيين لا يوافقون بشكل أساسي على استراتيجية ترمب، ويرون أنها خطوة خطيرة قد تدفع إيران إلى توسيع برنامجها النووي، والقوى الإقليمية الأخرى إلى البحث عن أسلحة نووية، والتي زادت من فرص الصراع في المنطقة.

ورأوا أن البقاء في الصفقة هو أفضل طريقة لتقييد البرنامج النووي الإيراني، بناء على الاتفاق في نهاية المطاف لمعالجة قيودها. علاوة على ذلك، اعتقد الأوروبيون أن JCPOA توفر قاعدة يمكن من خلالها معالجة قضايا مثل تطوير إيران للصواريخ الباليستية والسياسة الخارجية.

تباعد المواقف والنفوذ الخبيث

تعكس المواقف الأمريكية والأوروبية اختلافات أوسع في تصورات التهديد والأسباب الجذرية لعدم الاستقرار في المنطقة. لطالما نظرت الولايات المتحدة إلى إيران بمزيد من العداء مقارنة بالأوروبيين، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الخطاب الإيراني المعادي للولايات المتحدة.

  • في عهد ترمب ازدادت وجهة النظر هذه مما يعكس وجهة نظر أقرب حلفاء أمريكا في المنطقة، وغالبا ما يشير المسؤولون في إدارة ترمب إلى «النفوذ الخبيث» لإيران في المنطقة في تصريحاتهم وخطبهم.

  • أعطى الأوروبيون الأولوية للتخلي عن التصعيد والدبلوماسية، لأنهم يرون أن إيران أقل تهديدا ولا ترغب في مواجهة عسكرية.

  • لا تعطي الولايات المتحدة وزنا للاختلافات الداخلية داخل إيران.

  • - يميل الأوروبيون إلى التأكيد على الانقسامات بين المعتدلين والمتشددين، مما دفعهم إلى الاعتقاد بأن من المفيد الوصول إلى السابقين لمحاولة تغيير السياسة الخارجية الإيرانية.




الدعم الأوروبي لطهران


  • في يونيو 2018 أحيا الاتحاد الأوروبي قانون الحظر لعام 1996، الذي يحظر على الشركات التي مقرها في الاتحاد الأوروبي الامتثال للعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة خارج الحدود الإقليمية.

  • -في فبراير 2019 أطلقت كل من فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة أداة دعم التبادل التجاري (أنستكس)، وهو نظام للدفع مصمم لتجاوز النظام المصرفي التقليدي والسماح لكيانات الاتحاد الأوروبي بمواصلة التجارة مع إيران.

  • سعى الاتحاد الأوروبي أيضا إلى الانخراط مع إيران في نموذج E4 (فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، المملكة المتحدة) + إيران، لمناقشة برنامج الصواريخ الباليستية والسياسة الخارجية.


رأت واشنطن أن محاولات أوروبا للحفاظ على JCPOA والتعامل مع إيران كانت مضللة ومضرة بشكل عميق، واعتقدت أن الجهود المبذولة للتعامل مع إيران بتنسيق E4 / EU كان لها تأثير ضئيل على السياسة الخارجية الإيرانية. جادلت الولايات المتحدة بأن جهود الاتحاد الأوروبي قلصت الضغط على إيران، وأن أي فوائد مالية تحصل عليها إيران ستوجه إلى زعزعة استقرار المنطقة. حاولت الولايات المتحدة إقناع الاتحاد الأوروبي بالتخلي عن جهوده للحفاظ على JCPOA على قيد الحياة، وحثت الأوروبيين على دعم نهجها وإعادة فرض العقوبات.

المخاوف الأوروبية

أدت المخاوف الأوروبية من السياسة الخارجية الأوسع لإيران إلى تعقيد جهود الاتحاد الأوروبي لدعم الاتفاق، حيث:

تشترك فرنسا والمملكة المتحدة إلى حد كبير في مخاوف الولايات المتحدة بشأن التدخل الإيراني في سوريا والعراق ولبنان والخليج.

يساور عدد من الدول الأعضاء قلق بشأن تطوير إيران للصواريخ الباليستية ومحاولات الاغتيال والهجمات الإيرانية على المنشقين في الدنمارك وفرنسا وهولندا.

هددت بفرض عقوبات جديدة على إيران بسبب برنامجها الصاروخي، وفي يناير فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على مسؤولي المخابرات الإيرانية بسبب مؤامرات الاغتيال المزعومة.

الاستمرار في العقوبات


  • أزالت الولايات المتحدة أي حافز لإيران لمواصلة الامتثال الكامل للصفقة في أواخر أبريل وأوائل مايو 2019.

  • في منتصف أبريل أعلنت الولايات المتحدة نهاية الإعفاءات التي منحتها من قبل للسماح لبعض صادرات النفط الإيرانية بالاستمرار.

  • صنفت الولايات المتحدة الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، وردت إيران من خلال القيام بالأمر نفسه لجميع القوات الأمريكية في الشرق الأوسط.

  • في أوائل مايو أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني أن إيران لم تعد تنفذ خطة العمل المشتركة الشاملة بالكامل.

  • في البداية لم تعد إيران تحترم حدود الاتفاقية الخاصة بإنتاجها من الماء الثقيل واليورانيوم منخفض التخصيب، وبناء مخزونها من الاثنين، وستستأنف إيران أيضا تخصيب اليورانيوم إلى مستويات أعلى، ما لم يتخذ الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين خطوات لاستئناف التجارة في غضون 60 يوما.




الأوروبيون ونفط إيران


  • خفضت الصين مشترياتها من النفط الإيراني إلى الصفر تقريبا، خشية إذكاء التوترات مع الولايات المتحدة.

  • أعلن الاتحاد الأوروبي في أواخر يونيو أن أنستكس كانت تعمل، وأن الآلية لا تزال لا تغطي صادرات النفط، ولم تكن هذه الخطوة كافية لإقناع إيران بالبقاء في حالة امتثال لـ JCPOA.

  • في الثاني من يوليو أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران خرقت حدود الاتفاق على مخزونها من اليورانيوم.

  • في 7 يوليو أعلنت إيران أنها تستأنف التخصيب إلى مستويات أعلى، فمن خلال توسيع برنامجها النووي تعتقد إيران أنها تستطيع الضغط على الأوروبيين لزيادة التجارة، وفي الوقت نفسه اكتساب نفوذ يمكن أن تستخدمه في أي مفاوضات مستقبلية.

  • قال ترمب إن إيران «تلعب بالنار» لكنها لم تهدد بالانتقام الفوري، بحسب إفادته من البيت الأبيض.

  • من جانبهم أدان الأوروبيون تحركات إيران، لكنهم تبنوا نهج الانتظار والترقب، غير راغبين في إعادة العقوبات على الفور.




المقاربات الأمريكية والأوروبية


  • ستحدد الإجراءات الإيرانية والأمريكية ما إذا كانت المقاربات الأمريكية والأوروبية تجاه إيران تتباعد أو تتحول ببطء.

  • كان رد فعل الأوروبيين بقلق إزاء ما يرونه من واشنطن إذكاء التوترات، وحذرا من التصعيد غير المقصود، وكانوا غير مستعدين لإعادة فرض العقوبات على الفور ردا على تحرك إيران لتوسيع التخصيب النووي.

  • ومع ذلك، إذا وسعت إيران أنشطتها النووية إلى أبعد من ذلك، وخصبت اليورانيوم إلى مستويات أعلى بكثير، فسيتم دفع الأوروبيين في نهاية المطاف نحو إعادة فرض العقوبات التي يرفعها حاليا JCPOA.

  • سوف تتحول الدول الأعضاء أكثر نحو الموقف الأمريكي إذا اتخذت إيران خطوات تزيد من حدة التوترات، على سبيل المثال من خلال الهجمات على السفن أو الأصول الأمريكية في المنطقة. بصرف النظر عن الدرجة التي توسع بها إيران برنامجها النووي، إذا رأت الدول الأعضاء أن الولايات المتحدة عدوانية فمن غير المرجح أن يدعم الكثيرون واشنطن، وسوف ينمو الانقسام عبر الأطلسي.


التدهور الإيراني

بين مايو 2018 ومايو 2019، ادعت إيران أنها في حالة امتثال للصفقة، على الرغم من انسحاب الولايات المتحدة، ومع ذلك:

4 % نسبة تقلص الناتج المحلي الإجمالي في 2018

6 % نسبة تقلص الناتج المحلي المتوقع في العام الحالي هذا العام

50 % حجم التضخم المتقع هذا العام

1.7 مليون برميل يوميا خسرتها طهران بعد أن أجبرت العقوبات الأمريكية مشتري النفط الإيراني على البحث عن موردين بديلين، وهبطت صادرات النفط من 2.8 مليون برميل يوميا في أبريل 2018، قبل إعلان ترمب عن نيته الانسحاب من JCPOA، إلى حوالي 1.1 مليون برميل يوميا في أبريل 2019.

تهديد وتصعيد عسكري


  • في أواخر مايو 2019، ثم في منتصف يونيو، اتهمت الولايات المتحدة إيران بتدبير أعمال تخريبية على منشآت النفط وناقلات النفط بالقرب من الخليج العربي، والذي يمر عبره حوالي ثلث النفط الخام في العالم.

  • في أواخر يونيو أسقطت إيران طائرة أمريكية بدون طيار زعمت أنها خرقت مجالها الجوي، وكانت الولايات المتحدة على وشك الانتقام بضربات جوية قبل أن يلغي ترمب العملية.

  • بالنسبة لإيران فإن التخريب ليس مجرد رد، ولكنه أيضا وسيلة لإظهار قدرتها على إغلاق مضيق هرمز أمام الشحن، مما يضغط على الولايات المتحدة للسماح لها بتصدير بعض النفط.

الأكثر قراءة