طلال الحربي

الداهنة من ذاكرة الوطن

الاحد - 14 يوليو 2019

Sun - 14 Jul 2019

منذ منتصف القرن الثالث عشر الهجري وهي موجودة كما تشير المصادر التاريخية، تتوسط محافظتي المجمعة وشقرا، تبعا لإمارة الرياض، وتبعد عن مدينة الرياض نحو 200 كلم، وكما يروى فإنه في عام 1331 هجرية نزلتها مجموعة من قبيلة عتيبة، وكان رئيسهم ذلك الوقت الشيخ عبدالرحمن بن ربيعان، ومعهم بعض القبائل، وتوالت الأحداث فيمن تولى الرئاسة بعده في عهد الملك المؤسس عبدالعزيز رحمه الله، وعندما باشر الملك عبدالعزيز توحيد المملكة هيأ الداهنة كموطن للاستقرار، وكان لواء الداهنة من ألوية الجهاد، ونواة لجيش التوحيد الذي انطلق إلى الحجاز بقيادة أميرهم عمر بن ربيعان عام 1337 وشيخهم ابن زاحم، حيث ذكر أبرز أمراء أهل الداهنة الأمير سلطان بن محمد بن حليس رحمه الله، وبعد وفاته ابنه الأمير صلال بن سلطان بن حليس رحمه الله، وبعده الأمير ذعار بن سلطان بن حليس، والآن يرأسها الشيخ سلطان بن ذعار بن حليس.

أمين الريحاني في كتابه (تاريخ نجد الحديث) ذكر أن عدد الألوية التي اتجهت للطائف خمسة عشر لواء، خمسة ألوية من القصيم، وعشرة ألوية من الهجر الأرطاوية - الغطغط - الداهنة وغيرها من الهجر، كما أن هذه البلدة انطلق منها جيش بقيادة عمر بن ربيعان واتجه بهم إلى روضة السبلة عام 1347 هـ لملاقاة ثوار الإخوان من البادية مع بقية جيوش الملك عبدالعزيز، وانتصر فيها الملك نصرا مؤزرا في هذه الموقعة (وقعة السبلة). ويسكن الداهنة الآن فخذ ذوي ثبيت من عتيبة وبعض من قحطان، ومعظم سكانها من الحمران من ذوي ثبيت. ومن أهم آثارها بيوت الإخوان، ولا زالت بعضها ماثلة المعالم، كما يوجد الجامع القديم الذي بني إثر انتقال مجموعة كبيرة من مختلف القبائل مع بداية مرحلة التوطين إلى الهجرة، وقد شهد هذا الجامع انطلاقة 2000 مقاتل بقيادة الشيخ عمر بن عبدالرحمن بن ربيعان، وذلك للمشاركة في السبلة عام 1347هـ، كما توجد بالداهنة صخرة راشد الخلاوي في وادي النظيم وتوجد على هذه الصخرة كتابات ونقوش تاريخية، كما توجد عين جارية على مدار السنة، وكذلك القويضة وهو ماء ينزل من أعلى الجبل إلى الأسفل بشكل دائم، ومن أهم المعالم في الداهنة: جبل طويق الذي يحد الداهنة من الشرق ووادي العيبة الذي يحدها من الجنوب، ووادي النظيم الذي يحدها من الشمال، وواديا القويطير والأديراب الشمالي وروضة أم العصافير غرب الداهنة، ويوجد في الداهنة نحو 300 مزرعة.

ومن أهم شعارها وشعرائها سابقا زبن بن عمير البراق ومحمد بن هزاع الديري وعبدالله بن رفضان الحميد، أما حاليا فهناك سويلم بن هندي العريدي وعبدالله بن عبدالرحمن الزيد وعبدالله بن ناصر الحميدي الحمراني الذي سطر أروع ما في شعر الغزل من:

ليت الزمن يرجع وأوقف ثوانيه

بوقت لقيتك فيه وأرضي غرورك

أقول أحبك والعمر لك لياليه

ما فات ليلة ما تدلي حضورك

وما قيل في الداهنة من شعر هناك قول أحد الشعراء الشعبيين:

ياهل العيرات مروا دار سيدي

بين وادي ثرمداء والكمكمية

عينها خرساء كما عين الفريدي

حاز بين الداهنة والعكرشية

الداهنة شاهد من شواهد التاريخ لقيام دولتنا دولة التوحيد، ولها على نقش تاريخ الوطن حروف كبيرة مضيئة، أسوة بكثير من مناطق المملكة، هنالك في الداهنة أحجار تروي تاريخا، وهنالك رياح حملت صرخات الرجال وفزعاتهم، وبين جنبات جبالها ووديانها يمكنك أن تسمع الآمال والأحلام وهي تنسج عن وطن يتمنونه رخاء وأمنا وسلاما لأولادهم من بعدهم.