إيناس المخلفي

الطوارئ ترفض علاج هالة!

السبت - 06 يوليو 2019

Sat - 06 Jul 2019

من الذي يحمله قلبه وإنسانيته على منع إسعاف طفل يبكي من شدة الألم! وأي قسوة يملكها لتجعله يخرج طفلا مصابا من المستشفى دون تلقيه أدنى الإسعافات الأولية، تعصبا لرأيه وتمسكا بـ» إجراءات بيروقراطية»، ضاربا بكل مشاعر الإنسانية والرحمة عرض الحائط، وأين؟ في مستشفى أنشأته الدولة وكلفها ملايين الريالات، لتوفير العلاج المجاني بأعلى المعايير للمواطنين، ولم تكن تعلم أن الطفلة هالة ستحرم من الإسعاف في طوارئ ذلك المستشفى!

القصة أن والدة الطفلة هالة أحضرت ابنتها للمستشفى العملاق بإمكاناته وكادره الطبي المميز في مدينة جدة، وهي تبكي بعد وقوعها، وطلب طبيب الفرز الإنسان بتعامله الراقي وابتسامته المطمئنة رغم الضغط الكبير في ذلك الوقت، تحويلها للأشعة بعد فتح الملف، ولكن الموظف، رفض دخولها مطالبا بإحضار إثبات الطفلة، قدمت له والدة هالة هويتها وصورة من هوية الأب وصورة من شهادة الميلاد وجواز السفر، لكنه رفضها جميعا، وأصر على إحضار كرت العائلة أو الخروج من المستشفى دون إسعاف، أخبرته والدتها أنهم في زيارة لمدينة جدة وأن إحضاره سيكلفها السفر، وبالتالي تأخر إسعاف هالة لأكثر من يوم، لكنه تمسك برأيه ورفض دخولها متجاهلا ألم هالة الشديد، رغم جميع الإثباتات السابقة التي تثبت أنها مواطنة وابنة مواطن!

لن أتطرق لقوانين حقوق الطفل الدولية التي نصت على وجوب تقديم العلاج لأي طفل، محددة عمر الطفل بما دون الـ 18، لكني سأكتفي بما نصت عليه قوانين مملكة الإنسانية من الالتزام بتقديم الرعاية الصحية الكاملة واللازمة، وكذلك العلاج الكامل مجانا لأي حالة، سواء كانت طارئة أو غير ذلك، لأي مواطن في أي عمر وأي ظرف، وليس فقط لمن هم دون الـ 18، في ميزانية بلغت أكثر من 75 مليار ريال عام 2018.

كل ذلك في سبيل توفير الرعاية الصحية الكاملة للمواطنين وليس لتمنع طفلة مصابة من العلاج في قسم الطوارئ! بسبب سوء تصرف موظف لم يحسن التعامل مع الموقف، ولم يملك المرونة العملية لإدارة الأزمات، معللا تصرفه بإجراءات بيروقراطية، تأخيرها لن يحدث كارثة، بل إصراره على رأيه غير الإنساني سيزيد من معاناة المصاب وألمه وتدهور حالته، وفي بعض الحالات الحرجة ربما أدى ذلك لوفاة الحالة لتأخر تلقيها الإسعاف المناسب.

لذا أتمنى أن يتم تجريم كل من يمنع علاج الأطفال وإسعافهم بغض النظر عن ظروفهم، مع ملاحظة أن تقديم أي وثيقة معتمدة من وزارة الداخلية كشهادة الميلاد أو جواز السفر أو حتى البرنت الصادر من وكالة الأحوال المدنية يعد إثباتا رسميا للشخص.

أضف إلى ذلك الظروف المادية، فليس كل شخص يستطيع دفع تكاليف العلاج، ولماذا يضطر المواطن لدفعها في حين أن الدولة تكفلت بها مجانا من أجله؟!

ومن هنا أطالب الجهات المعنية بالأمر بدراسة مقترح إصدار الهوية الوطنية لكل مواطن منذ لحظة ولادته، ليتم تعريف الطفل بها في أي مكان وتسهيل إجراءاته.

ختاما، على موقعها الالكتروني أكدت وزارة الصحة تمكين أي مصاب من تلقي العلاج المناسب لحالته، مع الالتزام بإحالته للعيادة المناسبة لإكمال علاجه، دون تعريضه لأي إهانة جسدية أو معنوية، فلماذا ناقض الموظف تعليمات وزارته ومنع إسعاف هالة في المستشفى الحكومي؟! وكيف سيكون حالها لو كان المستشفى خاصا؟

الإنسانية والرحمة لا تتطلبان شيئا من الإمكانات، بل تحتاجان فقط لقلب إنسان وعقل حكيم.