كيف أنقذت الصين وروسيا إيران من الموت؟

السبت - 06 يوليو 2019

Sat - 06 Jul 2019

يرى مراقبون أن تدخل الصين وروسيا، ومساندتهما لإيران في مواجهة العقوبات، أنقذ البلد الداعم للإرهاب من الموت إكلينيكيا بسبب العزلة المفروضة عليه من العالم.

ويشعر الكثير من الأمريكان بأن حملة الرئيس دونالد ترمب بالضغط على إيران وفرض العقوبات القاسية لم تحقق أهدافها الأساسية حتى الآن، وتتجه الأنظار إلى الصين وروسيا اللتين تعملان دائما على ملء الفراغ الذي تتركه أمريكا، بل وتستفيدان بشكل كبير من الفرص التجارية الناشئة مهما كلفهما ذلك من ثمن.

لم يتوقف الدعم الصيني والروسي لإيران على مدار الشهور الماضية لأسباب بعضها معلن والآخر سري، وساهمت مساندتهما المكثفة لنظام الملالي الإرهابي في صموده بعض الوقت في وجه العقوبات الأمريكية التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترمب، والتي استهدفت قطاعات الطاقة والشحن والتأمين والمصارف الإيرانية، وزادت حدتها في الفترة الماضية بعد وصول صادرات النفط الإيراني إلى الصفر.

العقوبات وخفض الميزانية

يكابر من يتصور أن العقوبات الأمريكية لم تؤت ثمارها، فقد أدت إلى تفاقم الضغوط الاقتصادية التي تواجه القيادة الإيرانية، وساهمت في خفض ميزانية إيران، حيث أعلن الرئيس حسن روحاني أن ميزانيته المقترحة للعام الحالي 47.5 مليار دولار، بسبب تأثير العقوبات وانخفاض قيمة العملة الإيرانية، وهي أقل من نصف ميزانية العام السابق.

ضاعت الفوائد التي كانت من خطة العمل المشتركة (JCPOA)، وزاد الاغتراب السياسي، واستمرت الاحتجاجات حركة ضد النظام الإيراني، نتيجة سوء إدارته للبلاد، والمشاكل العديدة التي وضع نفسه فيها، وحرمت العقوبات إيران من تعزيز نفوذها السياسي والعسكري الإقليمي.

سابقة بكين التاريخية

هناك سابقة تاريخية شهيرة، لوقوف الصين المتكرر بجوار إيران في مواجهة العواصف الدولية التي تعود إلى الثورة الإيرانية عام 1979، فقد كانت بكين من الدول القليلة التي قامت بتزويد إيران بالأسلحة والمعدات العسكرية خلال الحرب العراقية الإيرانية، رغم أنها كانت أيضا موردا غير مباشر كبير للمعدات العسكرية للعراق.

وبرزت الصين في وقت لاحق كلاعب حيوي في جهود إعادة الإعمار بعد الحرب، وظلت تعمل في تطوير البنية التحتية الإيرانية، مع وجود بصمة كبيرة في بناء السدود والمصانع والمطارات والطرق، ونظام مترو طهران.

وتعد إيران حاليا محور مبادرة «حزام واحد وطريق واحد» في بكين، التي تهدف إلى استثمار أكثر من تريليون دولار في البنية التحتية، والتي تربط أكثر من 60 دولة في أوروبا وآسيا وأفريقيا، وذلك بحسب تقرير من الاستخبارات الأمريكية.

الصين تملأ الفراغ

وفرت الصين شريان حياة حيويا لقطاع الطاقة الإيراني، مما ساعدها في إحباط نظام العقوبات الدولي الذي وصل إلى ذروته خلال إدارتي بوش وأوباما، مع فرض العقوبات على الاستثمارات الأمريكية والأوروبية في قطاع الطاقة الإيراني.

كانت الصين أكثر من راغبة في ملء الفراغ، حيث حصلت شركات النفط العملاقة التي تسيطر عليها الدولة، سينوبك والشركة الصينية الوطنية للبترول (CNPC) على حصص ضخمة في تطوير النفط الإيراني وحقول الغاز.

واستفاد الجانبان بشكل كبير من ترتيباتهما؛ وحصلت الصين التي تعتمد على الطاقة على مصدر للنفط وتمكنت من تعزيز خصوم الولايات المتحدة، في حين اكتسبت إيران راعيا استثمر بكثافة في قطاع الطاقة لديها، وفي الوقت نفسه قلصت بشدة من فعالية نظام العقوبات الأمريكي.

دلائل مساندة الصين لإيران

- في يوليو 2017، أنهت شركة توتال الفرنسية اتفاقا للحصول على حصة 50.1% في تطوير المرحلة 11 من حقل جنوب بارس للغاز بقيمة 5 مليارات دولار. قررت شركة «توتال» إخلاء المشروع في أغسطس 2018 بعد عودة الدفعة الأولى من العقوبات إلى حيز التنفيذ على الرغم من إغراقها 45.7 مليون دولار في المشروع.

- في نوفمبر 2018، أعلن وزير النفط الإيراني أن CNPC، والتي تملك بالفعل حصة 30% في المشروع، ستحصل على حصة توتال بعد شهر، علقت CNPC استثماراتها في مواجهة ضغوط الولايات المتحدة حتى لا تعرض المفاوضات التجارية الصينية - الأمريكية للخطر، ومع ذلك، تخطط شركة النفط الوطنية الصينية (CNPC) لمواصلة الاستثمار في حقول نفط شمال أزاديجان.

ـ تجري شركة سينوبك الصينية محادثات مع شركة النفط الإيرانية الوطنية المملوكة للدولة (NIOC) لاستثمار 3 مليارات دولار إضافية، بالإضافة إلى استثماراتها الحالية البالغة 2 مليار دولار في حقل نفط يادافاران لزيادة الطاقة الإنتاجية بمقدار 180،000 برميل يوميا.

ـ إضافة إلى الاستثمار في قطاع الطاقة الإيراني، تعد الصين بمثابة شريان حياة حاسم لطهران من خلال الحفاظ على واردات النفط الثابتة حتى في فترة الانسحاب بعد JCPOA.

ـ من أجل حماية تجارة النفط الإيرانية من العقوبات، تحولت الصين إلى استخدام ناقلات النفط الإيرانية المملوكة لشركة ناقلات النفط الوطنية الإيرانية (NITC) حصريا لنقل وارداتها الخام البالغة 1.5 مليار دولار شهريا.

ـ مع توقف شركات التأمين الأوروبية عن تغطية الشحنات الإيرانية، أصبح من واجب إيران الآن توفير التأمين لشحناتها، ووفقا لتقرير صادر عن المجلس الأطلسي، فإن CNPC لديها بنكها الخاص، بنك كونلون، الذي لديه تعرض محدود للنظام المالي العالمي. فلدى البنك المركزي الإيراني حسابات في بنك كونلون، حيث قام المشترون الصينيون للنفط الإيراني بإيداع مليارات الدولارات من قبل، قبل وجود JCPOA. «ومع ذلك، ذكرت رويترز في ديسمبر 2018 أن بنك كونلون يسعى لوقف المعاملات الإيرانية بسبب المخاوف من التعرض للعقوبات، وذلك بحسب صحيفة نيو يورك تايمز.

موسكو تبني مفاعل طهران

بدأت علاقة روسيا مع إيران في أواخر التسعينيات بمساعدة الكرملين لإيران في تطوير البنية التحتية للموانئ والسكك الحديدية، ومع تزايد المخاوف الدولية بشأن البرنامج النووي غير المشروع لطهران والعقوبات المبكرة سارية المفعول، أصبحت روسيا المورد الوحيد للقطاع النووي الإيراني، حيث اضطلعت بدور قيادي في بناء مفاعل بوشهر النووي.

تبدو روسيا أقل قلقا من الصين بشأن التعرض للعقوبات الأمريكية في تعاملها مع إيران، حيث إن العديد من الكيانات الروسية الرئيسية تخضع بالفعل للعقوبات الأمريكية، وبعد انسحاب JCPOA من الولايات المتحدة، أشار محلل أعمال روسي إلى شركة News Today (RT) التي تمولها الدولة قائلا «ستواصل الشركات الروسية ممارسة الأعمال التجارية في إيران كما لو لم يحدث شيء على الإطلاق - في مجال النفط والغاز والطاقة النووية، لديهم هذه الميزة على الأوروبيين، الذين، مثل توتال أو ايرباص، لديهم شركات كبرى في الولايات المتحدة ومدرجة في البورصات الأمريكية».. وذلك بحسب مجلة فورن بوليسي.

50 مليارا استثمارات روسية

في يوليو من عام 2018، تباهى المسؤول الإيراني علي أكبر ولايتي، وهو مستشار رئيسي للزعيم الأعلى علي خامنئي، بأن روسيا مستعدة «لاستثمار 50 مليار دولار في قطاعي النفط والغاز الإيراني»، دعم مسؤول روسي مجهول تأكيد «فيلايتي» لصحيفة «فاينانشال تايمز». ووفقا لكلامه، دخلت Rosneft و Gazprom في مفاوضات مع طهران بشأن محادثات عقود يتوقع أن يبلغ مجموعها حوالي 10 مليارات دولار.

وذكرت بلومبيرج أن شركة Zarubezhneft المملوكة للدولة وافقت على شروط بشأن مشروع مشترك لزيادة الإنتاج في موقعين في حقل براون بقيمة 4 مليارات دولار، كما تعهدت روسيا بشراء ما لا يقل عن 100.000 برميل يوميا من الخام الإيراني، الذي تخطط لدفع ثمنه عن طريق مقايضة الآلات والمواد الغذائية.

واستثمرت روسيا في أنظمة الدفاع الصاروخي الإيراني، ووفقا لمدير وكالة الاستخبارات الدفاعية الأمريكية، الفريق روبرت آشلي، وفرت روسيا لإيران: «مرونة من سطح استراتيجي شديد الحركة، بعيد المدى، استراتيجي» صاروخ جو» وذلك بحسب صحيفة ول ستريت جورنال.

الاستفادة من عزلة إيران

استفادت الصين وروسيا من عزلة إيران قبل خطة العمل المشتركة لتأسيس المصالح التجارية الراسخة داخل إيران، ويسعى كلا البلدين إلى تعزيز نفوذه واقتحام الشرق الأوسط، مما يفتح الباب أمام توسيع العلاقات مع إيران.

وسعت طهران في فترة ما بعد JCPOA لجذب الاستثمارات الغربية من لاعبين مثل Royal Dutch Shell و Total، ولكن مع خروج هؤلاء اللاعبين في مواجهة العقوبات المشددة، أصبحت شركات الطاقة الروسية والصينية مؤهلة الآن لتولي مشاريع مخططة خالية من منافسة.

وبحسب بلومبيرج ورويترز، كثفت الصين وروسيا تعاونهما الاقتصادي والسياسي وشكلتا جبهة موحدة تعبر عن عدم الرضا عن العقوبات الأمريكية، وانتقد القادة الروس والصينيون الإجراءات الأمريكية ووصفاها بـ»الأحادية» باعتبارها محاولة لاكتساب ميزة في النظام التجاري العالمي الذي تبنيه الولايات المتحدة.

وباتت العقوبات المفروضة على إيران مصدر إزعاج آخر دفع الصين وروسيا إلى العمل بشكل تعاوني لمقاومة الضغوط الأمريكية، وتجلى هذا التعاون في الأمم المتحدة أيضا، مما دفع الصين وروسيا إلى استخدام مواقفهما الدائمة في مجلس الأمن الدولي لمنع العقوبات الجزائية.

حلول بديلة للدولار

في أعقاب الانسحاب الأمريكي من خطة العمل المشتركة الشاملة، شرع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في جولة دبلوماسية للتخفيف من تأثير إعادة فرض العقوبات القادمة، وكانت أول محطتين هما بكين وموسكو.

وسعت الصين وروسيا إلى توسيع تجارتها واستثمارها مع إيران وتقييم جدوى الاستحواذ على الصفقات الأوروبية الصريحة التي انهارت، وأعاد فرض العقوبات فرصة لكلا البلدين، إلا أنها أدت إلى تعقيد الأمور أيضا.

خلقت الصين وروسيا حلولا بديلة مثل آليات إجراء المعاملات بعملات محلية غير الدولار، وفي سبتمبر 2018، أوضح ظريف خطة إيران لتجنب استخدام الدولار الأمريكي، وقال «يمكنك استخدام عملتك الخاصة، وبيع الأشياء بعملتك الخاصة، وشراء الأشياء بعملة البلد الآخر»، وفي نهاية فترة محددة، قم بموازنة العملة بعملة غير الدولار، إنه أمر ممكن تماما وربما يكون مربحا، «نتيجة لهذه التعقيدات، تم تأجيل بعض الصفقات التي أعلنت عن ضجة كبيرة بشكل موقت، بحسب موقع راديو أوربا الحرة.

الصين وروسيا.. لماذا؟

  • ينظر للصين وروسيا على أنهما العقبة الرئيسية أمام فرض »أقصى ضغط« على النظام الإيراني

  • البلدان لا يهتمان بالمخاوف المتعلقة بالسلوك الإيراني المحلي والإقليمي غير المشروع

  • يعدان انهيار الصفقات الأوروبية في إيران فرصا متاحة لتعزيز اقتصاداتها

  • يعملان على إحباط هدف أمريكا المتمثل في عزل إيران سياسيا واقتصاديا


كيف تحقق أمريكا أهدافها؟


  1. قطع شرايين الصين وروسيا

  2. تصفير صادرات النفط


ينبغي أن تسعى إدارة ترمب إلى التأكد من أن التعاملات التجارية الصينية والروسية مع إيران مرهقة قدر الإمكان، وأن بكين وموسكو غير قادرين على ممارسة هذه التجارة من خلال القنوات الشرعية وبالدولار أو اليورو.

ويتعين على الكيانات الصينية أو الروسية التي تحاول تجنب العقوبات عن طريق الاعتماد على البنوك المحلية الصغيرة لتسهيل المعاملات الخاضعة للعقوبات، مواجهة الإجراءات العقابية وفقدان الوصول إلى السوق الأمريكية، كما هو الحال مع الشركات الأوروبية التي قد تشارك في نشاط يخضع للعقوبة مع انستكس، فإن الكيانات الصينية أو الروسية التي تسعى إلى إيجاد حلول للتعامل مع إيران يجب أن تواجه العبء الكامل لإنفاذ العقوبات الأمريكية.

  • بكين وموسكو تستخدمان موقعيهما في مجلس الأمن لتخفيف العقوبات الجزائية

  • خبراء يطالبون بقطع شرايين جميع التعاملات التجارية مع طهران

  • يقظة أمريكية لمخططات إيرانية بتصدير النفط عبر سفن مخادعة

الأكثر قراءة