عبدالله المزهر

سنكون يوما ما نريد..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاحد - 30 يونيو 2019

Sun - 30 Jun 2019

الجميل في قمة العشرين التي عقدت في اليابان نهاية الأسبوع الماضي، أن حديث وتعليقات السعوديين كانت في أغلبها تدور حول الصور واللقاءات والكلمات وما بين ذلك وما حوله من أمور حدثت في تلك القمة. في الماضي القريب كانت فكرة المشاركة في حد ذاتها تعد هي محور الاهتمام وتعد دون أي رتوش شيئا عظيما، ووجود المملكة بين الاقتصادات العشرين الأقوى في العالم يعد الحدث الأبرز بغض النظر عن قوة التواجد والحضور.

بعض «المحبين» من الأشقاء والأصدقاء يقولون إن وجود السعودية في هذا الملتقى ليس له سبب سوى أنها تبيع الكثير من النفط، وهذا نصف الحقيقة، ونصف الحقيقة ـ كما تعلمون ـ هو أكثر أنواع الكذب خبثا. فالذي يخبرك بنصف الحقيقة لا يكذب عليك بشكل مباشر، ولكنه يمرر إخفاء النصف الآخر.

هؤلاء «المحبون» ليسوا في حاجة لأن تخبرهم بأن السعودية ليست الوحيدة التي تبيع الكثير من النفط، هم يعلمون ذلك جيدا ويعونه ويفهمونه. جارتنا الشقيقة إيران ـ على سبيل المثال ـ وهي مهوى أفئدة «محبي» السعودية، والتي يرون فيها قبلة العدالة والإنجاز والقوة، لديها أضعاف ما لدى السعودية من الإمكانات الطبيعية، النفط والطبيعة والزراعة والثروات المعدنية والأيدي العاملة والموقع الجغرافي. لكنها من أضعف اقتصادات العالم والكواكب المجاورة، وتنفق ما يأتيها في تخريب محيطها. وتصنع السلاح وتوزعه مجانا على من يريد أن يخرب بيته بيده في أي مكان في العالم. والهجرة من الجنة الإيرانية حلم كثير من الإيرانيين. لو تيسرت لهم السبل لوجدت نصف الشعب الإيراني يهاجرون إلى الشيطان الأكبر شخصيا ويعيشون في كنفه وتحت رعايته.

فكرة العيش بسلام وترك الآخرين يفعلون ذلك أيضا ليست من أدبيات السلطة الحاكمة في إيران، ويصبح الأمر كارثيا حين يرتقي التخريب إلى أن يصبح عقيدة.

ومن باب الاستطراد أقول إن الثغرة التي ولج منها النظام الإيراني وكل محبي الفوضى في العالم من جماعات وتنظيمات هي أن الإنسان في أي مكان لا يحلم بأكثر من أن يجد عيشا كريما وكرامة محفوظة، وما عدا ذلك فهي تفصيلات تزيد وتنقص يمكن قبولها أو رفضها. ومهمة الدولة في أي مكان في العالم هي توفير هذين الأمرين لمواطنيها، وحين تفشل في ذلك فإنها تفتح الباب على مصراعيه لكل من يريد أن يستغل حاجة الإنسان «للحياة»، كل الثورات التي قامت منذ فجر التاريخ كان انعدام هذين الأمرين هو محركها الرئيسي وموقد فتيلها.

وعلى أي حال..

خلاصة ما أود قوله إن السعودية وطن جميل، والنوايا الطيبة تسير في الاتجاهين بين الدولة والناس، في قارب واحد يريدون قمة العالم معا، السعوديون يحلمون بالأفضل، ويمتعضون من التقصير والأخطاء والنقص لأنهم يسعون إلى «الكمال»، فيما غيرهم ممن توفرت لهم نفس ظروفهم وإمكاناتهم يستثمرون كل طاقاتهم وإمكاناتهم في السعي إلى تصدير «النقص» إلى العالمين.

agrni@