الفتوى النووية!
السبت - 29 يونيو 2019
Sat - 29 Jun 2019
الإيرانيون في معرض دفاعهم عن سلمية برنامجهم النووي، يؤكدون أن حيازة الأسلحة النووية محرمة في عقيدتهم، وأن المرشد الأعلى وفتواه الشهيرة هي القول الفصل الذي من خلاله يتم التعاطي مع أسلحة الدمار الشامل كشيء محرم نجس ورجس من عمل الشيطان ينبغي تجنبه.
ليس هذا بجديد على الملالي وطريقة تعاطيهم مع الحياة إجمالا، فصلاحيات المرشد العام لا حدود لها، فهو القائد العام للقوات المسلحة وهو الآمر الناهي الذي به تبدأ الأمور وإليه تؤول.
كانت هذه الفتوى عام 2003، والعجيب أنها أعلنت بعدها في أحد اجتماعات الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، وهذا يعني حسبما تقتضيه الفتوى أن إيران أصبحت دولة سلمية لا تستخدم الأسلحة المحرمة في قتل الأبرياء!
بعدها بدأت أمريكا والدول الأخرى تناقش برنامج إيران النووي، مناقشة أوصلت الجميع إلى ما يعرف بالاتفاق النوري الإيراني عام 2015، والذي بموجبه رُفعت العقوبات عن إيران، وهذا ما جعلها تمارس إصدارا جديدا من التنمر والتنكر للمنطقة وأهلها.
إن سلطات المرشد الأعلى في إيران ترتكز وترتبط بمبدأ الولاية، وهو مبدأ أصيل في الفكر الشيعي عند العوام والنخب، وهذا المبدأ مرتبط بغيبة الإمام محمد المهدي، ومبدأ عودته في زمن قادم كثير من علماء الشيعة يبشر به ويعلن اقترابه!
جاء الخميني في ثورته المعروفة عام 1979، فأصل مبدأ ولاية الفقيه وجعلها مادة في الدستور الإيراني، وهي سلطة شمولية تدير الحياة في كل أشكالها المتعددة والمتغيرة.
هذه الولاية أو السلطة هي من قبل بها العوام أولا وتم تسويقها لهم تحت شعارات العدالة والعهد الجديد، وتسويغها للنخب عبر مؤلفات وإصدارات وتنظيرات رسخت هذا المفهوم وجعلته الإطار العام الذي تشكلت به إيران ليعاد تعريفها في الداخل والخارج، وهنا تنتفي الغرابة والدهشة عندما يتدخل ويتداخل الولي الفقيه في شأن عسكري خالص، ومن خلال فتوى راسخة في الثبوت لتؤكد أن السلاح النووي حرام إنتاجه وبيعه، حتى النية في اقتنائه من أي مصدر وتحت أي ذريعة!
في المقابل لم نسمع للولي الفقيه ولا لأذرعه داخل إيران وخارجها أي إنكار أو شجب لقتل المستأمنين المسالمين في سوريا أو لبنان واليمن، بل إن سياسة القتل الممنهج الذي تمارسه إيران في هذه الدول يحظى بقبول واسع عند المرجعية الإمامية في إيران، وهذا تناقض عجيب، فالسلاح النووي أداة قتل والبندقية كآلة بدائية في حروب هذا العصر أيضا أداة للقتل، ولكن يبدو أن الحرمة تختلف بين السلاحين، ويبدو أكثر أن العلة في تحريم قتل الأبرياء بالقنبلة النووية يختلف عن قتلهم بأي أداة أخرى، تعددت وسائل القتل وثبتت الفتوى لصالح السلاح النووي!
وماذا بعد؟
مزق ترمب اتفاق سلفه أوباما مع إيران واعتمد سلاسل من العقوبات الاقتصادية وصلت إلى المرشد العام ذاته، هذه العقوبات وما سبقها من تصنيف للحرس الثوري كمنظمة إرهابية غيرت المشهد تماما، فبعد أن كانت إيران ترى في الاتفاق النووي نصرا للفتوى قبل دبلوماسيتها، ها هي اليوم تعيش تحت وطأة جزاءات رادعة لا مثيل لها، جزاءات لن تزيد من عزلة إيران سياسيا فحسب، بل ستزيد من توتر الوضع الداخلي وتأزيمه، فمؤشرات التضخم عالية، والشعب عندما يجوع لن ينتظر فتوى من مرشده العام ليصبر ويحتسب.
أكثر من 15 عاما مرت على إصدار تلك الفتوى التي كانت توضع في شنطة ظريف عند أي جولة مباحثات تخص السلاح النووي الإيراني، واليوم إيران روحاني (الولي السياسي) تهدد بالانسحاب من الاتفاق النووي إذا استمرت العقوبات المفروضة عليها، وستعيد النظر في تخصيب اليورانيوم والنسب التي تم الاتفاق عليها، كل هذا الحراك السياسي والمتعلق بالسلاح النووي تجاوز فيه روحاني السياسي شيخه المرشد العام، فهل يعني هذا أن فتوى 2003 قد انتهت صلاحيتها؟ أم إن المرشد العام قد أفتى بجواز امتلاك السلاح النووي؟ وفي كلا الحالتين يجوز للمرشد العام ما لا يجوز لغيره!
@alaseery
ليس هذا بجديد على الملالي وطريقة تعاطيهم مع الحياة إجمالا، فصلاحيات المرشد العام لا حدود لها، فهو القائد العام للقوات المسلحة وهو الآمر الناهي الذي به تبدأ الأمور وإليه تؤول.
كانت هذه الفتوى عام 2003، والعجيب أنها أعلنت بعدها في أحد اجتماعات الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، وهذا يعني حسبما تقتضيه الفتوى أن إيران أصبحت دولة سلمية لا تستخدم الأسلحة المحرمة في قتل الأبرياء!
بعدها بدأت أمريكا والدول الأخرى تناقش برنامج إيران النووي، مناقشة أوصلت الجميع إلى ما يعرف بالاتفاق النوري الإيراني عام 2015، والذي بموجبه رُفعت العقوبات عن إيران، وهذا ما جعلها تمارس إصدارا جديدا من التنمر والتنكر للمنطقة وأهلها.
إن سلطات المرشد الأعلى في إيران ترتكز وترتبط بمبدأ الولاية، وهو مبدأ أصيل في الفكر الشيعي عند العوام والنخب، وهذا المبدأ مرتبط بغيبة الإمام محمد المهدي، ومبدأ عودته في زمن قادم كثير من علماء الشيعة يبشر به ويعلن اقترابه!
جاء الخميني في ثورته المعروفة عام 1979، فأصل مبدأ ولاية الفقيه وجعلها مادة في الدستور الإيراني، وهي سلطة شمولية تدير الحياة في كل أشكالها المتعددة والمتغيرة.
هذه الولاية أو السلطة هي من قبل بها العوام أولا وتم تسويقها لهم تحت شعارات العدالة والعهد الجديد، وتسويغها للنخب عبر مؤلفات وإصدارات وتنظيرات رسخت هذا المفهوم وجعلته الإطار العام الذي تشكلت به إيران ليعاد تعريفها في الداخل والخارج، وهنا تنتفي الغرابة والدهشة عندما يتدخل ويتداخل الولي الفقيه في شأن عسكري خالص، ومن خلال فتوى راسخة في الثبوت لتؤكد أن السلاح النووي حرام إنتاجه وبيعه، حتى النية في اقتنائه من أي مصدر وتحت أي ذريعة!
في المقابل لم نسمع للولي الفقيه ولا لأذرعه داخل إيران وخارجها أي إنكار أو شجب لقتل المستأمنين المسالمين في سوريا أو لبنان واليمن، بل إن سياسة القتل الممنهج الذي تمارسه إيران في هذه الدول يحظى بقبول واسع عند المرجعية الإمامية في إيران، وهذا تناقض عجيب، فالسلاح النووي أداة قتل والبندقية كآلة بدائية في حروب هذا العصر أيضا أداة للقتل، ولكن يبدو أن الحرمة تختلف بين السلاحين، ويبدو أكثر أن العلة في تحريم قتل الأبرياء بالقنبلة النووية يختلف عن قتلهم بأي أداة أخرى، تعددت وسائل القتل وثبتت الفتوى لصالح السلاح النووي!
وماذا بعد؟
مزق ترمب اتفاق سلفه أوباما مع إيران واعتمد سلاسل من العقوبات الاقتصادية وصلت إلى المرشد العام ذاته، هذه العقوبات وما سبقها من تصنيف للحرس الثوري كمنظمة إرهابية غيرت المشهد تماما، فبعد أن كانت إيران ترى في الاتفاق النووي نصرا للفتوى قبل دبلوماسيتها، ها هي اليوم تعيش تحت وطأة جزاءات رادعة لا مثيل لها، جزاءات لن تزيد من عزلة إيران سياسيا فحسب، بل ستزيد من توتر الوضع الداخلي وتأزيمه، فمؤشرات التضخم عالية، والشعب عندما يجوع لن ينتظر فتوى من مرشده العام ليصبر ويحتسب.
أكثر من 15 عاما مرت على إصدار تلك الفتوى التي كانت توضع في شنطة ظريف عند أي جولة مباحثات تخص السلاح النووي الإيراني، واليوم إيران روحاني (الولي السياسي) تهدد بالانسحاب من الاتفاق النووي إذا استمرت العقوبات المفروضة عليها، وستعيد النظر في تخصيب اليورانيوم والنسب التي تم الاتفاق عليها، كل هذا الحراك السياسي والمتعلق بالسلاح النووي تجاوز فيه روحاني السياسي شيخه المرشد العام، فهل يعني هذا أن فتوى 2003 قد انتهت صلاحيتها؟ أم إن المرشد العام قد أفتى بجواز امتلاك السلاح النووي؟ وفي كلا الحالتين يجوز للمرشد العام ما لا يجوز لغيره!
@alaseery