د. كيف

الدال: هو الرمز الأكاديمي لـ «دكتور».

كيف: ليس هنا اسم استفهام مبنيا على الفتح! إنما هو ما يعرف بـ «المزاج»، في التعبير المعاصر. ومن هنا سألتني إحدى الطالبات، ونفسي من قبل: هل يصح إطلاق لقب (د. كيف) على نشاط صناعة الشاي والمشروبات الساخنة والباردة؟ فأجبتها بنعم، وذلك كأن جودة تحضير الشاي بلغت منزلة من الذائقة الرائعة التي لا توازيها منزلة، إلا من حصل من العلوم ما حصل حتى أصبح يلقب (دكتور)، مع الفارق في القياس، ثم تبين لي بعد حين أن هذا اللقب (الافتراضي) لم يك مقصورا على تحضير الشاي فحسب، بل تمدد وتمطط ليشمل نشاطات أخرى، مثل دكتور كبدة، ودكتور كبسة، و»طبيب الكمبيوتر»، و»طبيب الزجاج، لعلاج الزجاج المكسور»، بل رأيت في إحدى الدول ورشة سيارات باسم «مستشفى السيارات لعلاج السيارات»، وصيدلية السيارات، والمراد بيّن ظاهر، وذلك على سبيل الاستعارة، ومثله ما سمعته من

مندوب مبيعات يخاطب صاحب المحل بقوله: كيف حال صحة معاليك؟ والمعنى واضح جلي.

وسألتني نفسي كذلك عن لقب «شيخ»، هل يمكن إسقاطه على غير ما استخدم من أجله؟ فقلت نعم: أين أنتِ من لقب شيخ المندي، وشيخ المحشي، وشيخ المطباخ؟

انتهت الأسئلة والأجوبة، بعدما ضحكت مني وضحكت منها، أي نفسي، ثم إني وجدت أن المكتبة التراثية فرع تاريخ حياة الأعلام، قد حفظت لنا شيئا من التسميات التي أطلقت على أصحابها مجازا، فقد أحصى الشيخ عبدالفتاح أبو غدة 26 عالما في الحديث لقبوا بلقب «أمير المؤمنين في الحديث»، أولهم أبوالزناد عبدالله بن ذكوان المدني التابعي، وآخرهم محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني، صاحب كتاب (سبل السلام).

ومن تلك المسميات مسمى «شيخ الإسلام»، وهو لقب يطلق على كل علامة متبحر في العلوم الشرعية الإسلامية، وله دراية وريادة بين علماء الإسلام.

واللقب واحد من ثلاثة، إذ العلم ينقسم إلى: اسم وكنية ولقب.

فالكنية مركب إضافي صدّر بـ (أب) كـ: أبي بكر، وأبي عبد الله، أو(أم) كأم كلثوم، وأم عمرو، وإنما كانوا يعدلون عن الاسم واللقب إلى الكنية قصدا إلى تعظيم المكني وإجلاله؛ لأن بعض النفوس تأنف أن تذكر باسمها أو لقبها، لذا قال الشاعر:

أكنيه حين أناديه لأكرمه

ولا ألقبه والسوءة اللقب

إلا أن بعض الألقاب قد تقلب المعادلة، وتحول الخسائر إلى أرباح، أقصد: بني أنف الناقة.

ترى من يستطيع أن يأتي بلقب كان مذموما فأصبح محمودا؟! على حد قول المبرد:

لا تكرهن لقبا شهرت به

فلرب محظوظ من اللقب