محمد القحطاني

نيوم

الثلاثاء - 25 يونيو 2019

Tue - 25 Jun 2019

أكرم الله تعالى الإنسان ابتداء بأن خلقه وأوجده من العدم في أحسن صوره وعلى أجمل هيئة، قال تعالى «لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم»، كما رفع الله تعالى منزلة البشر عن حدود الأكل والشرب والتناسل التي يشترك فيها مع البهائم والحيوانات بأن منحهم العقل، وبأن جعله مناط التكليف، حيث ذكر العقل في القرآن الكريم في 49 موضعا، والفكر في 18 موضعا والتذكر في أكثر من 200 موضع، والتدبر في 4 مواضع، كما كانت أولى آيات القرآن الكريم نزولا على الرسول صلى الله عليه وسلم قوله تعالى «اقرأ باسم ربك الذي خلق».

نبغ كثير من العلماء العرب والمسلمين في عصر الحضارة الإسلامية عندما أعمل العقل وأمعن التفكير في عظيم خلق الله وبديع صنعه وعندما بنيت الدور العلمية وأنشئت المكتبات العامة وقدر أهل العلم والفكر والأدب، ثم أتى عصر النهضة الأوربية الذي اتسم بوضع النظريات العلمية الأساسية ثم توالت العصور حتى عصرنا الحالي الذي نشهد فيه ثورة علمية وتقنية هائلة.

بحسب بيانات معهد اليونيسكو للإحصاء في عام 2015 تصدرت الولايات المتحدة دول العالم من حيث حجم الإنفاق على البحث العلمي بنحو 476.5 مليار دولار، وتليها على التوالي الصين 370.6 مليار دولار، فاليابان 170.5 مليار دولار، وألمانيا 109.8 مليار دولار، وكوريا الجنوبية 73.2 مليار دولار، وفرنسا 60.8 مليار دولار، والهند 48.1 مليار دولار! وتليها المملكة المتحدة 44.2 مليار دولار، والبرازيل 42.1 مليار دولار! وتليها روسيا 39.8 مليار دولار، وتأتي إيطاليا وكندا وأستراليا وإسبانيا وهولندا بعد ذلك بحصص متقاربة، بينما أنفقت البقية الباقية من كل دول العالم مجتمعة 240.9 مليار دولار.

للفرار من تلك البقية الباقية في ذيل القائمة والمسارعة نحو القمة والريادة العالمية نحتاج إلى كثير من الأفكار العظيمة التي تستشرف المستقبل وتتحقق بها الريادة، والتي في معظم الأوقات لا يؤمن بها إلا قليل ممن يعون أهميتها ويدركون حجم تأثيرها وعظيم نفعها قال تعالى «وما آمن معه إلا قليل»، بينما غرق كثير ممن أنكروا وحدانية الله تعالى من قوم نوح عليه السلام.

نيوم ولد قويا، حيث يستمد ذلك من تطلع وطموح عرابه الأول رئيس مجلسه الاستشاري الأمير محمد بن سلمان ولي العهد حفظه الله، ومن استقرار المملكة السياسي والأمني والاقتصادي وبتوفر مصادر الطاقة المختلفة على أراضيها وبتميز ونبوغ أبنائها وبناتها، ستتحول المملكة العربية السعودية إلى أنموذج عالمي رائد في مختلف جوانب الحياة.

نيوم ولد فريدا، حيث دمجت الحروف (NEO) التي تعني بالإغريقية كلمة «جديد» مع حرف (M)، ويشير إلى كلمة «مستقبل» لكي يصبح (NEOM / نيوم) اسما سعوديا جديدا ويعني «المستقبل الجديد»، قد يكون نيوم الأخ الأصغر لابني فهد في يوم من الأيام.

نيوم ولد ناضجا، حيث تكون في رحم رؤية المملكة 2030 ليركز على مستقبل تسع قطاعات استثمارية وتشمل الطاقة والمياه، التنقل، التقنيات الحيوية، الغذاء، العلوم التقنية والرقمية، التصنيع المتطور، الإعلام والإنتاج الإعلامي، الترفيه، المعيشة.

نيوم ولد عظيما لاحتضانه العلماء والمفكرين، المخترعين والمبدعين، الأدباء والفلاسفة، والذين خصهم المولى عز وجل بالحديث دون غيرهم بأولي الألباب في 16 موضعا، وبأولي النهى في موضعين آخرين من القرآن الكريم، كما قال تعالى «إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور».

نيوم ولد ثريا، حيث خصص له مبلغ 500 مليار دولار من قبل صندوق الاستثمارات العامة والمستثمرين المحليين والعالميين، ومن المتوقع أن تبلغ مساهمته بالناتج المحلي السعودي في2030، بنحو 100 مليار دولار.

نيوم ولد عالميا، حيث يسمح موقعه الاستراتيجي بربط القارات الثلاث أسيا وأوروبا وأفريقيا كما يتمكن 70% من سكان العالم من الوصول إليه خلال 8 ساعات كحد أقصى وتبلغ مساحته 26.500 كلم2 ويمتد 460 كلم على ساحل البحر الأحمر.

نيوم سيعيش من أجل سعادة الإنسان وتطوره في شتى جوانب حياته، وبأمر الله قد نتمكن من شرب الماء من الهواء، وقد نصدر الطاقة غير الناضبة وقد نسافر بسرعة الضوء، وقد نصبح أصدقاء للجينات كي تخبرنا عن الأمراض قبل حدوثها، وقد ندمج عديدا من حبوب الأدوية في حبة واحدة، وقد نروي عطش الصحراء بماء البحر المالح، وقد ننفذ أعمالنا ونخزن بياناتنا من خلال الفراغ الذي حولنا من دون أي حيز مادي ملموس، وقد يستطيع المهندسون أن يعملوا في بيئة خضراء خالية من التلوث والشوائب، أصدقاء المهنة يستحقون الكثير.. مقالي القادم عن المهندسين وكادرهم المفقود.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال