شكلك فاهم يا نصة..!
سنابل موقوتة
سنابل موقوتة
الاثنين - 24 يونيو 2019
Mon - 24 Jun 2019
مشكلة الخوف من المستقبل أنه يفسد الحاضر حتى وإن كان الحاضر جميلا أو ورديا كما يقال مع تحفظي على ربط الجمال باللون الوردي.
وقلة المعلومات لا تختلف كثيرا عن وفرتها، كلاهما من أسباب الخوف من قادم الأيام. وفي هذه الأيام الكل يتحدث ويفتي وينظر في السياسة والاقتصاد والمعارك والقدرات العسكرية، وحين أقول «الكل» فإني أعني ذلك حرفيا. حتى ابني ذو الثماني سنوات كان يناقشني عن الحرب التي تدق طبولها في الجوار، ويقول إنه مؤيد للحرب التي لا يعلم من هم أطرافها على وجه التحديد إذا كانت الدراسة ستتوقف.
والحقيقة أن كثيرا من «الخبراء» الذين يظهرون على شاشات التلفزيون ويحدثوننا عن الحرب والسلام وموازين القوى لا يختلفون كثيرا في الأفكار التي يقدمونها عن طريقة التفكير التي يفكر بها ابني سالف الذكر، وهذا أمر باعث على التفاؤل في حفلة التشاؤم الصاخبة. ربما سيضمن له مكانا في المستقبل كضيف على الفضائيات. وإن كنت أعتقد أنه لا مبرر لانتظار المستقبل، يمكنه البدء من الآن.
آخرون يتعاملون مع الوضع كما لو أنه مباراة في كرة القدم، يتشوقون لبدئها ويكثرون في حساباتهم من القصائد والشيلات الحماسية لعل رأس ترمب «يشوش» وينقض على إيران ويحسم التأهل من مباراة الذهاب. دون أي اعتبارات لأي شيء آخر.
وهناك من يظن أنه لا بد أن يشارك حتى لا يحسب عليه أنه لم يدل برأيه في الأمر مع أنه مدرك أنه مثلنا لا يفهم شيئا مما يحدث.
إيران مؤمنة أن مصلحتها في كثرة الخراب، وتصديره لجيرانها وللعالم، هذا أمر واضح لا يحتاج لخبير استراتيجي، وأمريكا مصلحتها في أن تضمن عدم وجود ما يهدد إسرائيل، وهذا أمر أيضا لا يحتاج إلى خبير آخر.
وهذان أمران واضحان لدرجة أني أفهمهما، وأنا الذي أواجه صعوبة في فهم الأشياء.
ما بين هاتين المصلحتين من تفاصيل وخطوات وإجراءات وقراءات وتقاطع مصالح وتضارب أخرى هي الأمور غير المفهومة حتى لأولئك الذين لا يعانون من نفس مشكلتي في الفهم.
والذين يتكلمون عن هذه الإشكالية في الإعلام غالبا أحد فريقين، فريق يصلي باتجاه طهران كرها في مكة. وفريق يعتقد أن هزيمة إيران تكمن في أن تكون التحليلات والأخبار والبرامج لها طابع الشيلات الحماسية.
وعلى أي حال..
إحدى أمنياتي البسيطة ـ أنا وأمثالي من الدهماء ـ هي أن نفهم ونحن أحياء، واثقون أننا سنفهم كل شيء بوضوح بعد أن نموت، وستكون الحقائق مجردة واضحة يفهما كل الناس، لكننا نريد أن نجرب متعة الفهم في الحياة، فقد سمعنا أنها متعة متعبة أحيانا ونحن نريد التأكد بأنفسنا.. ليس إلا.
agrni@
وقلة المعلومات لا تختلف كثيرا عن وفرتها، كلاهما من أسباب الخوف من قادم الأيام. وفي هذه الأيام الكل يتحدث ويفتي وينظر في السياسة والاقتصاد والمعارك والقدرات العسكرية، وحين أقول «الكل» فإني أعني ذلك حرفيا. حتى ابني ذو الثماني سنوات كان يناقشني عن الحرب التي تدق طبولها في الجوار، ويقول إنه مؤيد للحرب التي لا يعلم من هم أطرافها على وجه التحديد إذا كانت الدراسة ستتوقف.
والحقيقة أن كثيرا من «الخبراء» الذين يظهرون على شاشات التلفزيون ويحدثوننا عن الحرب والسلام وموازين القوى لا يختلفون كثيرا في الأفكار التي يقدمونها عن طريقة التفكير التي يفكر بها ابني سالف الذكر، وهذا أمر باعث على التفاؤل في حفلة التشاؤم الصاخبة. ربما سيضمن له مكانا في المستقبل كضيف على الفضائيات. وإن كنت أعتقد أنه لا مبرر لانتظار المستقبل، يمكنه البدء من الآن.
آخرون يتعاملون مع الوضع كما لو أنه مباراة في كرة القدم، يتشوقون لبدئها ويكثرون في حساباتهم من القصائد والشيلات الحماسية لعل رأس ترمب «يشوش» وينقض على إيران ويحسم التأهل من مباراة الذهاب. دون أي اعتبارات لأي شيء آخر.
وهناك من يظن أنه لا بد أن يشارك حتى لا يحسب عليه أنه لم يدل برأيه في الأمر مع أنه مدرك أنه مثلنا لا يفهم شيئا مما يحدث.
إيران مؤمنة أن مصلحتها في كثرة الخراب، وتصديره لجيرانها وللعالم، هذا أمر واضح لا يحتاج لخبير استراتيجي، وأمريكا مصلحتها في أن تضمن عدم وجود ما يهدد إسرائيل، وهذا أمر أيضا لا يحتاج إلى خبير آخر.
وهذان أمران واضحان لدرجة أني أفهمهما، وأنا الذي أواجه صعوبة في فهم الأشياء.
ما بين هاتين المصلحتين من تفاصيل وخطوات وإجراءات وقراءات وتقاطع مصالح وتضارب أخرى هي الأمور غير المفهومة حتى لأولئك الذين لا يعانون من نفس مشكلتي في الفهم.
والذين يتكلمون عن هذه الإشكالية في الإعلام غالبا أحد فريقين، فريق يصلي باتجاه طهران كرها في مكة. وفريق يعتقد أن هزيمة إيران تكمن في أن تكون التحليلات والأخبار والبرامج لها طابع الشيلات الحماسية.
وعلى أي حال..
إحدى أمنياتي البسيطة ـ أنا وأمثالي من الدهماء ـ هي أن نفهم ونحن أحياء، واثقون أننا سنفهم كل شيء بوضوح بعد أن نموت، وستكون الحقائق مجردة واضحة يفهما كل الناس، لكننا نريد أن نجرب متعة الفهم في الحياة، فقد سمعنا أنها متعة متعبة أحيانا ونحن نريد التأكد بأنفسنا.. ليس إلا.
agrni@