فساد نظام الملالي يهدد بنزوح نصف السكان

الجمعة - 21 يونيو 2019

Fri - 21 Jun 2019

تعد حرب نظام الملالي على البيئة والناشطين في هذا المجال أحد أكثر الجوانب المدمرة لإرث إيران، فبدون تغييرات جذرية في سياسة إدارة المياه سيكون أكثر من نصف سكان إيران معرضين لخطر النزوح خلال السنوات الـ25 المقبلة.

ومع انشغاله بتمويل الإرهاب ودعمه، وبدلا من إجراء تغييرات، استجاب النظام الإيراني للأزمة البيئية الوشيكة بمضايقة الخبراء الذين سعوا لتقديم المشورة للحكومة بشأن السياسة السليمة، وقمعهم واعتقالهم، بل وقتلهم، وطبق بالفعل أساليب عنيفة لقمع احتجاجات المواطنين الذين يواجهون صعوبات، بما في ذلك نقص مياه الشرب وفقدان الأراضي الزراعية الصالحة للزراعة، بسبب سوء الإدارة البيئية للنظام.

وفي مواجهة أزمة بيئية متصاعدة، كان النظام يتصرف باستمرار وفق مصالحه الضيقة قصيرة الأجل المتصورة، وفشل في إدراك العواقب المدمرة للصحة العامة والأمن القومي، والتي أدت إلى سوء إدارتها، وباتت إيران تضيف إلى بيئاتها المجاورة وجيرانها عنصرا قابلا للاحتراق، يثير التوترات وعدم الاستقرار داخل إيران وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط.

خلقت الحكومة في إيران، بالتنسيق مع فيلق الحرس الثوري الإرهابي، أزمة بيئية طويلة الأمد وذاتية، رغم أنها مدفوعة جزئيا بتغير المناخ، إلا أنها نتجت بشكل أساسي عن الأخطاء السياسية وعدم الكفاءة وسوء الإدارة والفساد على أعلى مستويات النظام.

وبحسب الجارديان فرضت القيادة الإيرانية باستمرار سياسات زراعية وتصنيعية تهدف إلى إفادة الدوائر الانتخابية للنخبة التي سعى النظام إلى استرضائها. وفقا لذلك قام النظام بتحويل المياه والموارد الطبيعية الأخرى بعيدا عن الإيرانيين العاديين والمجتمعات الأكثر فقرا، والذين عانوا من عواقب بيئية غير متناسبة، مثل نقص المياه، وفقدان الأراضي الزراعية، والعواصف الرملية والترابية.

وأدت أخطاء السياسة الإيرانية إلى ظهور تحديات بيئية متعددة الجوانب، بما في ذلك المستقبل غير الآمن للمياه، والجفاف على نطاق واسع، والتصحر، وتدمير الأراضي الخصبة، وانخفاض جودة الهواء. ويمثل التدهور البيئي في إيران خطرا على الأمن القومي يحتمل أن يزعزع الاستقرار للجمهورية الإيرانية، لأنه يهدد التماسك الداخلي والصحة العامة والاقتصاد.

ألحقت القيادة الإيرانية أضرارا ببيئة البلاد التي يخشى عدد من الخبراء عليها من تداعيات إنسانية كارثية إذا استمرت في الاتجاهات الحالية، وبشكل مأساوي، نظرا للعوامل الهيكلية التي يتحملها الفساد إلى حد كبير، وفشل النظام الإيراني في الإقرار بجدية بالأزمة الوشيكة، ناهيك عن البدء في تكييف وتنفيذ التدابير التصحيحية الضرورية للغاية، والتي قد لا تكون كافية بالفعل في هذا المنعطف.

تحول جذري

مرت بيئة إيران بتحول جذري على مدار القرن الماضي، فمع تسارع النمو السكاني بين الخمسينات والسبعينات من القرن الماضي كانت للسياسات البيئية لإيران في عهد محمد رضا شاه بهلوي صفات إيجابية وسلبية، ولكن البيئة في إيران بعد الثورة تدهورت أكثر، ففي حين وضعت سياسات الشاه الزراعية المضادة للإنتاج الأساس لتدهور البيئة في إيران، فإن سوء الإدارة البيئية والفساد في نظام ما بعد الثورة أدى إلى تفاقم الوضع ووضعه على شفا الأزمة، وبحسب المجلس الأطلسي واجهت وتواجه إيران عددا من المشاكل البيئية وتعود أسبابها إلى:

النمو السكاني

العامل الأول الذي يؤثر سلبا على بيئة إيران منذ الثورة عام 1979 هو النمو السكاني السريع، فقد نما عدد سكان إيران بشكل كبير منذ مطلع القرن العشرين، حيث تسارع بشكل خاص منذ الثورة، ففي عام 1900 كان عدد سكان إيران أقل من 10 ملايين، ومنذ ثورة 1979 زاد بأكثر من الضعف، ووفقا لآخر تقدير صادر عن كتاب حقائق العالم الصادر عن وكالة المخابرات المركزية، فإن عدد سكانها الآن تجاوز 82 مليون نسمة.

الأولويات المتنافسة

لدى إيران عدد من أصحاب المصلحة في مجال البيئة، سواء داخل الحكومة في وزارة الطاقة أو وزارة الزراعة أو خارجهما في القطاع الخاص والأوساط الأكاديمية، الذين يدركون أفضل الممارسات البيئية، ومع ذلك، وبسبب الفساد وسوء الإدارة، سلكت إيران مسارا محفوفا بالمخاطر وأصبحت على شفا أزمة بيئية، وأدى التقاء الأخطاء السياسية المتداخلة من قبل الحكومة الثورية الإيرانية إلى الوضع الحالي.

سوء الإدارة الزراعية

كان هناك عامل آخر للتدهور البيئي هو إعطاء النظام الأولوية للاكتفاء الذاتي في إنتاج الغذاء منذ تأسيس إيران، فكرة الاستقلال الغذائي تتلاءم مع النموذج الثوري الإيراني المناهض للاستعمار الذي يتجنب الاعتماد على القوى الشرقية أو الغربية، كما زاد تفضيل الحكومة للاكتفاء الذاتي من الغذاء بالتوافق مع العزلة الدولية المتزايدة لإيران نتيجة للحرب الإيرانية العراقية أولا، وفي وقت لاحق، فرض عقوبات متزايدة على برنامجها النووي غير المشروع وانتهاكات حقوق الإنسان.

سعى الفلاحون والمزارعون النازحون إلى احتلال ومصادرة أراضي المزارع الكبرى التي تم إنشاؤها في عهد الشاه، واصفين مالكيها بأنهم غير إسلاميين، وأيد النظام الثوري ضمنا هذه التكتيكات وسارع في وصف أي نشاط لكبح جماح المزارعين بأنه معاد للثورة، لكن الاضطرابات عملت على إثناء المستثمرين المحتملين الذين كانت أموالهم ضرورية لتحديث القطاع الزراعي الإيراني.

شدد سوء الإدارة الزراعية على موارد المياه في البلاد، مما ينذر بمستقبل غير آمن للمياه بالنسبة لإيران، ومنح النظام إعانات مالية على إنتاج الأغذية واستهلاكها، مما دفع المزارعين إلى زراعة محاصيل مربحة، لكنها كثيفة الاستخدام للمياه، مثل القمح والأرز، والتي كانت غير مناسبة للمناخ في إيران، كما أدت بشكل مصطنع إلى زيادة الطلب على هذه المحاصيل وغيرها من المحاصيل الأساسية.

ودعمت إيران بشكل كبير الكهرباء وغاز الديزل للمزارعين، والذين استجابوا عن طريق تحويل مضخات الديزل وتركها على نحو سيئ، حتى عندما لم تكن حقولهم بحاجة إلى الري.

يعتمد المزارعون الإيرانيون إلى حد كبير على الري بالفيضانات، والذي يهدر حوالي 65 % من المياه المستخدمة، بدلا من الأساليب الأكثر كفاءة مثل الري بالتنقيط أو الزراعة المسببة للاحتباس الحراري، وكثيرا ما يقوم المزارعون الإيرانيون بري محاصيلهم خلال ساعات النهار، عندما يكون التبخر أعلى.

الحرس والسدود المتهورة

أدى الإفراط في بناء سدود الري وتوليد الطاقة الكهرومائية إلى تدهور البيئة في إيران، حيث سعت قيادتها الثورية بشكل عشوائي إلى تحويل المياه لصالح الدوائر الانتخابية المفضلة بغض النظر عن الآثار البيئية، وباتت السياسة الإيرانية الخاصة ببناء السدود المتهورة تنبع إلى حد كبير من رغبة المرشد الأعلى وحلفائه في استرضاء جيش النخبة الإيراني.

وعقب انتهاء الحرب، انتخب علي أكبر هاشمي رفسنجاني رئيسا، وكلف بمهمة إعادة بناء البلاد، وشجع رفسنجاني شركة «خاتم الأنبياء» على الشراكة مع حكومته لإعادة بناء إيران، وساهم توغلها في المؤسسات المدنية في توسيع نفوذها والمحفظة الاقتصادية لها، حيث بدأت في مشاريع إعادة الإعمار المربحة بعد الحرب. مدفوعا بأرباح خاتم الأنبياء، اضطلع الحرس الثوري الإيراني بدور كبير في عسكرة الاقتصاد الإيراني، حيث يعمل فعليا كدولة داخل دولة، ولا يخضع إلا للمرشد الأعلى خامنئي.

وفي حين تم بناء 13 سدا في عهد الشاه، قامت الحكومة الإيرانية التي خلفت الشاه ببناء أكثر من 600 سد في ما يقرب من أربعة عقود في السلطة، مما سرع بشكل كبير في التدهور البيئي الذي بدأ في عهد الشاه. إيران اليوم الدولة الثامنة عشرة الأكثر اكتظاظا بالسكان في العالم، والثامنة عشرة من حيث مساحة الأرض، والثالثة من حيث بناء السدود في العالم، وذلك بحسب موقع ذا تاور وواشنطن بوست.

الاحتجاجات البيئية

التدهور البيئي هو عامل بارز آخر أقل فهما يكمن وراء الاضطرابات الداخلية في إيران. فعلى الرغم من أن الاعتبارات البيئية نادرا ما تكون العامل المسبب والصريح وراء الاحتجاجات، يمثل نقص مياه الشرب أو المياه الزراعية رمزا قويا لفشل الحكومة في توفير الخدمات الأساسية للشعب الإيراني، فحوالي 85% من المظاهرات التي حدثت منذ استئناف الاحتجاجات حدثت في المناطق التي ضربها الجفاف ويوجد بها نقص في المياه بسبب السدود المفرطة، وكان عدد من هذه المظاهرات من بين الأكثر عنفا، بحسب رويترز.

- في يناير 2018، اشتبكت قوات الأمن الإيرانية مع المتظاهرين في قهديريجان، المدينة القريبة من أصفهان بشأن حقوق المياه، وألقى المتظاهرون قنابل مولوتوف على مركز للشرطة، مما دفع قوات الأمن إلى فتح النار، مما أسفر عن مقتل خمسة على الأقل.

- في يوليو 2018، أخمد النظام مظاهرات استمرت أربعة أيام في خرمشهر، وهي مدينة ذات أغلبية عربية في محافظة خوزستان الغنية بالنفط على الحدود مع العراق، وبحسب ما ورد قتل أربعة منهم.

- في أغسطس 2018، اندلعت احتجاجات ضد الحرس الثوري الإيراني في مدينة ماريفان، وهي مدينة في كردستان الإيرانية، بعد أن أشعل الحرس الثوري الإيراني حرائق الغابات من أجل طرد البيشمركة الكردية، وتوفي أربعة نشطاء بيئيين في الحريق، مما أدى إلى مظاهرات شارك فيها آلاف المحتجين.

الحرب وخبراء البيئة

التدهور البيئي في إيران الناجم عن فساد النظام، وعدم الكفاءة، وسوء إدارة السياسة البيئية ينطوي على مخاطر كبيرة على الصحة العامة والأمن القومي، فهناك عوامل مثل تلوث الهواء والماء، ونقص المياه، وفقدان الأراضي الزراعية تسببت في معاناة الإيرانيين في جميع أنحاء البلاد وجميع مناحي الحياة، ويواجه أولئك الذين بقوا في الخلف ظروفا غير مضيافة على نحو متزايد، وقد يتم تهجير ما يصل إلى 50 مليون إيراني في النهاية.

استهداف الناشطين والخبراء

إضافة إلى المتظاهرين الذين تأثروا بشكل مباشر بتدهور الظروف البيئية، حذر عدد من الخبراء والناشطين في مجال البيئة الإيرانيين من أن سوء إدارة النظام للموارد المائية والممارسات الزراعية والصناعية يضع الأمة على طريق غير مستدام ومأساوي، وبدلا من التصرف لاسترضاء المتظاهرين والناشطين والخبراء من خلال تعديل سياساته الضارة، تجاهل النظام الإيراني احتجاجاتهم ونصيحتهم، ورد بالقمع.

إن الحملة الإيرانية ضد النشطاء والخبراء البيئيين تتحمل الصراع على السلطة بين الفصائل العملية التي تمثلها إدارة الرئيس حسن روحاني، والنخبة الدينية المتشددة، والنخبة في الحرس الثوري الإيراني، الذين يمثلون العمود الفقري لدعم المرشد الأعلى خامنئي ويظلون وسطاء القوة الحقيقيين في المجتمع الإيراني. وأثبت الحرس الثوري الإيراني أنه يكره التنازل عن سلطته ونفوذه وثروته، وذلك بحسب رايدو فرادا وواشنطن بوست.

في يناير وفبراير 2018، اعتقل الحرس الثوري الإيراني 13 من خبراء البيئة ونشطاء الحفاظ على الحياة البرية، ووفقا لتقرير نشر في أحد مواقع المعارضة على الانترنت، قام الحرس الثوري الإيراني باعتقالات في يناير وفبراير بسبب معارضة المحتجين لجهود الحرس الثوري الإيراني لتثبيت صوامع الصواريخ والمعدات العسكرية ذات الصلة في مناطق الحفاظ على البيئة التي تحميها الأمم المتحدة.

حرب على البيئة

خلقت الحكومة في إيران، بالتنسيق مع فيلق الحرس الثوري الإرهابي، أزمة بيئية طويلة الأمد وذاتية، رغم أنها مدفوعة جزئيا بتغير المناخ، إلا أنها نتجت بشكل أساسي عن الأخطاء السياسية وعدم الكفاءة وسوء الإدارة والفساد على أعلى مستويات النظام.

وبحسب الجارديان فرضت القيادة الإيرانية باستمرار سياسات زراعية وتصنيعية تهدف إلى إفادة الدوائر الانتخابية للنخبة التي سعى النظام إلى استرضائها.

وفقا لذلك قام النظام بتحويل المياه والموارد الطبيعية الأخرى بعيدا عن الإيرانيين العاديين والمجتمعات الأكثر فقرا، والذين عانوا من عواقب بيئية غير متناسبة، مثل نقص المياه، وفقدان الأراضي الزراعية، والعواصف الرملية والترابية.

وأدت أخطاء السياسة الإيرانية إلى ظهور تحديات بيئية متعددة الجوانب، بما في ذلك المستقبل غير الآمن للمياه، والجفاف على نطاق واسع، والتصحر، وتدمير الأراضي الخصبة، وانخفاض جودة الهواء.

ويمثل التدهور البيئي في إيران خطرا على الأمن القومي يحتمل أن يزعزع الاستقرار للجمهورية الإيرانية، لأنه يهدد التماسك الداخلي والصحة العامة والاقتصاد.

ألحقت القيادة الإيرانية أضرارا ببيئة البلاد التي يخشى عدد من الخبراء عليها من تداعيات إنسانية كارثية إذا استمرت في الاتجاهات الحالية، وبشكل مأساوي، نظرا للعوامل الهيكلية التي يتحملها الفساد إلى حد كبير، وفشل النظام الإيراني في الإقرار بجدية بالأزمة الوشيكة، ناهيك عن البدء في تكييف وتنفيذ التدابير التصحيحية الضرورية للغاية، والتي قد لا تكون كافية بالفعل في هذا المنعطف.

  • الحرس الثوري قتل خبراء البيئة والناشطين وأشعل حرائق الغابات من أجل طرد البيشمركة الكردية

  • الجارديان: الحكام فرضوا سياسة تخدم دوائر النخبة الانتخابية

  • الشعب يواجه الجفاف والتصحر وتدمير الأراضي الخصبة

  • المحسوبية والمحاباة تقودان البلاد إلى تداعيات إنسانية كارثية

  • ري الفيضانات يهدر 65% من المياه ويؤدي للاحتباس الحراري