ليلى الشريف

مخطط عين شمس.. بين المدني والإسكان

السبت - 15 يونيو 2019

Sat - 15 Jun 2019

أعتقد أن سيول رمضان هذا العام 1440هـ وما نتج عنها من اقتلاع شديد وواسع للقنوات الصرفية المنفذة شمال شرق عين شمس (شمال مكة المكرمة)، والمثبتة بالتصوير المرئي، تعطي دليلا أكيدا على أن هناك مخاطر جمة يمكن أن تضرب مخطط عين شمس الجديد مستقبلا طالما أن البيئة واحدة والتكوين الجيولوجي واحد والمناخ واحد. فهل ما حصل شمال شرق عين شمس لا يمكن حدوثه في شرقها بمخطط عين شمس؟

بالتأكيد لا توجد ضمانات، والأمر يمكن حصوله في أي لحظة لا قدر الله.

ولكن لدينا فرصة كبيرة وعظة وفيرة بأن نعيد حساباتنا مع المخطط، فلدينا متسع من الوقت لنفهم على ضوء ما حدث في رمضان، ومن الواجب العودة لدراسات الدفاع المدني الموثقة والمحكمة بشكل جيد فهي الأفضل. وقد حرص الدفاع المدني على توثيقها وتحكيما ولعلها اليوم جاهزة للتنفيذ.

ولا شك أن موقع المخطط بالكامل ينذر بالخطر، فهو داخل تجمع مياه وتم اختياره هكذا! والقنوات الصرفية المنفذة اليوم لا تحتمل أبدا سيولا مماثلة لما جرى شمال شرق عين شمس في رمضان، فكيف المخرج؟

أما العبارات المواجهة للمخطط فهي اليوم بائسة ومنهكة ولا تحتمل حتى أصغر السيول وأقلها ضررا، فكيف لو ضربتها فحول السيول! ونتمنى من الدفاع المدني والإسكان وضع حل جذري لها حماية للمواطنين قبل كل شيء. ولا بد من إشراك الأرصاد وحماية البيئة في هذا التصور، فهم يعلمون اليوم أكثر من غيرهم ماذا حل بالمناخ من تغيرات هائلة. والحق أنهم أنجزوا تحذيرات واسعة ونبهوا وتم التعامل مع تحذيراتهم بجدية، خاصة من قبل المدني، وإشراكهم في أي دراسة مهم جدا حتى تتكامل الرؤية.

إن المسؤولية أصبحت اليوم بين يدي الإسكان بعد أن تحولت جميع المخططات بالمملكة إليها، فلم تعد البلديات اليوم معنية أبدا بما يعتري المخططات المستلمة من مسؤولية، ولديها ما يضمن سلامة موقفها، ولن تتحمل أي مسؤولية مستقبلا.

وقد سبق لي أن قرأت الملاحظات المنشورة في مقال تحت عنوان «ملاحظات الدفاع المدني على مخطط عين شمس» في هذه الصحيفة بالعدد رقم 340 بتاريخ 29 / صفر/ 1436هـ، وكان رائعا وقويا في طرحه، بدليل أن سيول رمضان هذا العام أثبتت للجميع صدق تلك الملاحظات.

وبعد مضي أكثر من أربعة أعوام نعيد قراءة هذه الملاحظات قراءة منهجية على ضوء ما حدث خلال رمضان من جوائح السيول غير العادية، وقد تثبت أن هناك تغيرا مناخيا واسعا يضرب العالم، ولسنا بمنأى عما حدث ويحدث حولنا.

إننا نخشى حدوث كارثة مستقبلا لا قدر الله إن جاءت سيول مماثلة، فهل يقبل المواطنون الأعذار وترديد (محاسبة المقصرين وإبداء الأسف)؟ إننا الآن نستطيع أن نبدأ ونضع الحلول، ولا داعي لاختبار قوة السيول وانتظار التجربة، فالمخطط ليس ميدان تدريب وتجريب،

والأرواح ينبغي الحفاظ عليها، خاصة أن أي مشروع تنموي مع رؤية 2030 لا نجده إلا مهتما بالسلامة والوقاية كشرط أساس ورئيس لا ينبغي التهاون فيه.

ونتمنى أن يطلع أي مطور عقاري بشكل مستقل على توصيات الدفاع المدني ودراساته التي تخدم المستقبل الإنشائي لهذا المخطط، وهي دراسات جاهزة ومن الممكن الاطلاع عليها، وتحرص مديرية الدفاع المدني على إشراكها دوما في المستقبل التخطيطي لأي مخطط. وحفظ الله الجميع.

الأكثر قراءة