عبدالغني القش

إجازاتنا.. غياب جهاتنا وضياع فئاتنا!

الجمعة - 14 يونيو 2019

Fri - 14 Jun 2019

هذه الأيام التي نعيشها كانت تسمى سابقا «عطلة»، وربما أضيف لها التوقيت فتوسم بأنها صيفية، وهي تسمية ممجوجة؛ لأنها تعطي إيحاء بتعطل الحياة، رغم المعرفة التامة بأنه ربما كان معناها أن تتعطل الأعمال والدراسة.

وتم تجاوز تلك التسمية إلى «الإجازة»، والتي تعني أخذ قسط من الوقت لإزاحة آثار التعب عن الجسد، وتجديد طاقة القلب والروح، وبث التجديد، وكأنها فرصة لاستجماع القوى مرة أخرى، وتهيئة النفس للانتقال من مرحلة إلى أخرى، خاصة بعد مضي وقت طويل من بذل الجهد والإنهاك الجسدي.

وكلمة «إجازة» ذات وقع سحري محبب للنفوس، فالكل ينتظرها من وقت لآخر، لكسر حالة الملل، والتخلص من المسؤوليات الدورية والروتينية. والشعور الجيد تجاه الإجازة لا يعني مطلقا تفضيل الكسل وعدم الجدية، والرغبة في الهروب من الواجبات، بل هي حالة طبيعية تعكس مطالبة أجهزة الجسم بالتوقف قليلا لشحن الطاقة من جديد.

إلا أن من المؤسف أن يحولها البعض للنوم والكسل، فهما يكسران فرحة القلب بالإجازة ويجعلان الجسد يمر بفترة خمول لا فائدة ترتجى منها، والمفترض أن تكون الإجازة فرصة للاستفادة من أيامها ولياليها بعمل العديد من الأنشطة.

وفي إجازة الصيف يمكن التفرغ لتنمية الهوايات الشخصية، وبالنسبة للشباب يمكنهم الالتحاق بالمعاهد التدريبية والنوادي الصيفية، وهنا تتجدد الطاقات الكامنة، وتنمى المواهب الدفينة بما يعود بالنفع على الشاب والشابة، وبالتالي ينعكس ذلك على المجتمع.

إن أهم ما يميز الإجازة امتلاكنا للوقت فيها، والذي يمكن أن نوظفه بطريقة نستفيد فيها منه، ونربي الجيل على ذلك، فمن المعروف أن الإجازة هي وقت فراغ، وعلى الناشئة الاستفادة من وقت الفراغ وكيفية قضائه في النافع المفيد، وكما قال الشاعر فإن الوقت أعنى ما عنينا بحفظه، ونراه أسهل ما علينا يضيع!

هذه الإجازة لا ينبغي أن تكون عطلة من العمل والاجتهاد، فليس في الحياة تعطل، وإنما سعي دائم وعمل مستمر، فالراحة والاستمتاع بالإجازة مطلوبان بالطبع، لكن بالابتعاد التام عن الأثر السلبي، فتجد عقلك في نهاية الإجازة لا يعمل مثل السابق، فالعقل كأي شيء آخر يحتاج إلى التمرين المستمر.

وهنا أتساءل عن دور الجمعيات والجهات بشقيها الحكومية والخيرية تجاه شبابنا وفتياتنا في قضاء مثل هذه الإجازة، وإسهامها في خدمة المجتمع من باب المسؤولية المجتمعية، وتتسع دائرة السؤال لتصل للشركات الكبرى والمؤسسات والبنوك بشكل خاص، وما قدمته للمجتمع الذي تقوم على أكتافه!

إن الواقع لا يوحي بتحرك فعال وترتيب مسبق، لإشغال الإجازة بكم من البرامج الإبداعية والنوعية، فالجيل يحتاج لأشياء مبتكرة، بعيدة عن التكرار الممل.

إذا ما استثنينا وزارة التعليم ومراكزها الصيفية، مع المطالبة بتعزيزها وإمدادها بالطاقات والأدوات والآليات الحديثة لتتم الإفادة منها بشكل أكبر، فإن جميع الجهات مطالبة بالإسهام في تعزيز قدرات هذا الجيل.

أما جامعاتنا فهي غائبة عن المشهد، وفي وضع يحتاج لمراجعة، فالجيل يحتاج اهتماها ورعايتها في الصيف.

وصندوق تنمية الموارد البشرية ليس لديه من البرامج ما يفي بطموحات الشاب والفتاة ويحقق تطلعاتهما.

مراكز الأحياء يفترض أن تسهم في أن يقضي الشاب والفتاة أوقاتا ماتعة في المركز من خلال توفير كل الإمكانيات لهم. وملاعب الأحياء اعتراها الخراب لضعف الصيانة.

وعلى شبابنا العمل بجد دون كلل، والبعد عن الكسل، وأذكر أن وزارة العمل كانت توظف الطلاب في الإجازة بمقابل جيد لاكتساب الخبرة، فلماذا غابت عن المشهد، وأوكلته لغيرها؟

ورسالة للتجار ورجال الأعمال والموسرين لتوسيع مجال ما يقدمونه للجهات الخيرية والجمعيات المعنية، وجعل تلك الهبات أكثر مرونة بحيث تستطيع الجهة إقامة البرامج النوعية للشباب والفتيات، وألا يحصروها في باب واحد.

فهل يأتي اليوم الذي نرى فيه إجازاتنا وقد تحولت لخلية من البرامج والتدريب وإشباع الرغبات وصقل الهوايات؟

[email protected]