عبدالمجيد الرفاعي

المتاحف العلمية ورؤية 2030

الخميس - 13 يونيو 2019

Thu - 13 Jun 2019

المتاحف إحدى سمات المجتمعات المتحضرة ثقافيا، كونها من أبرز أدلة التوثيق الثقافي والعمراني والاجتماعي للشعوب. وتهتم حكومة المملكة اهتماما خاصا بالمتاحف والعمل على تطويرها من خلال الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، والتي بجهودها الملموسة أعادت كثيرا من المتاحف للحياة لكي تقوم بدورها السياحي والثقافي. كما أن رؤية المملكة الطموحة 2030 تهدف إلى زيادة أعداد المتاحف السعودية في جميع أرجاء الوطن، ولعل هذه الزيادة لا تقتصر على المتاحف الثقافية فحسب، وإنما تشمل تأسيس المتاحف العلمية كما هو منتشر في كثير من دول العالم المتقدم، مثلما تعرف بمتاحف الطبيعة ومتاحف العلوم والمتاحف الطبية.

هذه المتاحف العلمية تعد مصدر دخل اقتصادي ومعلما سياحيا وترفيهيا، إضافة إلى أنها تسهم في نشر المعرفة العلمية بين أفراد المجتمع وتساعد على بناء اقتصاد معرفي.

يقودني هذا الأمر إلى اقتراح بعض أنواع المتاحف العلمية التي قد يكون للسعودية السبق في إنشائها في الوطن العربي، وكذلك يعزز دورها العلمي والحضاري، ومنها:

- متحف البترول السعودي (الطاقة): السعودية من الدول الرائدة في مجال الطاقة، خاصة البترول والغاز. وقصة اكتشاف البترول يجب أن تروى لهذا الجيل والأجيال القادمة. فلذلك هناك حاجة ماسة لإنشاء متحف البترول السعودي الذي سيسهم في توثيق رحلة التنقيب والحفر وقصص النجاح التي تحققت. فمثلا يتم عرض الأدوات والأجهزة التي استخدمت في حفر أول بئر بترول في السعودية، وكذلك عرض أجهزة التنقيب والحفر القديمة والحديثة. ويمكن محاكاة مراحل حفر وتكرير البترول بتقنية الواقع الافتراضي. وكذلك تأسيس سينما البترول لتعرض عبرها الأفلام الوثائقية والمواد المصورة.

- متحف جيولوجيا السعودية: السعودية حباها الله بتضاريس متنوعة وفيها سلسلة جبال السروات وطويق والحرات البركانية، كما أنها تنقسم جيولوجيا إلى الدرع العربي والرصيف القاري العربي وحرات العصر الثلاثي والسهل الساحلي للبحر الأحمر. هذا يجعل جيولوجيا السعودية فريدة من نوعها، حتى أصبحت مجالا خصبا للدراسة وللاستثمار الاقتصادي. هذا التنوع في الشكل والتركيب الجيولوجي بحاجة إلى متحف نموذجي يعرض فيه التاريخ الجيولوجي للسعودية، إضافة إلى عرض جميع أنواع الصخور مزودة ببطاقات تعريفية لكل نوع. وكذلك يمكن عرض المعادن التي تشتهر بها السعودية في هذا المتحف.

- متحف الطبيعة السعودية: الجزيرة العربية تزخر بتنوع حيوي كبير من الكائنات الحيوانية والنباتية في البيئات البرية والبحرية، وكذلك توجد كثير من الأحافير لهذه الكائنات الباقي منها والمنقرض. لذلك هناك ضرورة لتأسيس متحف الطبيعة السعودية لحصر هذه الكائنات وحفظها وتصنيفها وعرضها بطريقة علمية جذابة. ويكون هذا المتحف مرجعا علميا عالميا لكل المهتمين بدراسة الطبيعة السعودية.

ويمكن الاستفادة من تجارب الدول التي لديها مثل هذا النوع من المتاحف كالمملكة المتحدة مثلا، حيث لديها متحف تاريخ الطبيعة الشهير (The Natural History Museum) في العاصمة لندن. إضافة إلى أن الجامعات السعودية تزخر بأساتذة متخصصين يمكن الاستفادة من خبراتهم. ولعل مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بالتعاون مع وزارة التعليم تتبنيان هذا النوع من المتاحف التي ستسهم في بناء مجتمع يهتم بالعلوم والمعرفة.

- المتاحف البحرية: السعودية لها تاريخ بحري كبير، خاصة في السفن التجارية وقوارب الصيد وحياة الغوص والبحث عن اللؤلؤ، فهي تطل على ساحلي البحر الأحمر والخليج العربي، واللذين يعدان من أشهر السواحل الغنية بالتنوع الحيوي الفريد، حيث تتميز سواحل البحر الأحمر بالشعاب المرجانية الرائعة والتنوع الحيوي الكبير، ويتميز الخليج العربي باللؤلؤ وصناعته،إضافة إلى الكائنات البحرية.

تأسيس متحف الحياة البحرية في السعودية أو تأسيس متحف البحر الأحمر ومتحف الخليج العربي من أجل عرض السفن القديمة والقوارب وأدوات الصيد التقليدية، إضافة إلى عرض الكائنات البحرية التي تتميز بها منطقتنا بطريقة علمية سيسهم في الجذب سياحي وتصنفيها كمعالم حضارية.

هذه أمثلة على المتاحف العلمية التي سيكون لها دور تعليمي وحضاري واقتصادي، لتكون إضافة للمعالم السياحية التي يتميز بها الوطن. ولعل هذه المتاحف تكون نواة لتأسيس متاحف أخرى تحمل الطابع العلمي نفسه ولكن أكثر تخصصا.

Abdulfahad20@