عبدالله المزهر

وحدوها...!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأربعاء - 12 يونيو 2019

Wed - 12 Jun 2019

حين استطاع توم هانكس إشعال النار في أحد أجمل مشاهد فيلم Cast Away ـ أو منبوذ ـ كان سعيدا ويركض كالمجنون لكنه وجد أن فرحته لا معنى لها لأنه لم يجد من يشاركه تلك السعادة، فالفرح يحتاج شركاء دائما، والإنجاز والعمل الجميل لا معنى له إذا لم يسمع به أحد، ولذلك اخترع «ويلسون» الشخصية التي صنعها من كرة طائرة، لتكون صديقا أو شريكا في فرحه واحتفاله.

الفيلم جميل حقا، لكن الحديث عنه لم يكن هو الهدف الذي من أجله فتحت هذه الصفحة لأكتب مقالا، وقد لا يكون الرابط قويا بين ما أريد قوله وبين قصة الفرحة في الفيلم، لكنه أقرب ما خطر في ذهني لحظة أردت الكتابة عن بعض الخدمات أو البرامج التي تقدمها بعض الجهات، وسوء التسويق للخدمة يعني فشل الخدمة نفسها مهما كانت متقنة ومفيدة.

ما الفائدة أن يكون لدى الدفاع المدني ـ على سبيل المثال ـ تطبيق لم يصل إلى الناس بالشكل الذي يجعله تطبيقا مفيدا، ولا أظن أنه من المجدي أن يلجأ الدفاع المدني إلى اختراع «ويلسون» من كرة طائرة ليشاركه الاحتفاء بالتطبيق.

وأظنكم لاحظتم جميعا كيف تفاعل الناس مع خدمة «فرجت» التي قدمتها إدارة السجون رغم بعض التحفظات على آلياتها، وعلى الثغرات التي قد تغري البعض بتجارة «الاستدانة». كان التفاعل رائعا أكثر مما كان متوقعا، وأظن الكثيرين لا يعلمون أن وزارة الإسكان تقدم خدمة مشابهة للمساعدة في تملك الأسر المعوزة لمنازل، ويوجد تطبيق آخر لدى الهيئة العامة للزكاة والدخل. والفارق بين التطبيقات الثلاثة رغم تشابه فكرتها الأساسية، وهي «مد يد العون للمحتاج»، يكمن في القدرة على التسويق الصحيح الذي يؤدي لنجاح الفكرة.

وفي ذات السياق والخدمات والتطبيقات والأرقام فإن الكثرة قد تؤدي إلى انعدام الفائدة، وزحام التطبيقات والأرقام يعني التشتت، فأنا لم أحفظ رقم هاتفي الشخصي إلا بعد مرور عشر سنوات على اقتنائه، ولم أستطع حتى هذه اللحظة حفظ أرقام المرور وأمن الطرق والهلال الأحمر والمباحث والدفاع المدني وحماية البيئة والصحة والزراعة والبلديات وبقية قائمة الثلاثة أرقام. ولا أعتقد أني سأفعل ذلك مستقبلا، ولا أفهم السر في الترويج لكل هذه الأرقام مع وجود رقم موحد (911)، والذي أظن أنه هو أيضا من ضمن الخدمات التي لم تسوق بشكل صحيح وفعال.

والأمر ينطبق على التطبيقات. وجود تطبيق موحد فيه كل الخدمات أفضل لمقدم الخدمة وللمستفيد منها وأرحم لمساحات التخزين في الهواتف.

وعلى أي حال ..

وفي سياق آخر، أقدر وأحترم وأجل كثيرا كل الذين يتطلب عملهم أن يحتكوا بشكل مباشر مع أناس في وضع كارثي، كالأطباء والممرضين ورجال الدفاع المدني والمسعفين. هذه أعمال نبيلة وعظيمة، ويكمن نبلها وعظمتها في أنهم يتقبلون ردود الفعل الغاضبة والحزينة ويشاهدون الانكسار والألم والفقد والخسارة ويحاولون احتواء ذلك إضافة إلى احتواء الكارثة أو الحادثة نفسها. إنهم بشر استثنائيون، لكن هذا لا يعني أن نقد عملهم جريمة!

agrni@