فهيد العديم

الصحوة.. نقد أم انتقام؟

الأربعاء - 12 يونيو 2019

Wed - 12 Jun 2019

في الفترة الماضية أضحى مصطلح الصحوة هو الأكثر تداولا، سواء عند النخب أو الشارع، وكما لا يخفى على أحد فإنه لا يأتي إلا في سياق سلبي، والسؤال المطروح - أو المفترض أن يُطرح - هو: من هم الذين يمثلون الصحوة؟ ولأنه لا توجد أطروحات جادة تؤصل وتؤرخ، وأغلب ما أثير هو مقالات صحفية، أو برامج تساير مزاج الشارع وتساير عاطفته، فإن مصطلح الصحوة أصبح تتقاذفه التيارات والأحزاب والجماعات الدينية، فكل جهة ترميه على الأخرى على سبيل الشتيمة والتأليب، وأصبح كثير ممن يستخدمون المصطلح يقصدون فيه الإخوان المسلمين والسرورية، وهذا يعني ضمنا تبرئة بقية التيارات، فيما البعض يستخدم المصطلح ويقصد به كل المتدينين في الفترة منذ نهاية السبعينات الميلادية إلى العهد القريب جدا.

الأمر الآخر هو أن البعض يتحدث عن الصحوة بصيغة الماضي، بل ويتحدث عن وفاة الصحوة، وهذا تجن وتسرع واضح في إطلاق الأحكام، فلا يمكن للأفكار أن تموت بهذه السرعة، حتى وإن أعلن أصحابها التبرؤ والتراجع عنها، بل إن بعضهم أعلن أن (صحوي) وظهر متراجعا ونادما على ذلك، كي يضمن وجوده في دائرة الضوء، رغم أن من عاشر تلك الفترة (وهي قريبة على أية حال) يعلم أنه لم يكن أكثر من (بياع) كلام، كما هو الآن، وهناك من استفاد منها - الصحوة - وهي في عز توهجها، ويستفيد الآن من ضرب جثتها، وضرب الميت ليس حراما على الدوام.

ربما أنه ما زال من المبكر الحديث عن الصحوة وتاريخها - أو هكذا أعتقد - فكل حديث عنها الآن يأتي ناقصا وكأنه يبدأ من المنتصف، وكأن الجميع يلمح لأسرار يعرفها الجميع، والكرة هنا في ملعب الباحثين الجادين، رغم أن لقب (باحث) أصبح ليس بعيدا عن لقب (إعلامي) يحمله كل من يريد أن يقدم به في الأماكن والمنابر.

والمشكلة أن تأريخ مرحلة الصحوة - حتى الآن - يقوم به الإعلام، والإعلام لا يستطيع أن ينفصل عن رغبة الشارع وتوجهه، والأمر الآخر أن كل باحث لا يمكن أن يصف من يشاركونه الأفكار بأنهم صحويون، فأصبح الكل يرمي الصحوة (كتهمة) على الإخوان، والإخوان بالتأكيد ليسوا أبرياء، لكن أيضا ليسوا وحدهم المذنبين، ففي فترة نفوذهم التصق بهم كثيرون قد لا يكونون مؤمنين بأفكارهم، لكن طمعا في الاستفادة من نفوذهم الكبير الذي نعلمه جميعا، فمن كان جزءا منهم ولو لم يكن مؤمنا بأفكارهم لا ينبغي له أن يقدم نفسه على أنه كان ضدهم وضد أفكارهم، مستغلا المصطلح الفضفاض أو الذي جعلوه فضفاضا كي يتسنى للجميع أن يتبرؤوا منه، فقبل أن نشتم الصحوة يجب أن نعرف ما هي، الأمر يتعدى أن يكون تصفية حسابات بين خصوم الماضي!

Fheedal3deem@