صواريخ إيران الباليستية.. لعب بالنار

صواريخ إيران تصب الزيت على النار
صواريخ إيران تصب الزيت على النار

الاحد - 02 يونيو 2019

Sun - 02 Jun 2019

فيما تزداد شكوك المجتمع الدولي تجاه برنامج الصواريخ الإيراني الذي ينتهك كل المواثيق العالمية، جاء اعتراف مساعد ومستشار المرشد الإيراني يحيى رحيم صفوي الذي نقلته وكالة الأنباء الألمانية أمس، بأن جميع السفن الحربية الأجنبية في المنطقة في مرمى الصواريخ الإيرانية، ليصب الزيت على النار من جديد، ويحول الشكوك إلى يقين بشأن المخالفات الجسيمة التي يرتكبها نظام الملالي الإرهابي، ويبرهن على أن الردع والحزم وفرض العقوبات القاسية هي السبيل الوحيد لإعادة النظام إلى صوابه.

جاء تحذير صفوي الصادر عبر وكالة «فارس» الإيرانية، ليلفت الأنظار إلى برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني التي تسربت إلى أيدي وكيلهم الحوثي الإرهابي في اليمن، وتحولت إلى مصدر للقلق والتوتر لكل جيرانهم، ولعب بالنار في ظل أجواء مشحونة.

ورغم ضربات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية لمنصات إطلاق هذه الصواريخ والبنية التحتية لها، إلا أن وجود هذا البرنامج وتطويره من قبل طهران، وتهريبه إلى وكلاء الشر في عدد كبير من دول العالم يبقى هاجسا عالميا، ومصدرا ثابتا للإرهاب والدمار.

صواريخ إيران

منذ التوقيع على الصفقة النووية لخطة العمل الشاملة المشتركة، يواصل برنامج الصواريخ الباليستية لطهران تهديدا خطيرا للولايات المتحدة وحلفائها ومصالحها الاستراتيجية في الشرق الأوسط. أجرت إيران تجارب على إطلاق الصواريخ الباليستية ذات القدرة النووية عشر مرات على الأقل منذ يوليو 2015، وعلى الرغم من قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي تمت الموافقة عليه بالإضافة إلى الاتفاق النووي، الذي يدعو إيران صراحة إلى الامتناع عن هذا النشاط. لم تظهر إيران أي علامات على إبطاء تطوير برنامجها للصواريخ الباليستية، والذي يرتبط ارتباطا وثيقا ببرنامجها النووي.

كانت الصواريخ الباليستية طويلة المدى دائما من الناحية التاريخية مطورة في برنامج أسلحة نووية، واستثمرت إيران بكثافة في برامجها الصاروخية والفضائية وتبذل قصارى جهدها لجعلها أكثر فاعلية وتشغيلية.

الدمار الشامل

تقوم إيران بتطوير قدرات الصواريخ الباليستية على أساس أنظمة الأسلحة أو الأسلحة الكورية الشمالية أو الصينية منذ أوائل الثمانينات، وخلال حربها الطويلة ضد العراق في الثمانينيات، قيل إن إيران أطلقت أكثر من 600 صاروخ باليستي.

ووفقا لتقرير تقييم التهديدات العالمية لعام 2016 الصادر عن مجتمع الاستخبارات الأمريكي، فإن صواريخ باليستية الإيرانية قادرة بطبيعتها على إيصال أسلحة الدمار الشامل، وتمتلك طهران أكبر مخزون من الصواريخ الباليستية في الشرق الأوسط.

وبحسب محلل مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية عبدالله طوقان، ترى إيران أن «قدراتها الصاروخية وسيلة لتعويض أوجه القصور في القوات التقليدية، وكذلك وسيلة لضرب أهداف ذات قيمة عالية مع القليل من التحذير، مثل المراكز السكانية، والقوات المدعومة من الغرب في المنطقة، بما في ذلك القواعد الأمريكية في الخليج».

على هذا النحو، تلعب الصواريخ الباليستية دورا أساسيا في عقيدة الحرب الإيرانية غير المتماثلة، ونظرا لتأكيد إيران على برنامجها الصاروخي، فمن الواضح أن إيران تعد ترسانة صواريخها الباليستية من بين أهم أصولها باعتبارها رادعا ونفوذا على كل من المناطق الإقليمية الأخرى.

التهديد الإقليمي

هددت إيران الأصول الأمريكية في منطقة الخليج في مناسبات متعددة، ولا يعد تصريح صفوي أمرا جديدا، ففي 10 مايو 2016، حذر قائد الحرس الثوري الإيراني بأن قواته ستغرق السفن الحربية الأمريكية إذا كانت تشكل أدنى تهديد إقليمي للبلاد، وقال «أينما نظر الأمريكيون في الخليج العربي، فسوف يروننا»، لدى الحرس الثوري الإيراني منشآت تحت الأرض تضم صواريخ وسفن أرض-بحر.

كما هدد العميد أمير علي حجي زاده قائد سلاح الجو في الحرس الثوري الإيراني بأن «جميع القواعد العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط تقع في نطاق صواريخ الحرس الثوري الإيراني». هناك منشآت عسكرية أمريكية رئيسة في المنطقة بما في ذلك قاعدة بحرية كبيرة في البحرين.

أنظمة الدفاع الخليجية

تشكل ترسانة إيران من الصواريخ الباليستية تهديدا لجيرانها العرب في الخليج العربي، ووفقا لمؤسسة التراث «تشكل صواريخ إيران الباليستية تهديدا كبيرا للقواعد الأمريكية وحلفائها من تركيا وإسرائيل ومصر في الغرب، إلى المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى في الجنوب، وصولا إلى أفغانستان وباكستان من الشرق»

صعدت إيران تهديداتها ضد الجيران العرب في الخليج العربي منذ التفاوض على خطة العمل المشتركة، وتمثل جغرافية الخليج المحصورة، إلى جانب ترسانة إيران الضخمة من الصواريخ الباليستية القصيرة والمتوسطة المدى، مجموعة فريدة من التحديات الدفاعية، ويمكن أن تصل صواريخ باليستية قصيرة المدى وصواريخها إلى الهدف في غضون ست دقائق أو أقل، مما يترك القليل من الوقت لاكتشافها وتعقبها واعتراضها.

وقال خبير الفضاء الجوي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية دوغلاس باري، إن دول الخليج تشعر بقلق عميق من الصواريخ الإيرانية، وأضاف «إذا كنت تجلس في لندن، فربما لا يبدو ذلك عقلانيا جدا، ولكن إذا كنت جالسا في البحرين أو السعودية، فسيبدو الأمر عقلانيا جدا».

وكرد فعل لهذا التهديد الصاروخي، تستثمر دول الخليج مليارات الدولارات في أنظمة الدفاع الصاروخي المتقدمة المصممة لحماية مدنها من أي هجوم من إيران، من الكويت في المياه الشمالية للخليج إلى الإمارات العربية المتحدة على مضيق هرمز، تقوم خمس دول خليجية بتركيب أو تحديث دفاعات صاروخية مقدمة من الولايات المتحدة.

تهديد أمريكا وأوروبا

بالإضافة إلى التهديد الإقليمي، هناك تهديد عالمي ناشئ يمثله برنامج الصواريخ الإيراني، ويخشى وكيل وزارة الخارجية الأمريكي السابق للحد من التسلح والأمن الدولي روبرت جوزيف من أن «الصواريخ متوسطة المدى وطويلة المدى، وخاصة الصواريخ من طراز ICBM قيد التطوير، يمكن أن تجعل المدن الأمريكية والأوروبية رهينة في المستقبل».

وأشار المدير السابق لوكالة الاستخبارات الدفاعية الجنرال مايكل فلين، إلى أن الجيل القادم من الصواريخ، سيشمل قذائف صاروخية قادرة على مهاجمة الوطن الأمريكي، وفقا لخبراء الملاحة الجوية تل إنبار «يمكن لصاروخ إيراني جديد طويل المدى أن يضرب مدنا في أوروبا الشرقية وجنوب أوروبا ويغطي جزءا كبيرا من شمال أفريقيا».

يمكن للصواريخ الباليستية الإيرانية متوسطة المدى أن تصل بالفعل إلى أوروبا، وبالتالي توفر الأساس المنطقي للنهج التكيفي المرحلي الأوروبي، المصمم للتعامل مع التهديد الذي تشكله الصواريخ الباليستية الإيرانية القصيرة والمتوسطة المدى للأصول الأمريكية والأفراد والحلفاء في أوروبا.

يقول نائب وزير الدفاع الأمريكي روبرت وورك «إن الولايات المتحدة تعد بحماية حلفائها في الناتو من تهديد الصواريخ الباليستية الإيرانية، طالما استمرت طهران في تطوير مثل هذه القدرات»، ولطالما بررت الولايات المتحدة خططا طويلة الأمد لقواعد اعتراض الصواريخ في رومانيا وبولندا كضمانة ضرورية ضد إيران.

رؤوس نووية

إضافة إلى برنامجها الصاروخي، تعمل إيران بنشاط على تطوير قدرة إطلاق فضاء، مرتبطة مباشرة بتطويرها لعابرة القارات، كما يوضح المدير السابق لـ DIA، الفريق فلين، فإن المركبات الفضائية الإيرانية توفر «لطهران الوسائل والحافز لتطوير صواريخ بعيدة المدى، بما في ذلك الصواريخ الباليستية العابرة للقارات».

في 22 أبريل 2016، قيل إن إيران حاولت إطلاق صاروخ جديد بعيد المدى لوضع قمر صناعي في المدار، أطلقت إيران بنجاح أربعة أقمار صناعية (2009 و2011 و2012 و2015) تستخدم أيضا تقنيات مماثلة مطلوبة لصاروخ من طراز ICBM.

مع استمرار إيران في تحسين تكنولوجيا الصواريخ الباليستية وتوسيع نطاقها، يبقى التهديد الخطير للوطن الأمريكي وحلفائنا في الناتو والشرق الأوسط، تسليح الصواريخ الباليستية ذات الرؤوس النووية، إلى جانب الشراء الإيراني المستمر للمعدات النووية والصاروخية، تعززت المخاوف العالمية والإقليمية من عدوان إيران وطموحاتها النووية.

في حين أن هناك نزاعا مستمرا حول ما إذا كانت إيران تنتهك JCPOA بشكل مباشر من خلال اختبارات الصواريخ الباليستية، تظل الحقيقة أن مثل هذه الصواريخ ستكون الطريقة الوحيدة الصالحة لإيران لإطلاق أسلحة نووية، حيث تشعر الدول المحيطة بالتهديد الكافي لأنها اتبعت أنظمة دفاع صاروخي مكلفة لحماية نفسها.

تصريحات صفوي

حملت تصريحات مساعد ومستشار المرشد الإيراني يحيى رحيم صفوي رسالة مبطنة إلى أوروبا بأن تتحد لوقف أي ضربة أمريكية على طهران، مثلما حملت محاولات خداع جديدة واستعطاف للولايات المتحدة الأمريكية، حيث نقلت وكالة «فارس» الإيرانية، قوله «أول طلقة تطلق في الخليج العربي سترفع سعر برميل النفط إلى أكثر من مئة دولار، وهو أمر لا يطاق بالنسبة لأوروبا وأصدقاء الولايات المتحدة مثل اليابان وكوريا الجنوبية»، وأضاف «للأمريكيين أكثر من 25 قاعدة عسكرية في أنحاء المنطقة، ويوجد في هذه القواعد أكثر من 20 ألف عسكري، والأمريكيون يعلمون جيدا أن هذه القوات في مرمى صواريخنا، كما أن كل الأسطول الأمريكي والأجنبي بالخليج في مرمى صواريخ ساحل -بحر التابعة للقوة البحرية للحرس الثوري».

وتوقع صفوي ألا يدخل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب حربا ضد بلاده وقال «يضفي الطابع الاقتصادي على الأمن، ولن يدخل أبدا أي حرب إن لم تكن فيها جدوى اقتصادية»، مدعيا أن ترمب «يعلم أن أي حرب مع إيران ستنتهي بهزيمته العسكرية وتكلفه نفقات اقتصادية كبيرة».

وتابع مستشار المرشد «الأمريكيون لم ولن

يكونوا أوفياء مع أي من عملائهم، وإيران هي الجارة الدائمة، ولو فكرت دول المنطقة بعقلانية فإنها لن تقبل بهيمنة أمريكا التي وصفتهم بالبقرة الحلوب»، وجدد اقتراح بلاده بإبرام معاهدة عدم اعتداء مع بعض دول المنطقة.