أحمد الهلالي

قمم مكة صفعات للوهم الإيراني!

السبت - 01 يونيو 2019

Sat - 01 Jun 2019

أهنئ قيادتنا الحكيمة بنجاح القمم المكية الثلاث، وما نتج عنها من نتائج إيجابية، أهمها تأكيد الموقف الخليجي والعربي والإسلامي إدانة الاعتداءات على السعودية والإمارات، وتأييدهما في كل الإجراءات التي تتخذانها لحماية أمنهما، ثم موقف القمم من قضية فلسطين التي أعطاها خادم الحرمين الشريفين الصدارة في كلمته الافتتاحية للقمة الإسلامية، مؤكدا موقف المملكة الراسخ، وتمسكها بقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، ورافضا لكل إجراء خارج هذا الإطار.

هذه القمم المهمة جدا، تأتي أهميتها لما تمر به منطقتنا العربية من لحظات حرجة، وتهديدات مستمرة، وجاءت تأكيدا على وجودنا، فأول المراهنات الإيرانية كانت على انقسام القرار الخليجي، فجاءتها الصفعة أن كل الخليجيين اجتمعوا وأجمعوا على إدانتها وتأييد موقف المملكة والإمارات، ثم جعلت الرهان على انقسام الدول العربية، لكنها أيضا تلقت صفعة الإدانة العربية، وقد جاءت لهجة الخطاب العربي حاسمة أكثر من أي وقت مضى، إذ دعا إلى التوقف عن كل أنشطتها المزعزعة للأمن، وصرح محذرا بالردع، وحتى إن بدا موقف العراق قلقا ومرتبكا، بين كلمة الرئيس برهم صالح، واعتراضه الأخير بأنه لم يوافق على صيغة القرار لكنه يظل ضمنيا في حظيرة القرار العربي، فقد قال برهم «أمن السعودية من أمننا»، لكن النفق الذي دخله العراق بفعل أتباع طهران يحتاج وقتا حتى يستطيع الخروج منه، والانحياز إلى عروبته بقرار كامل صريح.

ثم جاءت القمة الإسلامية بالصفعة الثالثة، مؤكدة إدانة الاعتداءات الإيرانية، لتجد إيران نفسها وحيدة، لا صدى لها إلا في أذرعها الإرهابية الواهنة، وفي قناة الجزيرة القطرية التي آمن العرب بفقدانها مصداقيتها، وعلى كل، فالنظام الإيراني يدرك الآن أنه في العراء، فهو يرزح تحت عقوبات اقتصادية صارمة من جهة، ومن جهة أخرى تحدق به أخطار الحرب الأمريكية، وقد خسر بمعاداة السعودية كل ما كان يعول عليه.

ليعلم الإيرانيون وأتباعهم الضالون أن استجابة كل الدول الخليجية والعربية والإسلامية لدعوة خادم الحرمين الشريفين في وقت قياسي، وتأييد العالم الإسلامي للسعودية، لم يأتيا من فراغ، فالعالم أجمع يعلم أن السعودية داعية سلام، وليست دولة معتدية، في كل عصورها، ولها إسهاماتها العظيمة في وحدة الصف العربي والإسلامي، فهي راعي المصالحة اللبنانية، والمصالحة الأفغانية، والمصالحة بين السلطة الفلسطينية والفصائل، ولها جهودها الجبارة في المصالحة بين الهند وباكستان، وكثير من المواقف البيضاء التي تؤكد نقاء السياسة السعودية واهتمامها البالغ بعمقها العربي والإسلامي، وعلى النقيض من ذلك، ماذا لدى إيران غير الخراب والدمار وزرع الميليشيات الإرهابية في كل أرض تدخلها؟

من جهة أخرى فمع كل ما تفعله إيران في المنطقة العربية، إلا أن خادم الحرمين الشريفين فرّق بين النظام الإيراني والشعب؛ لإيمانه العميق أن الشعب الإيراني مغلوب على أمره، ولا يوافق على سياسات وأفعال نظام بلاده العدوانية، ولعلمه أن كثيرا من أبناء ذلك الشعب يتألمون تحت خط الفقر، وسعير القهر، وأموال بلادهم ومقدراتها لا تصرف على تنمية وطنهم، بل تتمتع بها ميليشيات إرهابية مسلحة في الخارج، لا فائدة ترجى منها ولا جدوى إلا أحلام ستتبخر رغما عن أنف النظام الإيراني.

قمم مكة الثلاث، بزمانها ومكانها، والظرف التاريخي الذي دعا للطارئ منها، والزخم الإعلامي المصاحب لها، لامست وجدان كل عربي لم يتلوث بالطائفية والحزبية، وبرهنت على أن العرب أمة حية، وإن بدا للناظر من بعيد أنهم متفرقون، إلا أن القوارع والنوائب توحدهم، فلا يهنأ العربي الأصيل عيشا وأخوه يضام، وبرهنت أن المسلمين جميعا مهما كانت الظروف والأحوال، يرون السعودية خطا أحمر، والمساس بها بمثابة المساس بالعالم الإسلامي، ولعمري لقد ترجموا هذا في اجتماعهم، وشعر به كل عربي ومسلم غيور على عروبته ودينه ومقدساته.

دأب حكيم العرب سلمان، وكل حكام بلادنا يرحمهم الله، على أن تظل السعودية قدوة في الرزانة والتعقل، محافظة على وحدة الصف العربي والإسلامي، لها ثقلها السياسي المؤثر، داعية للسلام والوئام والاستقرار والنماء على مستوى المنطقة والعالم، وإن فرضت عليها الأزمات، فلديها القدرة على الردع بحزم وعزم يعيد إلى الباغي رشده، والسلام.

ahmad_ helali@