طلال الحربي

الأحواز قضية عربية

الاحد - 26 مايو 2019

Sun - 26 May 2019

يبدو حتى الآن أن استعراض العضلات والحملات الإعلامية لن يؤدي إلى حرب بين الولايات المتحدة وإيران، إلا أذا حدثت مفاجآت لم تكن في الحسبان. ما يجري حتى الآن لعبة سياسية قذرة تجري في الخفاء والعلن وتشارك فيها أطراف عربية وأوروبية وصهيونية تهدف إلى حماية المصالح وتعزيز مناطق النفوذ والاعتراف بالأدوار وتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية.

تقول السياسة المعلنة للإدارة الأمريكية إنها لا تريد حربا مع إيران، ما تريده الولايات المتحدة بحسب تصريحات مسؤوليها هو «تعديل» سلوك النظام الإيراني ليتخلى عن مخططاته للتغلغل في المنطقة العربية والعبث بأمنها واستقرارها ومقدراتها وسلامة أراضيها وشعوبها.

وبالتأكيد أن ذلك سوف يستغرق وقتا طويلا حتى لو صدقت النوايا، لأن تعديل سلوك تلميذ متنمر يحتاج إلى جهد كبير من الطفل وذوي المصلحة، وقد لا ينجح إذا لم يكن التلميذ مستعدا لذلك، فما بالك بسلوك نظام مارق لا يخفي نواياه لتصدير أفكاره الطائفية المريضة، بل حتى التخطيط لاحتلال دول الخليج العربية بعدما نجح بتطويقها من خلال أدواته وعملائه في مثلث الشر الممتد من العراق وسوريا ولبنان واليمن.

في الوقت الذي يجري فيه شد خيوط هذه اللعبة، يبدو المعسكر المعرض للتهديد والغزو الإيراني- دول مجلس التعاون الخليجي- فيه اختلافات، بل إن بعض الدول فيه تقول «اللهم نفسي» وبعضها تحافظ على قنوات اتصال علنية وخفية مع هذا النظام.

دول المجلس لا تستطيع درء الخطر الإيراني بمفردها، بل إن بعضها قد يتوهم أنه في مأمن من هذا التهديد طالما أنه موجه في الأساس ضد المملكة، وهذا أمر معلن في تصريحات كل المسؤولين الإيرانيين. فإيران لا قيمة لها من دون الولاية على الأماكن المقدسة في مكة والمدينة التي تتشرف قيادة المملكة بخدمتها، وقد حاول إسماعيل الصفوي ذلك بالتآمر مع ملك البرتغال إيمانويل الثاني في مطلع القرن الـ 16، حيث ولت جيوشهما إلى جدة وبر نجد.

مع استبعاد الخيار العسكري، يبقى على المخططين الاستراتيجيين أن يعدوا خطة معاكسة للرد على التهديدات الإيرانية من خلال دعم الحركات المطالبة بالاستقلال أو الحكم الذاتي، ومن ذلك المطالبة باستقلال إقليم الأحواز العربي الذي احتلته إيران عام 1925.

الأحواز العربية هي الأرض العربية الثانية المحتلة بعد فلسطين، وهذا ما يظهر التشابه بين العصابات الطائفية التي تتحكم بمصير الشعب الإيراني والصهيونية العالمية التي تحتل أرض فلسطين العربية الإسلامية.

تمثل الأحواز أو عربستان 90% من مخزون الثروة الإيرانية، خاصة النفط، وشعبها يتعرض لحملة إرهاب وإفقار وإقصاء وطمس للهوية أمام سمع وبصر العالم الغربي اللا مبالي.

لذلك، على الذين يؤمنون حقيقة بخطورة التهديد الفارسي الطائفي أن يتفقوا على خطة لإعلان الأحواز منطقة «حظر طيران» مثلما فعلوا في العراق والبوسنة وليبيا. وعليهم أن يدعموا مطالب شعب الأحواز بالاستقلال أو الحكم الذاتي على أقل تقدير مثلما فعلوا مع أكراد العراق، بل وتقديم الدعم المالي والعسكري والإعلامي لهذه المعارضة، وألا يخذلوهم مثلما فعلوا مع المعارضة السورية.

وربما يكون أضعف الإيمان هو طرح قضية استقلال الأحواز أمام الأمم المتحدة ومجلس الأمن، فإذا كانت إيران لا تتوقف عن نشر شرورها الطائفية في المنطقة العربية، والحوثيون في اليمن مثال على ذلك، فلماذا يحرم على العرب أن يفعلوا مثلها؟

نتمنى على قيادتنا أن تثير هذه القضية في القمتين العربية والخليجية المقبلتين، وعندها سوف «يميز الخبيث من الطيب» والذين يريدون مقاومة الخطر الفارسي من الذين يتآمرون معه!